عواد باع أرضه يا ولداه، وباع البيت اللى بناه، فات الكل كليلة وهمل بلده وناسه وفات، راح على بلاد الغربة يزرع أرضها ويرويها بعرقه، يتكوم تحت الشمش ومش قادر يقول الآه. لأنه لو فتح حنكه وقالها "حيفنشوه".
واللى بيتفنش بيرجع بلده إيد ورا وإيد قدام.. عواد باع أرضه وغنوله عيال الحته شوفوا طوله وعرضه. غصبن عن عنين أهله باع اللى وراه واللى قدامه لجل ما يحصل أدامه، وراح لبلاد الغربة، نهاره قايم وليله نايم مرعوب، متوسد المركوب خايف ليصبح يلاقيه مسلوب، دى نومه إيه دى اللى الواحد خايف فيها م الحنيش وطول الليل بيحلم بالتفنيش؟.
عواد مرعوب من التفنيش، خايف يرجع يقعد جنب الحيط لا يلاقى لقمة ولا غموس بعد ما كيس الدقيق بقى مليان سوس.لحد ماهج من هدومه، عواد انحنى ع الفاس ومخه راح لبعيد ست أبوها والعيال وأبويا عبالعال. عواد فاق م اللى واخد عقله على براهيم بيزعق بعلو صوته من بعيد وبيقول: إنى ح ادّلى مصر يا عواد، فقال عواد فى نفسه وهو يضرب بيده على يد الفاس: براهيم مخه اتلحس! الواد ده مخه طاقق من زمان، سمع صوت براهيم مرة تانيه وهو بيقول: أنا ح ادّلى مصر يا عواد، مصر فيها ثورة، انتفض عواد صارخاً: ثورة إيه ياواكل ناسك؟!، أنت مخبرش؟!! عبد الناصر مات من زمان؟!. رمى عواد الفاس على الأرض . براهيم سأله مستغرب: تدّلى إزاى؟ مش كنت خايف م التفنيش، رد عواد وهو لا يجد ريقا يبلعه: رب هنا رب هناك يا براهيم، ولقمة الخوف ماتْشبّعش.على ظهر العبارة التى كانت تكح بصعوبة وهى تتمايل على الماء كان براهيم مرعوبا يسأل نفسه حنوصل واللا تغرق بينا زى العبارة اللى فاتت، ثم سأل عواد: إنت مش خايف لنغرق يا عواد؟، رد عواد بلا مبالاة ما نغرق؟!، هى غرقانة غرقانة.
فى البلد اضطر عواد أن يبتلع كلام ست أبوها رغم إنه واقف فى زوره زى الحجر، قال وهو يأكل فى نفسه من الداخل: لك حق يامرة تقولى إيش جاب الغراب لأمه. قال وهو ينوى شرا: أمال فين أخوكى عوضين؟، قالت: إياك تكون ما خبرش؟، رد بجفاف: حُصل إيه كمان؟، قالت فى تحد: عوضين مات فى التحرير بالرصاص الحى زى ما قالوا فى التَلَفَزْيون. طب فين سماعين، وفين شناوى، قالت: كلهم مشوا، سألها: مشوا على فين؟ سماعين مشى أطاليا، وشناوى مشى أفريكا، بلا مبالاة قال: طب هاتى شوية مش أنا حوقع من طولى خلينى آكل لقمة قبل ما أروح لأبويا عبالعال، ست أبوها وقفت وفى يدها طبق تمسكه بلا مبالاة، قالت له: المش مشى، سألها فى ذهول: نعم ياختى؟!. قالت: المش مش كان مليان دود بيمشى؟!، أهو فى الآخر خد المش اللى حيلتنا فى بطنه ومشى. عواد شعر بدوخة، طب هاتى عرقين سريس وعرقين جعضيض خلينى أبل ريقى من إمبارح بطنى مادخلهاش الزاد. ردت ببلاهة: ما فيش، قال لها بغيظ: إياك تقوليلى السريس مشى كمان. أنا رايح لأبويا عبالعال يمكن ألاقى عنده عرقين جعضيض: قالت له بلا مبالاة: ريح جوادك، مافيش من أصله: رد والجوع يأكل كلامه، يعنى إيه يا بت؟. قالت: الحكومة خدت القيراطين بتوع أبوك عبعال: رد وهو لا يصدق ليه؟!!: قالوا حيعمولهم مشروع سياحى. وتابعت لتجيب قبل أن يسألها، وأبوك عبعال حيعمل إيه قصاد الحكومة: كل اللى عمله إنه طب ميت ؟!. صرخ وهو يضرب جبهته بكفه مات؟، ليه همه فاكرين ان البلد معدش فيها رجالة، بعد ما طفشوا الناس. الكل مشى. حتى المش مشى، والحكومة مش عايزه تختشى. قال عواد فى يأس: عوضين مات بالرصاص الحى وعبعال مات بالرصاص الميت. وهب واقفاً قالت له بدهشه: رايح على فين؟، قال إنت مخبرتيش ليه أبويا سمانى عواد، عشان كل ما آجى أعاود أمشى.أنا فايتك وأنا مطمن وف بطنى شادر بطيخ صيفى. إنك ما تنفعيش يعملوكى مشروع سياحى، واهو دا اللى كان ناقص، ربنا ينتقم منهم البُعدا. قولوا آمين.
