على مدار التاريخ هناك مراحل انتقالية تبدو عصيبة معقدة بل تعتبر أوقات مخاضات ومجازفات وتحديات ومواجهات كبرى تتكاثر فيها الأزمات الموروثة وأخرى تفتعل بفعل فاعل، لنظل فى متاهة لا نستطيع الخروج منها؛ بل قد يتصور البعض أنها قيادة بلا سفينة، فالسفينة تحتاج إلى قوة دفع لكى تبحر .. كيف وقوة الشعوب فى حالة يرثى لها من الفوضى وعدم الاستقرار، وقد ينعدم الأمن وتظهر كوارثه التى تهدد كيان الدولة وانهيارها الداخلى وتنحصر الأزمة فى فئات ثلاثة :- عامة الشعب والذى يعتبر المحرك الأساسى وقوة الدفع. فئة القيادات على مستوى اتخاذ القرار. وفئة الثوار والمثقفين الذى يحملون رؤى مختلفة. فنجد اختلافاً رهيباً فهناك من يجسد الأزمة فى القيادة لأنها ليست على مستوى المسئولية التاريخية والفكرية فى صناعة وصياغة القرار، وهناك من ينظر إلى الغالبية العظمى من الشعب على أنها جاهلة تسير بجسد منهك غير قادر على الإنتاج والعطاء، وعقل غير قادر على التفكير والنمو، وهناك من ينظر إلى فكر بعض المثقفين على أنهم لا يشعرون بالفئة الكادحة، وأنهم بعيدون كل البعد عما يمرون به من واقع مؤلم. لذلك نحن أمام فكر ارتجالى يعتمد على رد الفعل، غير قادر على استيعاب الأزمة لأن مردوده مرتبط بالمجال الثورى الذى تدور حوله الأزمة. وإذا كان غير متوافق مع فئة التغيير المتعجل ظلت الأزمة موجودة بكل أبعادها، لذلك فإن القرار سيظل دائما معيبا، لماذا؟ لأننا كلنا لسنا على مستوى الحدث وجوانبه، لابد أن نبعد عن انفرادية الإدانة لأن جميع فئات الأمة مدانة وتتحمل المسئولية، ولكنْ هناك تدرج فى الإدانة من حيث تحمل الخطأ . فنحن أمام جيل عاش التجربة وأجيال أخرى ذاقت المرار والظلم وحلمت بالحرية نريد أن نحتفظ بقدر من التوازن وعدم الاندفاع والمغالاة لنعطى فرصة للجميع ليشارك فى مرحلة الاستشفاء، وإلا أصابنا دوار المعارك والطعنات، فقضية الحرية لم ولن تغلق أبوابها، ولن يستطيع أحد خنقها، لا نريد أن نظل فى حالة ترهيق فكرى مستمرة، على العقول المستنيرة أن تتحرك الآن ... فنحن لا نريد أن نستيقظ يوماً ما فنجد أنفسنا فقدنا كل شىء، لابد من مواجهة أنفسنا وإدراك حقيقة الفترة التاريخية التى نمر بها، وأين نحن الآن ونفكر قبل أن نتحرك، وماذا نريد قبل أن نخطو خطوة واحدة .
عصام كرم الطوخى يكتب: متاهة الأزمة وفوضى اتخاذ القرار
الخميس، 08 مارس 2012 07:21 م