يبدو أنه قد كتب على جبين المصريين أن يعيشوا حياتهم بين العرق والدموع والدم، ذلك لأنهم يقضون عمرهم يعملون ويعرقون ويأتى من خلفهم من يسرق تعبهم وشقاهم ويترك لهم الحسرة والألم والدموع التى لا تغسل الألم، ويوم ينتفضون ليعيدوا الحق المسلوب تروى دماؤهم الزكية تراب الأرض.
اليوم نعيش عصراً جديدًا من سرقة أموال الشعب المسكين وقوت عياله ونهب لكل ما يملك من حطام الدنيا، بعدما انتشرت سرقات السيارات فى كل مكان وفى قريتى ميت سهيل منيا القمح وحدها وخلال الأيام السابقة سرق وأصيب وقتل العديد من المساكين والمكافحين على الطريق كانوا يسعون على رزقهم.
وسأحكى بعض تلك القصص المأساوية وأبدأ بأصعبها وأقساها على النفس وعنوانها "ليته ظل فى الغربة ولم يعود ليموت".
شاب عاد من الخليج بعد أن قضى زهرة شبابه هناك وقرر أن يبدأ حياته بين أهله واشترى سيارة ميكروباص وبدأت الحياة تذدهر أمام عينيه وفى ليلة بينما وهو عائد خرج عليه مجرمون لصوص قاطعى طريق أوقفوه ليسرقوا سيارته فلم يقف فأطلقوا الرصاص نحوه فقتلوه على الفور وفازوا بالسيارة وتركواجثته على الطريق وتركوا من خلفه 3 أبناء لا يجدون عائلاً ولا أباً انتظروه سنوات كى يعود إليهم وعندما عاد لبس على وجه السرعة الكفن الأبيض وزفه أهله إلى القبر.
أما الحدوتة الثانية "اللصوص لم يرحموا فى أسامة ذراعه المقطوع".. أسامة شاب من قريتى كان متطوعا بالقوات المسلحة وذات يوم صدمته سيارة قطع فيها ذراعه وخرج معاش طبى ولكنه شاب مكافح لم يركن إلى عجزه وفقره هو وأسرته ولكنه ثابر واجتهد واشترى سيارة نصف نقل يعيش منها إلى جانب معاشه الشهرى وصار مضرب المثل يسوق السيارة بمهنية عالية وبيد واحدة.
وذات ليلة وهو عائد فى اتجاه القرية اصطاده من لا قلب لهم ولا ضمير ولا دين فأوقفوه واخذوا السيارة بعدما ضربوه وأهانوه وسرقوا نقوده وتليفونه المحمول ليعود إلى أهله بجسده سليم وعقله مغيب حزنا على ما ضاع منه فى لحظات وبعد قليل اتصل به الجناة وقالوا له أحضر 25 ألف جنيه لتأخذ سيارتك استلف المسكين المبلغ وأخذ أخيه الأكبر وذهبا سويا إلى عالم المجهول هناك فى صحراء بلبيس حيث وجد الأفاعى يحدثونه من حفرة فى الأرض حتى لا يراهم، ولكنهم من ظلمهم وغيهم وبطشهم أخذوا الفلوس ورفضوا أن يعطوه السيارة إلا بعد أن يحضر 5 آلاف جنيه أخرى وتركوه يعود زاحفا على الرمال لمسافة كبيرة هو وأخيه وبعدها كرر المسكين المحاولة فى يوم آخر وذهب ليعطى الأفاعى ما طلبوه ولكنه وجد السيارة بدون كاوتش وعبارة عن قطعة حديد خردة.
أما القصة الثالثة "شجاعة ماهر كانت السبب فى نجاته".. ماهر الشاب الأربعينى الشجاع الذى يملك قلبا حديديا وعزيمة الأسود والسباع فبينما هو عائد بسيارته التى تطعمه وأولاده خرج عليه اللصوص من المقابر وألقوا أمامه فى وسط الطريق جزع شجرة ولكنه فكر بسرعة ولم يتردد وقرر أن ينتقم لنفسه وللناس المساكين من هؤلاء اللصوص فانطلق بسيارته وبأقصى سرعة بعيداً عن جزع الشجرة ونحو الجبناء وصدم منهم اثنين وجرى الثالث خلفه مطلقا الرصاص ولكن ماهر أضاع عليهم الفرصة وأصاب منهم حقيرين باصابات بالغة ونجا بسيارته إلا أنهم مازالوا يحاولون النيل منه ويتربصون به حتى الآن ويرسلون إليه رسائل تهديد ولا يجد ما يرحمه من هؤلاء الجبناء.
أما الحكاية المأساوية الرابعة فهى لحسن شاب فى الربعينات سافر للسعودية جل عمره وعمل هناك فى حرمان من الأهل والدنيا كباقى المصريين فى الغربة ويوم أن قرر العودة اشترى سيارة ميكروباص وعاش بين أهله سعيدا بما حقق وانجز وراضيا عن نفسه يربى أبناءه كما يحب أن يكونوا.
