د. عثمان فكرى يكتب: فى الحد الأدنى والأقصى

الإثنين، 05 مارس 2012 10:59 ص
د. عثمان فكرى يكتب: فى الحد الأدنى والأقصى ممتاز السعيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عام ونيف على ثورة، كانت العدالة الاجتماعية على رأس مطالبها، وكان الطلب الأهم فى هذا السياق، هو تحسين الأجور، وإعادة هيكلتها بما يضمن حدين أدنى يتماشى مع متطلبات الحياة، ويحفظ للإنسان المصرى كرامته، وأقصى يتناسب مع اقتصاديات بلد فقير، ولا يصنع فجوات هائلة بين طبقة وأخرى فى المجتمع، وما يتبع ذلك من خلق حالة من الكراهية الطبقية بين الفئات المجتمعية، وهى الحالة المتفشية الآن فى المجتمع المصرى، حيث يتحصل البعض على رواتب تتعدى المليون، وفى المقابل لا يزيد راتب الأستاذ الجامعى بعد سنوات طويلة من العناء والبحث عن ثلاثة آلاف جنيه أولا عن آخر كما يقولون.
ثلاثة عشر شهرا مرت حتى الآن بالتمام والكمال منذ يناير الثورة، والحديث لم ينقطع عن تحسين الأجور، ووضع حد أدنى وأقصى لرواتب العاملين بالدولة دون أن يتحقق شئ يذكر من هذا، وهو ما كانت له آثاره الواضحة فى العديد من الوقفات الاحتجاجية التى طالت جميع قطاعات الدولة للمطالبة بتحسين الدخول.

وعلى الجانب الآخر مرت هذه الشهور على البهوات والبشوات من أصحاب الوظائف المرموقة كأن شيئا لم يتغير، ظل رؤساء البنوك والجامعات ورؤساء مجالس الإدارة فى الشركات والمصانع والمؤسسات الحكومية ونوابهم ومحاسيبهم ومستشاروهم من الأقارب والحبايب وحبايب الحبايب يتقاضون مئات الألوف من الجنيهات التى تتجاوز فى بعض الأحيان المليون .. لك أن تتخيل بلدا قامت فيه ثورة، كانت أول مطالبها العدالة الاجتماعية فى توزيع الدخول، يعانى من فساد يزكم الأنوف فى جميع قطاعاته الرسمية على وجه التحديد، وانفلات أمنى حاضر بقوة طوال الشهور الماضية، واقتصاد يكاد يتوقف فى جميع قطاعاته، وأموال هربت إلى الخارج بمليارات الدولارات، وتسول حكومى يصل إلى حد مد الأيادى والشحاتة من الدول العربية والبنك الدولى دون رد أو مجيب، ورئيس وزرائه يكاد يبكى يوميا فى بياناته وتصريحاته من ضيق ذات اليد ... ومع كل هذا لا يعلن عن خطة تقشف، ويضح حدا أقصى للدخول وليس الأجور – لأن الفرق كبير بينهما – لا يتجاوز بضعة آلاف يتحصل عليها أكبر رأس فى الدولة، دون أية استثناءات لقطاعات أو مناصب بعينها كما نسمع الآن، حيث يكاد عقل الإنسان يتوقف وهو يقرأ الأخبار التى تشير إلى رفض البشوات من رؤساء الجامعات وعمداء الكليات ورؤساء البنوك ونوابهم ومستشاريهم فكرة الحد الأقصى للأجر، مطالبين بوضع استثنائى وخاص يقدر خبراتهم الفذة وشهاداتهم الرفيعة، وإنجازاتهم الخرافية التى جعلت من القطاعين التعليمى والبنكى فى مصر نموذجين تحتذى بهما دول العالم!! حقا هى مهذلة أخلاقية بكل المقاييس أن يظن هؤلاء أنهم أجدى نفعا، وأعلى قيمة ومكانة من غيرهم فى بلد يضرب الفشل جميع جوانبه.. لا يكفى هؤلاء حد أقصى للمرتبات يتعدى الثلاثين ألف جنيه، ويطالبون بالحفاظ على النصيب الأكبر من رواتبهم الحالية التى تتعدى مئات الألوف من الجنيهات، وإلا فإن الحجة القوية التى لا نطيق تحملها، وهى بعدهم عنا وتقديم استقالاتهم، حيث تتخطفهم الشركات الدولية العابرة للقارات التى تنتظر متلهفة هذه الفرصة لتستفيد من هذه الخبرات العبقرية النادرة !!! لن يعد لهؤلاء ذرة من حياء أو ضمير إذا فضلوا مصالحهم الشخصية الضيقة على مصالح أمة بأكملها تعبر إلى المستقبل.. وعلى الدولة أن تعلنها صريحة.. هذه هى حدودنا من أرادنا فليعمل وفقا لإمكاناتنا، ومن لا يريد فليرحل غير مأسوف عليه.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة