علاء لطفى

ترويض واشنطن!!

الإثنين، 05 مارس 2012 09:59 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مثل جرذان سفينة غارقة مذعورة أرسل الأمريكيون طائرة عسكرية لنقل مواطنيهم المفرج عنهم بكفالة مالية هى الأضخم فى تاريخ مثل تلك القضايا التمويلية هرباً من إجراءات إعادة المحاكمة بهيئة قضائية جديدة..

المشهد هنا يستدعى التفكيك للقراءة والفهم، فما معنى أن يهرب ناشطون أمريكيون بتلك التسوية المالية الضخمة وإبقاء الاتهام قائماً فى حقهم، إلا أن يكون موقفهم السياسى والقانونى فى حالة انكشاف حقيقة؟!، وما معنى أن تبتلع واشنطن لسانها السليط فى هذا الملف إلا أن تكون فى حالة انكشاف سياسى لمؤامرة حقيقة مارستها فى الشأن الداخلى المصرى، وأن أوراق اللعب فى يد الطرف المصرى أقوى مما أعلن عنه للرأى العام، وأن واشنطن مارست أعمال تجسس وشاركت عن عمد فى مخطط بدأ منذ ما قبل الثورة وامتد بعدها لإضعاف البنية السياسية والاجتماعية تمهيداً لأعمال عدوان مفضوحة.. وكيف نقرأ تصريحات هيلارى كلينتون بأن القضية فى طريقها للحل قبل هروب مواطنيها بساعات، إن لم يكن فى الأمر صفقة سياسية مشينة لأطرافها!!

ليست تلك قناعتى الشخصية.. لكنها نظرية المباراة السياسية التى تبحث عن السيناريو التفسيرى الأنسب لما يجرى من خلال قراءات التصورات الأبعد لفك شفرة الملحمة الشعبية الدائرة بشأن الهروب المريب من المواجهة القانونية لدى الطرفين الأمريكى والمصرى.

المباراة الثانية تذهب فى قراءتها إلى سيناريو آخر وهو أنه لم تكن هناك قضية حقيقية منذ البداية، وأن ما عثر عليه من خرائط مزعومة لتقسيم مصر كانت هى خرائط مراقبة الدوائر الانتخابية، كما أوضح بذلك محامى الدفاع، بل إن المخالفات التى حدثت لا ترقى لكونها جناية من الأساس، بل مجرد جنحة عادية لم تستوجب المطاردات السياسية والقانونية بقدر ما كانت علامة بارزة على ممارسة قدر من الابتزاز السياسى لأحد أطرافها مقابل الآخر، والمسألة هنا لا تستدعى قدرا من الذكاء لتحديد أى الأطراف جرى ابتزازه.. فالمبالغ المدفوعة والتسريبات الدائرة عن عزم الإدارة الأمريكية دعم الموقف المصرى لدى صندوق النقد الدولى، وما أحدثته من فضح لمواقف الصندوق واضطراره لإصدار بيان تنصل من أى ضغوط بحق مصر قد تكشف مدى الاختراق الذى حققته اللعبة من كسر لحصار الثورة المصرية سياسيا واقتصاديا من قبل القوى الكبرى وأصدقائها بالمنطقة.. وأن قرار رفع حظر السفر لم يكن سوى هروب إلى الإمام من معركة قانونية خاسرة إلى نتائج مبهرة فى الأداء السياسى المصرى مكنت القاهرة من ترويض واشنطن..
وتأتى تصريحات ماكين لترسم ملامح المباراة الثالثة ولتضفى مزيدا من الالتباس على السيناريوهات القائمة، فالرجل وجه الشكر إلى جماعة الإخوان على تدخلهم فى القضية، والجماعة اعتبرت محاولات واشنطن الزج باسمها فى الإفراج عن المتهمين الأمريكيين فى قضية التمويل الأجنبى التى ينظرها القضاء المصرى بأنه انتقام من الجماعة، بعد رفضها التدخل فى القضية، وألقت بالكرة فى ملعب القضاء المصرى، معتبرة أن هناك مخططا خارجيًّا يدبر على مدار عقود لتلطيخ القضاء المصرى وتركيعه، لكن التركيع الآن جاء من داخل القضاء نفسه.. استنتاج الإخوان تزامن مع صدور دراسة مريبة لمركز "كارينجى" استهدفت التشكيك فى استقلالية القضاء المصرى، وأثارت العديد من علامات الاستفهام حول مغزى توقيت الصدور من ناحية، والخطاب التشكيكى التفكيكى ولغة التحريض من ناحية أخرى، وهى اللهجة المناقضة لتصريحات المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند، أن القضاء المصرى مستقل!!

بينما تؤكد الدراسة التى أعدها "ناثان ج. براون" تحت عنوان "قضاة مصر فى عصر ثورى" وتعلن من السطر الأول بالصفحة الأولى أن قضاة مصر ليسوا فى موقع محصن غداة الثورة المصرية، وأنهم مكشوفون سياسياً وغير واثقين من مستقبلهم وأمنهم الشخصى، وأن قوانين القضاء الجديدة استهدفت توريط القضاة فى معارك داخلية وتنافسات خارجية، قد تشكل جزءاً من منحى لـ "بلقنة" الدولة المصرية.

رحلة القراءة فى دراسة "كارينجى" تثير قدرا هائلا من علامات الاستفهام حول عبارات التشكيك فى الأداء القضائى بالتركيز على ما وصفته بطرق الالتفاف حول القضاء، والتساؤل بشأن الأمن فى قاعات المحاكم وتأثير قوانين الطوارئ على نزاهة القضاء المصرى، لكنه أيضا يستدعى تساؤلا أكبر عن مدى موضوعية وعدالة استهداف قضاة الدولة المصرية من جانب مؤسسات واشنطن فى لحظات الخصومة السياسية؟!!





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة