يبدو أن رحيل قداسة الباب شنودة عن دنيانا جعل البعض يعتقد أن قرار عدم زيارة القدس انتهى بوفاة قداسته وقام بتنظيم رحلات إلى القدس، ولكن ما لا يعرفه هؤلاء أن قرار الباب الراحل لا يلغى إلا بقرار من البابا القادم هذا أن كان هناك نية فى الرجوع عن القرار.
فقرار البابا شنودة رحمة الله بعدم زيارة القدم كان قرار وطنى من الدرجة الأولى، قرار حافظ على الحقوق الفلسطينية من الضياع التام. فهذا القرار قضى على آمال وأمانى الدولة اليهودية فى التطبيع فى محيطها العربى بالرغم من المحاولات الكثيرة التى قامت بها الدولة اليهودية منذ توقيع اتفاقية السلام إلى الآن. فكل القرارات البابوية سارية المفعول على الأقباط إلا فى حالة ما أصدر البابا القادم قرار بغير ذلك وهذا ما أكد عليه الأنبا باخوميوس القائم بأعمال بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بأن الكنيسة ملتزمة بالقرارات الحكيمة التى اتخذها قداسة الباب الراحل الأنبا شنودة الثالث فى ما يخص زيارة الأقباط إلى القدس.
والمعروف عن الشعب المصرى بأنه شعب متدين بالفطرة، أقباطاً ومسلمين. وتدينهم الشديد يدفعهم إلى زيارة الأراضى المقدسة بكثرة التماسا للبركة. فالمسلمون المصريون أكثر شعوب الأرض زيارة إلى الأراضى المقدسة فى السعودية ويبذلون الغالة والنفيس من أجل هذه الزيارة والأقباط حريصون جداً على زيارة الأديرة والأماكن التى عاشت فيها خلال رحلة هروبها من الملك الشرير هيروديس والتى أراد أن يقتل الطفل يسوع هذا التدين بدفعة إلى زيارة الأماكن المقدسة أكثر من مرة، لأن الأماكن المقدسة لها من الروحانية والسحر والجمال التى تدفع البعض إلى زيارتها باستمرار.
وهذه الرحلات يمكن ترجمتها إلى تطبيع كامل وهو الأخطر على العلاقة بين العرب وإسرائيل فى ظل عدم الوصول إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية وفى حالة ما حدث تطبيع فهو يعنى انتهاء الصراع العربى الإسرائيلى لصالح إسرائيل، فعدم التطبيع حافظ ومازال يحافظ على القضية الفلسطينية، بالإضافة إلى ملايين الدولارات التى سوف تتدفق إلى الخزانة الإسرائيلية وبالتالى تنعش الاقتصاد الاسرائيلى المنتعش أساساً.
فالتطبيع مع العرب يظل هدفا من أهداف إسرائيل لأنه سوف يخلخل الصف العربى ويفتت وحدتهم، وقد ظهر ذلك عقب توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عندما حدثت مشاكل بين مصر وباقى الدول العربية وأصبحت مصر وحيدة فى محيطها العربى وأدى إلى تقليص دور مصر الإقليمى والدولى، بالإضافة فإن إسرائيل تسعى إلى محاصرة مصر أفريقياً والتأثير على حصة مصر من المياه وهو ما بدءنا فى الانتباه إليه.
لذا فقد سعت إسرائيل من خلال عملية السلام إلى التطبيع مع مصر لتحقيق هذه الأهداف فقد قيل بأن الرئيس السادات طلب من قداسة البابا أن يزور خمسين ألف قبطى القدس سنوياً وهو ما رفضة قداسة البابا ورد عليه بأن (الأقباط لن يكونوا خونة العرب) فزيارة القدس تطبيع والتطبيع خيانة للقضايا العربية العادلة فى استرجاع وتحرير الأراضى الفلسطينية المحتلة من الدولة اليهودية لقد كان البابا واعيا لما كان يحدث وقادر على رؤية المستقبل وما يمكن أن يحمله لمصر وللأقباط من مشكلات الوطن والأقباط فى غنى عنها. وللذا فقد كانت قراراته حكيمة جداً وكان قوياً بدرجة جعلته قادر على الوقوف أمام رئيس الدولة الذى لم يكن له من الرؤية على استشراف ورؤية المستقبل ودفع البابا الثمن لمعارضة الرئيس السادات الذى قام بتحديد إقامته فى دير الأنبا بيشوى.
أعزائى القراء.. أن الأقباط جزء من نسيج الوطن ووحدة هذه الوطن مرتبطة بوحدتهم وما حدث من قيام البعض بتنظيم رحلات إلى القدس لا ينبغى أن يمر مرور الكرام. فيجب اتخاذ موقف حازم ليس من الزائرين وإنما من الذين قاموا بتنظيم هذه الرحلات. فالمنظمون لعبوا على وتر العاطفة الدينية ورغبة فى التمتع بزيارة الأماكن التى عاش فيها المسيح والتبرك بها. فالأسباب التى على أساسها اتخذ قداسة الباب قرار منع الأقباط من السفر إلى القدس لم تتغير على الإطلاق بل أن الوضع زاد سوءاً فى ظل عملية تهويد مدينة القدس والتى تجرى على قدم وساق، والتى يجب الوقوف ومحاربتها بكل قوتنا وبكل الوسائل الممكنة، واحد هذه الطرق عدم زيارة القدس. نقطة أخيرة أحب أن أشير لها وأذكر كل قبطى بها وهى أن مصر أرض مقدسة. فكل الأنبياء أتوا إلى مصر. أتوا طالبين الحماية أتو لأنها أرض عظيمة وشعبها طيب وعظيم، شعب كان ومازال شعب مضياف ومحب للغرباء. أتى إليها أبو الأنبياء إبراهيم أتى إليها يوسف عبداً فأصبح سيداً وحاكماً، كانت تكرم الجميع، كانت السيدة بين الأمم. أتى إليها يعقوب والأسباط عندما كان الجوع منتشر فى ربوع الأرض، فأطعمت الجميع، علمت موسى النبى علومها وحكمتها. أخيراً وليس آخر كانت المرفأ الأمن والحماية للمسيح وللعائلة المقدسة عندما أراد الملك الشرير قتله. علينا أن نعرف وندرك أن مصر أرض مقدسة. أن نعرف أن جنة الله على الأرض هى مصر. وليس أى بلد آخر. فإن أردنا أن نرى المسيح ونلمسه فكل ما علينا إلا أن نزور الأماكن التى زارها وعاش فيها وهى كثيرة، فعلينا أن نطيع قرار أبانا قداسة الباب شنودة ونكون وطنيين مثلما كان، فهو لم يزور القدس فلقد كانت مصر أرض مقدسة وسوف تظل إلى أبد الأبدين. ونأمل بأن يزور البابا القادم مدينة القدس مع فضيلة الأممام الأكبر شيخ الأزهر، وهى كانت أمنية قداسة الباب شنودة الثالث.
عدد الردود 0
بواسطة:
فايز
كل واحد حر
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو احمد السعوديه
عتاب للاخوه المسيحيين
عدد الردود 0
بواسطة:
جلال
مجرد رأى !