المهتم بالشأن العام فى مصر يعلم مدى المأزق الحالى التى تعيشه جماعة الإخوان المسلمين منذ تنحى مبارك حتى وقتنا هذا.
ربما السبب فى ذلك أن الجماعة وجدت نفسها فى موضع صدارة المشهد السياسى فجأة، ولم تكن تعمل حسابا له فى يوم من الأيام. وكان ذلك سببا فى اهتزاز العديد من مواقفها السياسية، الرعشة التى أصابت الجماعة تجلت فى موقفين كبيرين الأول هو عدم قدرة ذراعها السياسى حزب الحرية والعدالة تشكيل حكومة ائتلافية، وذلك لحصوله على نسبة 47% من إجمالى مقاعد البرلمان، لكن لا مانع عندها من التهديد بسحب الثقة من حكومة الجنزورى، ثم ما يلبث أن يهدأ ذلك التهديد!.
الموقف الثانى الذى أظهر مدى تأرجح الجماعة وارتعاشها هو موقفها من مرشح الرئاسة، فحتى الآن لم تستقر الجماعة على مرشح بعينه، وكل يوم ترجئ اسم مرشحها الذى ستقوم بدعمه، بالرغم من وجود مرشح تنطبق عليه المعايير التى أعلنت عنها الجماعة فى أى مرشح حتى يحظى بتأييدها له من حيث كونه يؤمن بالفكرة الإسلامية ولا يكون من العسكر ولا يحسب على النظام السابق وإصرارها على عدم انتمائه لأى تيار سياسى إسلامى. هذه المعايير والشروط لا تنطبق إلا على مرشح واحد فقط من الموجودين الآن على الساحة هو الدكتور محمد سليم العوا. السؤال المطروح الآن على الجماعة هو لماذا لا تعلن جماعة الإخوان المسلمين عن دعمها له، خاصة أنه قامة وطنية كبيرة؟
أعتقد أن السبب فى ذلك أن الجماعة تعيش فى حالة توهان سياسى وعدم اتزان لتصدرها الموقف فى وقت هى غير مستعدة له، مما جعل غالبية مواقفها يبدو عليها الاهتزاز والتأرجح. ولأنها تتصدر القوى السياسية ووصفها بقوة التنظيم والوجود فى الشارع من جانب الإعلام. جعلها تعيش حالة من التعالى والكبر والنشوة بالانتصار، مما عظم صورتها بطريقة كبيرة جعلها تشعر بالخوف من اخفاقها فى أى معركة سياسية تخوضها، ولأن الدكتور سليم العوا، المرشح المحتمل للرئاسة، تبدو أسهمه قليلة فى الشارع السياسى مقارنة بغيره من المرشحين المحسوبين على التيار الإسلامى، تخشى الجماعة الوقوف بجانبه لأنها ارتأت أن فرص نجاحه ضعيفة وإذا ما سقط فى الانتخابات الرئاسية فإن السقوط سيصيبها هى الأخرى أمام الرأى العام وسيظهر حجمها الطبيعى بعد أن بولغ فيه، إن صحت وجهة النظر هذه فنحن إذا على بداية الطريق لمشروع استبدادى قادم لا يقل ديكتاتوية عن الحزب الوطنى المنحل، لأن خوف الجماعة من الهزيمة فى أى معركة سياسية سيجعلها تقوم حال وصولها للحكم بعمل المستحيل من اجل عدم هزيمتها مطلقا وهذا لن يتأتى إلا بالطرق غير المشروعة من تزوير للانتخابات والاعتقالات والتشويه لرموز المعارضة..الخ من طرق ووسائل مخالفة للديمقراطية كان يقوم بها النظام السابق لأنه من المعلوم فى أى نظام ديمقراطى توجد الهزائم والانتصارات لأى فصيل سياسى، فلا يوجد منتصر دائم أو منهزم دائم، فالأيام دول.
لذلك أقول للإخوان المسلمين إن الأيادى المرتعشة لا تأخذ قرارا صائبا ولا تصنع مستقبلا واعدا وأن من يريد التكويش دائما أو تصدر المشهد دائما هو أول الخاسرين وخير مثال على ذلك الحزب الوطنى المنحل، فما الضير أن تنجح الجماعة فى بعض معاركها السياسية وأن تخفق فى بعضها الآخر؟. لا يوجد أمامكم حتى الآن وربما مستقبلا خيار غير الدكتور سليم العوا تنطبق عليه جميع معاييركم لدعمه، فلا ترتعشوا ولا ترتجفوا وخذوا قراركم.
كما ينبغى عليكم من الآن فصاعدا أن تثقوا الله فى أنفسكم فأنتم أقرب للحكم الآن من أى وقت مضى ولو سرتم على نفس هذه الطريقة من التفكير والتأرجح فى المواقف التى تحتاج الجد والحزم سيطلق عليكم ساعتها جماعة الإخوان المرتعشين لا جماعة الإخوان المسلمين.
عثمان محمود مكاوى يكتب: الإخــــوان المرتعشـــون
الأحد، 01 أبريل 2012 01:02 ص