إن التغيير سُنة الحياة وما يصدر عن النفس البشرية أكبر دليل على هذه الحقيقة.. فربما كنت بالأمس سعيداً ومستبشراً بينما تداهمك اليوم الشجون المصاحبة لأحداث الحياة التى لا مفر منها.
وربما حققت اليوم أحد أهدافك ففرحت وشعرت بلذة النجاح، فى حين لم يحالفك التوفيق فى وقت سابق فحزنت وتألمت.. وربما تثق فى الآخرين فتكتشف من بينهم من يخدعك ويحتال عليك فتكتوى بنار الخديعة والمكر، بينما تسعد بإخلاص المحبين لك وتفانيهم فى مساعدتك.. وربما يؤلمك كراهية البعض لك وتطير فرحاً بمحبة غيرهم وقربهم منك.. وقد يحاول البعض الإلقاء بك فى جُب مظلم لا مخرج منه، فى حين يأخذ آخرون بيدك لتصل إلى بر الأمان.. وأحياناً تجد أنياب الحسرة على ما فاتك تحاول افتراسك فتقف لتتأمل الماضى باستسلام وأسى، وأحياناً أخرى تتملكك الدافعية لتحقيق الآمال من أجل عيون المستقبل المشرق.
وربما تسوقك الأقدار إلى ما لا تهوى نفسك وقد تكتشف فيما بعد أن صلاح حالك فيما حدث.. هكذا الحياة نجاح وفشل، فرح وحزن، ثقة وخيانة، ألم وأمل، تآلف ونفور، عطاء ومنع، لقاء وفراق، حقيقة ووهم.. وكل هذه المتناقضات وغيرها تصاحبها أحداث سارة وأخرى قاسية لابد من استيعابها، وإدراك معناها وتوقع وجودها ومحاولة تجاوزها وإلا صارت نفسك هى عدوك اللدود الذى يأخذك إلى نقطة السكون حيث السلبية والخضوع لسطوة المشكلات، التى تعترض طريقك.. فمهما كانت قيمة ما فات ومهما كانت صعوبة الظروف والتحديات فهذه ليست النهاية، فلتبدأ من جديد ولا تترك نفسك أسيرة تقاسى أغلال اليأس، فهناك بداية جديدة طالما توجد حياة ولابد أنك ستصل طالما تستمر فى السير، ولابد أن ضعفك سيتحول إلى قوة طالما استخدمت طاقاتك وإمكاناتك المعطلة وأعدت قراءة خارطة طريقك فتداركت الأخطاء وصححت المسار وتعلمت ألا تلتفت إلى الوراء.