وفى يوم عاصف هواؤه صلى فيه الفجر ومعه 14 راكبا من قريتى ثم توجهوا نحو القاهرة وعند مزلقان قطار أبو زعبل أوقفه اللصوص بعدما اغلقوا المزلقان عليه وأنزلوه من السيارة هو ومن معه وزادوهم رهبا ورعبا حتى وجف المسكين على نفسه وخاف أن تفقده أسرته مرة اخرى ولكن للأبد ، فقرر ان يترك لهم شقاه على مر السنين دون مقاومة .
وبعد قليل اتصلوا به من تليفونه المحمول بعدما سرقوه منه وطالبوه بدفع 30 ألف جنيه لاستعادة السيارة ، فذهب لهم فى الأدغال والأحراش حتى استعادها من الظالمين .
والقصة الخامسة"الباشا المباحث حاطط رجل على رجل".. نادى رجل فى الخمسين من عمره يعمل فى سوق الخضار ينقل العمال منه وإليه ويستيقظ قبل الفجر بساعات حتى يصل السوق مبكراً وفى الساعة الثالثة فجرًا وعلى طريق قريتى ميت سهيل جاءت سيارة مسرعة من خلفه وسارت أمامه وبعدها توقفت وأغلقت الطريق خرج منها ثلاثة ملثمون اثنان منهم يحملان سلاحا آليا توجها نحو الركاب وانزلوهم حتى افترشوا الأرض، أما الثالث فتوجه ناحية نادى حاملا سكين كبير من نوع خاص وضعه فى صدر المسكين، وقال له هات المفاتيح وانزل فارتبك نادى فغرس المجرم السكين فى اعلى صدره مرتين حتى سال منه الدم فنزل نادى وأعطاه المفاتيح والتليفون و1500 جنيه كانت فى جيبه ليشترى بها بضاعة ولم يكتفى الجزار الظالم بذلك بل ضربه بالسكين فى يده فسقط مغشيا عليه وطار الأشقياء بالسيارة واختفوا فى عالمهم الشيطانى وعاد نادى ومن معه إلى القرية سيرا على الأقدام واسقبلهم الأهالى فى لحظة حزينة يعجز فيها صاحب الحيلة ويصبح كفاقدها.
واصطحبوا نادى للمستشفى وظل فى العناية وأبلغت الشرطة وذهب أخيه لعمل البلاغ ووجد رئيس المباحث يضع قدما فوق الأخرى وسمع الحكاية كاملة بعدها غاص فى كرسيه وقال ماذا أفعل؟ إذهبوا إليهم وفاوضوهم وحلوا القضية سلمى "هذه هى الشرطة وهاهم رجال الأمن " ينامون عن أدوارهم ويفشلون فى تحقيق الأمن ويسكتون عن ظلم الناس لأنهم تعودوا أن يرونا فى هذا الحال ويستلذون بما نحن فيه ويشمتون بنا كأشر الأعداء والشامتين.بينما الجناة يواصلون عملهم الدؤوب فاتصلوا بالمسكين أن أحضر من الآلاف ثلاثون فذهب ابن نادى لهم وترك أبيه تنزف جراحه وأخذ من يد الناس المبلغ المطلوب وذهب إلى منطقة تجاور قرية السلام ببلبيس حيث ولد العالم الجليل عبدالحليم محمود ودفع للظالمين ما طلبوا واخذ السيارة بلا كاوتش أو كبوت.
الموقف الخامس "الغفير أبو لسان طويل وسلاحه الميرى".. غفير درك قد الدنيا طول القنفد ولكن له لسان طوله 10 أشبار وذراع أطول من اللسان خرج صباحا يحمل بندقيته الميرى اللى بيتمنظر بيها على الناس فخرج عليه ولاد الحرام وقطاع الطرق فأخذوا منه سلاحه الميرى وضربوه فى قدمه بالرصاص وساروا على الطريق يطلقون النار دون خوف أو رادع من أحد.
حمل المارة الخفير "أبو لسان سليط على الناس" و"المعزة مع الحرامية" ونقلوه إلى المستشفى ولن تصدق عزيزى القارئ المسكين مثلى ومثل شعب مصر فقد عادت البندقية الميرى خلال ساعات وتم القبض على الحرامية ولاد "......" .
يا أولاد مصر الحزينة أرأيتم هذا التناقض الرهيب لدى جهاز الشرطة والمباحث فى الحادثين السابقين ففى الأول قال رئيس المباحث مش فى ايدى حاجة ووضع قدما فوق الأخرى وفى الثانية عاد السلاح الميرى وتم القبض على اللصوص فى ساعات.
هذا ما يؤكد أن رجال الشرطة على كيفهم ما يحدث لنا من قهر وذل وإهانة ويتركون لنا اللصوص والبلطجية والمسجلين علشان يعلموا الشعب الأدب.
وحسبى الله ونعم الوكيل فى كل من ظلمك يا مصر واستهان بناسك الغلابة.