مشروع وضع قانون لتنظيم البث المرئى والمسموع الذى أعلن عنه أحمد أنيس وزير الإعلام وأعلنت لجنة الإعلام بمجلس الشعب استعدادها لإعداده أعاد للأذهان شبح قانون أنس الفقى الذى أطلق عليه وقتها «قانون تكميم الفضائيات»، والذى سبب انزعاجًا للأوساط الإعلامية لما استشعروه من سوء نية من هذا القانون وما يخفيه من تقييد للحريات، خصوصًا أن القانون الجديد يأتى بعد سيطرة التيارات الدينية على البرلمان. «اليوم السابع» فى هذا التحقيق تستطلع أهم الاقتراحات التى يجب أن يراعيها القانون الجديد.
فى البداية يوضح السفير إسماعيل خيرت رئيس الهيئة العامة للاستعلامات أن قانون تنظيم البث الذى يناقش حاليًا يجب أن يعمل على توفير ثلاث أمور أساسية، أولاً إيجاد جهة واحدة تختص بإدارة العمل الإعلامى، لأن الوضع الحالى تشتبك فيه 5 جهات متنازعة التخصصات من أجل تسيير عمل الفضائيات، أولها الهيئة العامة للاستثمار، وهى جهة ليس لها علاقة بالإعلام، إلا أنها منوطة بمنح تراخيص عمل الفضائيات، والجهة الثانية هى المنطقة الإعلامية الحرة المنبثقة من هيئة الاستثمار ومعنية بمنح تراخيص الاستوديوهات والعمل داخل مدينة الإنتاج الإعلامى، والجهة الثالثة هى الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامى التى تمنح إيجار الاستديوهات، والجهة الرابعة هى الشركة المصرية للأقمار الصناعية نايل سات وتمنح إيجار التردد، والهيئة العامة للاستعلامات تمنح تراخيص عمل القنوات الأجنبية واتحاد الإذاعة والتليفزيون يمنح ترخيص إشارة البث المباشر بالتعاون مع جهاز تنظيم الاتصالات. وفى هذه المنظومة ليس لوزارة الإعلام أى دور فى تسيير العمل الإعلامى، وهذا أمر ليس فى نصابه الصحيح، كما أنه يعرقل العمل الإعلامى، وتغيب فيه المؤسسة التى يتعين عليها مراجعة عمل الفضائيات.
ويضيف خيرت: «من هنا يجب أن يراعى القانون الجديد أولاً تحديد هيئة مستقلة لا تتبع الدولة، ولا يقصد بها فرض الرقابة، لأن الرقابة مرفوضة تمامًا فى عهد الثورة، ولكن وظيفة هذه الهيئة هى متابعة عمل هذه الفضائيات وتحديد الأخطاء وتصنيفها وإحالتها للقضاء ومن الممكن أن تحدد العقوبات مثل الغرامة والحجب لفترة زمنية معينة بدون أن تتضمن السجن.
ويشير خيرت إلى أن وجود قانون لتنظيم البث لم يأت من فراغ، بل هناك دول عتيدة فى الديمقراطية لديها هيئة لتنظيم البث ولا تعتبر تكبيلاً للحريات، ويوضح خيرت أن الموضوع ليس سهلاً ويحتاج إلى «تأنٍ».
ويشارك فى هذا الرأى الدكتور سامى الشريف رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، ويقترح أن تتكون هذه الهيئة بمشاركة مؤسسات المجتمع المدنى، وبعض الشخصيات المشهود لها بالكفاءة، كهيئة عامة غير تابعة للدولة تنظم عملية منح التراخيص، وتتضمن جهازًا يكون منوطًا بمتابعة الفضائيات وإمكانية محاسبتها.
ويضيف الشريف: «من الممكن أن نستعين بنماذج للدول الديمقراطية الأقرب للواقع المصرى مثل النموذج الفرنسى أو النموذج الإنجليزى، ففى فرنسا هناك هيئة لتنظيم العمل الإعلامى يشارك فيها منظمات المجتمع الدنى والإعلاميون أنفسهم، لضرورة مراجعة القنوات الفضائية لمعرفة تمويلها، ومعرفة أصل أصحاب القنوات مشبوهة المصدر والتمويل، وتقديم شهادة ميلاد للأموال التى تؤسس بها تلك الفضائيات، وضبط عملية غسيل الأموال التى تحدث من خلف بعض الفضائيات، ووضع قوانين للالتزام برخصة نشاط القناة، إلا بالرجوع إلى الهيئة، ولكن أخشى أن تكون هناك نوايا لأن تشرف الحكومة على هذه الهيئة، وبذلك لن يحدث أى تقدم، بل ربما تزيد المشاكل».
ويشير الشريف إلى أن القانون الجديد لابد أن يضع فى مواده إعادة هيكلة الإذاعة والتليفزيون والذى يتضمن 23 قناة تليفزيونية و17 شبكة إذاعية، تنفق شهريّا 133 مليون جنيه، وتقليصه إلى قناتين فقط و3 شبكات إذاعية، وبيع ما يتبقى أو طرحة للاكتتاب العام مع الحفاظ على حقوق العاملين.
أما فيما يتعلق بالقنوات الدينية فيقول الشريف: «هناك حالة من الانفلات الشديد فى بعض القنوات الدينية فهناك أكثر من 75 قناة دينية «سنية وشيعية ومسيحية» وعدد كبير منها قنوات متشددة تنشر الفتنة الطائفية وتؤجج المشاعر وتزرع الفرقة، وهنا أقترح عمل هيئة أو إدارة داخل هيئة تنظيم البث تكون مكونة من رجال الدين الإسلامى والمسيحى من المؤسسات الرسمية من مختلف الطوائف لضبط أداء القنوات الدينية.
الدكتور محمد خضر، مدير قناة دريم، يقترح عمل إدارة داخل هيئة تنظيم البث يشرف عليها الأزهر الشريف تكون معنية بوضع ضوابط العمل بهذه القنوات حسب معايير الأزهر الشريف، وهو الجهة الدينية الرسمية والوسطية وأفضل من يتولى هذا الدور ويحافظ على ضبط القنوات الدينية بعيدًا عن السياسة وإثارة النزعات وبث الفتنة.
ويضيف خضر: «القانون الجديد لابد أن تتم صياغته بجمل قطعية وحازمة وواضحة كى تحدد المسؤوليات والأخطاء والعقاب اللازم، ولا تكون مثل وثيقة أنس الفقى التى شملت عبارات مطاطة غير واضحة كانت تستخدم «على المزاج»، وتحدد جهة الاختصاص فى تنفيذ القانون، ومن الممكن تأسيس محكمة متخصصة فى قضايا الإعلام تكون سريعة الفصل فى مثل هذه القضايا التى تحتاج إلى سرعة الحكم على غرار محكمة الأسرة أو المحكمة الاقتصادية.
قانون «أنيس» لتنظيم البث يعيد شبح وثيقة «الفقى» لتكميم الفضائيات
الثلاثاء، 06 مارس 2012 03:27 م
أحمد أنيس وزير الإعلام الحالى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة