سعد هجرس

الرجل الذى لم يعرف كلمة "لا"

الأربعاء، 11 أبريل 2012 09:57 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أحمل ضغينة شخصية ضد السيد عمر سليمان، ولو أنه كان قد اكتفى بالتقاعد والاهتمام بشئون الأحفاد، لما فكرت فى الكتابة عنه بالخير أو الشر، لكن الرجل لم يكتف بالسنوات التى قضاها فى العمل "العام" فى كنف الرئيس المخلوع حسنى مبارك، ولم يكتف بمعاملته معاملة "خاصة" حالت دون مشاطرته للرئيس السابق قفص الاتهام بعد إجباره على التنحى، بل شاء أن يقفز إلى السباق الرئاسى فى آخر لحظة.

ولا نجادل فى حق الرجل فى أن يسعى إلى الجلوس على كرسى الرئيس الآمر الناهى، بعد أن ظل يلعب دور الرجل الثانى المنفذ للأوامر سنوات وعقود، لكن من حقنا أن نقوم بتقييم هذه الخطوة فى سياقها التاريخى والموضوعى.

وهنا لابد أن نذكر السيد عمر سليمان ونذكر أنفسنا بأن هذه البلاد شهدت ثورة اندلعت شرارتها فى 25 يناير 2011، أجبرت حسنى مبارك على التخلى عن سلطاته، وهذه الثورة لم تكن مجرد صرخة غضب ضد شخص حسنى مبارك بالإضافة إلى شخص ولده جمال وإنما كانت – ولاتزال – ثورة ضد "نظامه" السياسى والاقتصادى والاجتماعى والثقافى، وهى بهذا المعنى أيضاً ثورة ضد قيادات أجهزة نظام حسنى مبارك المدافعة عنه وعن سياساته، وفى مقدمة هؤلاء – بالضرورة – السيد عمر سليمان نفسه الذى كانت وظيفته الأساسية هى حماية وتأمين نظام تحالف الاستبداد والفساد وحماية وتأمين رئيس هذا النظام أولاً وأخيراً.

ومن الغريب أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أولا، ثم البرلمان ذى الأغلبية الإسلامية ثانياً، لم يهتما بتنفيذ إرادة الشعب الثائر، وتركا الحبل على الغارب لأعوان مبارك بالاستمرار ليس فقط بعيداً عن دائرة العقاب والقصاص بل بالاستمرار أيضا فى الإمساك بمقاليد الأمور فى البلاد.

ورغم ثرثرة البرلمان ضد نظام مبارك، فإنه لم يصدر تشريعاً يمنع أعوان مبارك من الاشتغال بالسياسية لسنوات قادمة، خمسة أو عشرة، وكانت النتيجة أن رأينا عمر سليمان الذراع الأيمن لحسنى مبارك يتأهب للحلول محله وكأن شيئاً لم يكن، وكأن ثورة لم تندلع شرارتها على ضفاف النيل.

إذن هناك رفضا مبدئيا لمجرد اشتراك عمر سليمان – أو غيره من أعوان مبارك – فى السباق الرئاسى، وليس فى هذا تناقضا مع الديمقراطية، لأن أى تجربة ديمقراطية تبدأ باستبعاد من شاركوا فى إفساد الحياة السياسية وفرض الاستبداد على الشعوب.والى جانب هذا الرفض المبدئى يوجد رفض موضوعى لكل المسوغات التى يتم ترويجها لتسويق عمر سليمان فى هذه الانتخابات.

ويكفى أن نتذكر اعتراف الرجل نفسه فى البيان الذى برر به عودته إلى الضوء، والذى قال فيه بالحرف "النداء الذى وجهتموه لى أمر وأنا جندى لم أعص أمراً طوال حياتى. فإذا كان هذا الأمر من الشعب المؤمن بوطنه فلا أستطيع إلا إن ألبى هذا النداء".

حسناً... نحن رأينا بأعيننا أن من شاركوا فى المظاهرات "الحاشدة" التى طالبته بالترشح لم يزيدوا عن بضعة مئات، لكن دعنا من ذلك ولنتأمل اعتراف عمر سليمان بأنه لم يعص أمراً طوال حياته، هذا فى حد ذاته أكبر مبرر لرفض تأييده لأن من نريده رئيسا اليوم هو الذى قام بالعصيان لأوامر حسنى مبارك ونظام الاستبداد، وليس من قام بتنفيذ مشيئته الفاسدة طيلة ثلاثين عاماً.
وكل هذا ليس فى صالح رجل يمثل ترشيحه إيذانا بتصفية الثورة والإجهاز عليها.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة