أكرم القصاص - علا الشافعي

أيمن نور

السجن.. مدرسة

الجمعة، 09 مارس 2012 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى 29 يناير 2005 جردت من حصانتى فى دقائق، وخلعت من مقعدى «البرلمانى» لحبس احتياطى طويل.

فى 5 ديسمبر قرر القاضى «عادل» عبدالسلام جمعة إعادة حبسى احتياطيا، ولم أر النور من يومها!! ولأربع سنوات

فى 24 ديسمبر، ومن داخل سجنى أصدر حكمه الذى أكسبنى لقبا جديداً - لأول مرة فى حياتى - وهو لقب «سجين».. لا داعى للتفاصيل والخفايا، فلا التفاصيل تضيف شيئاً، ولا الخفايا تكشف شيئاً!!

كل الأمور كانت مكشوفة، وكل الخفايا كانت معلومة حتى إن مأمور السجن الأسبق لم يجهد نفسه فى أن يحرر بياناتى على تلك الاستمارة الخاصة بالمعتقلين والمحبوسين، انتظاراً لما سيسفر عنه يوم 24 ديسمبر، بل وضعها فى البداية على استمارات «المحكوم عليه» وقبل الحكم.

أذكر تفاصيل ذلك اليوم، فالصمت كان مخيما على السجن، خليط بديع الصنعة من الألم، والمرارة!! ذكريات نحيلة تمر أمام عينى.

قررت أن أقطع هذا الصمت، أن أواجهه، أن أكسره، بعبارات قليلة ظللت أرددها ومازلت أذكرها وهى:

أنا لم أقتل «!» لم أسرق «!!» لم أظلم «!!» لم أخالف قانوناً «!!» لم أخالف ضميرى أو قناعتى «!!» لم أمارس إلا حقى «!!» لم أصفق لما ينبغى أن أعارضه «!!» لم أرفض يوماً ما ينبغى أن أقبله «!!» لم أقدم يوماً أى انتماء على انتمائى لهذا الوطن «!!» لم أقس على ضعيف «!!» ولم أظلم بريئاً «!!»

أحيانا أسأل نفسى: ماذا تعلمت من السجن؟ أقول لكم: علمنى السجن أن أقرأ أكثر وأكثر.
وأعظم كتاب قرأته فى السجن هو «السجن» «!!»

أول درس تعلمته ألا تفقد للحظة حريتك، أو إيمانك بحقك المقدس فيها، فالسجن «فكرة» إما أن تسجنها أو تسجنك!! علمنى السجن أيضاً أن أستمتع بالسيئ من الأحداث والأنباء فالأسوأ قادم «!!»

علمنى السجن أن الظلم يأتى سريعا وعلى عجل، بينما العدل يأتى بطيئاً وعلى مهل.. لكنه حتما يأتى.. ولابد أن يأتى!! علمنى أيضاً.. أنك قد تكون مظلوماً، ولكن قطعا، لست المظلوم الوحيد.

علمنى السجن أنه لا سر فى السجن، سرك فى صدرك، أو أعلنه للجميع بنفسك.. فالنتيجة واحدة!!

تعلمت ألا أفرح بتحسن أخلاق وسلوك السجان، فهذا يعنى تدهور أحوال السجن وحقوقك فيه!!
فالأجواء الصافية هى الأوقات التى لم تأت بعد!!

ووراء كل سجان عاقل يعرف الله آخر مجنون لا يعرف شيئاً!! الخصم الذكى أندر عملة - لا يصرح بدخولها رسميا- لكنها موجودة!!

الصديق الوفى رقم صعب لكنه غير مستحيل.
المرض مسؤولية كل مريض.
والموت هو أن تكتشف: ألا طريق.. ألا أمل.. ألا عمل.. ألا شىء محتمل!!
والسجن هو نصف موت.. وليس نصف حياة!!
والعبادة المخلصة أعظم تعويض، يضاف لرصيد أماناتك بالمجان!!

تعلمت أن الألسنة التى لا تتحدث إلا كذبا، يهينها الاعتراف بصدق غيرها!!
تعلمت أن احتمال جرعات الظلم «اليومى» ثمن زهيد لحفاظك على لياقتك الذهنية والسياسية!!
تعلمت أن الانتقام ممن ظلموك هو ثمرة ستسقط بين يديك دون أن تهز جذع النخلة.
تعلمت أن الانتقام ممن ظلموك «طبق رائع» لكنه لا يؤكل إلا بارداً «!!»
تعلمت أن «العام» بالنسبة للمظلوم ليس 12 شهراً بل 77 مليونا و760 ألف ثانية.

«يوم».. المظلوم ليس صباحاً وظهيرة، ومساء بل هو ليل طويل جداً.
ساحة الظلم للمظلوم هى الطاقة السحرية التى توّلد داخله حبا جارفاً للعدل.
وساحة الظلم للظالم هى الطاقة السحرية التى توّلد داخله خوفا جارفاً من العدل.

تعلمت أن يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم عند المظلوم.
تعلمت أن أنام وعينى منتبهة، أدعو من عينه لا تغفل ولا تنام.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

د. محمد عبد الفتاح

الحياة اهم من السجون

عدد الردود 0

بواسطة:

اسلام..النماس

ا.ايمن.نور

عدد الردود 0

بواسطة:

dr hend

نور ...

عدد الردود 0

بواسطة:

منى

هما الفلول اجازة النهاردة ولا ايه؟

صيحيح انهارده الجمعة :))))

عدد الردود 0

بواسطة:

سامح عبد الرحمن

لكل ظالم نهاية

الظلم اخرته وحشه اوي

عدد الردود 0

بواسطة:

مصري قرفان

شر البلية ما يضحك

"تعلم في المتبلم يصبح ناسي"

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد سيد

أجمل مقال

عدد الردود 0

بواسطة:

دينااااااااااااا

مؤثر جداااااااا

بجد الاحساس اللى عند حضرتك عالى جداااا

عدد الردود 0

بواسطة:

محمود

التمو يه والالتفاف والاستعطاف

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد ربيع

كريم يارب تقبل الدعاء

ربنا يكرمك ويخليك طالب فى على طول

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة