أعلن عدد من القوى الوطنية فى بيان أصدرته اليوم الاثنين عن رفضهم التام لمبدأ تمثيل البرلمان فى اللجنة التأسيسية للدستور، وكأن نص المادة 60 من الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 30 مارس 2011 بشأن انتخاب اللجنة التى ستضع مشروع الدستور الجديد يسمح بهذا التمثيل، وما استعرضه الأعضاء من طرح دار كله على قاعدة حتمية تمثيل البرلمان فى هذه اللجنة، منبهة إلى أنه لهو بالنار وإضرام لها فى خيمة الوطن، لأن البلاد ما عادت تتحمل تارة الاستئثار بترتيب خطوات بناء الدولة، ثم تارة أخرى الاستئثار بتنفيذ هذه الخطوات تنفيذا يخالف حقيقة مقاصد الإعلان الدستورى ذاته.
وأكدت القوى الموقعة على البيان أبرزهم الجمعية الوطنية للتغيير والحزب الشيوعى والحزب الاشتراكى المصرى والمجلس الوطنى المصرى وآخرون أن النهج الذى اتخذه البرلمان لينفذ به المادة 60 من الإعلان الدستورى يخالف نص المادة ذاتها، وذلك لأن الدستور هو عقد اجتماعى يضعه الشعب مباشرة وعلى ضوئه يحدد السلطات وكيفية تشكيلها واختصاصاتها وعلاقتها بعضها ببعض، ومن ثم يكون بداهة، عقب الثورات وزوال الأنظمة، هو قاعدة بنيان السلطات سابقا فى الوجود عليها لمنطقية القول بتشكيلها بناء على ما يشير إليه الدستور، فإذا كان سبق وضع الدستور لم يتحقق وكان البرلمان هو الأسبق فى ظل الترتيبات التى وضعها الإعلان الدستورى، فهذا لا يعنى أن إحدى السلطات التى تعمل لدى الشعب هى التى تنصب من نفسها وصيا على الشعب فتقوم عبر نفسها باختيار أعضاء اللجنة دون وضع معايير موضوعية تمثل ضابطا لهذا الاختيار، بل ويبلغ التعسف مداه فى الاستئثار، والسيطرة على قوام هذه اللجنة للتحكم فى أمور عملها بأن ينتخب البرلمان نفسه ليحصل على نسبة تدور فى نصف عدد اللجنة.
وأضاف البيان أن نص المادة 60 ذاته يحظر على البرلمان بغرفتيه أن يكون ممثلا فى هذه اللجنة. إذ تنص على أن يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسى شعب وشورى فى اجتماع مشترك بدعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال ستة أشهر من انتخابهم لانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو تتولى اعداد مشروع دستور جديد للبلاد فى موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها، ويعرض المشروع خلال خمسة عشرة يوما من إعداده على الشعب لاستفتائه فى شأنه، ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه فى الاستفتاء.
وباستقراء متأن لهذا النص فإن مفاده أن الإعلان الدستورى إذ استبق خطوة وضع الدستور بتشكيل البرلمان بغرفتيه أولا، فإنه استهدف خلق مجمع انتخابى من ممثلى الشعب لتلقى ترشيحات أعضاء الجمعية التأسيسية ثم قيامهم هم بتبويب هذه الترشيحات، وتطبيق المعايير الموضوعية لانتخاب المائة عضو من الذين تطرح اسماؤهم ليتم الانتقاء منهم انتقاء يعبر عن الكفاءة فى كل متنوعات المجتمع، ليضمن الانتخاب الذى يجريه البرلمان من بين المرشحين تمثيلا معبرا عن متنوعات المجتمع من عمال وفلاحين ومثقفين وعلماء. صناعا ومهنيين. فنانين وأدباء وشعراء وقانونبين. مسلمين ومسحيين. رجالا ونساء. ويراعى فيها التمثيل الجغرافى بطول نيل مصر وعرض صحرواتها، وكذلك الأطياف السياسية.
وأكدت القوى الوطنية أن التفاف المشاورات لإسباغ شرعية على عمل غير شرعى فيه تدليس على الشعب. فالمناداة باختيار أعضاء الجمعية ثم عرض الأمر على الشعب فى استفتاء يعنى بحسب الدائر من مناقشات تعبر عنه نوايا باتت واضحة، وكأنها أعمال لا ينقصها إلا توقيت إطلاقها كأعمال تدور فى اختيار نصف عدد أعضاء الجمعية التأسيسية من أعضاء البرلمان على خلاف مقاصد النص ومفاهيمه، بما يعد التفافا على النص الذى يراد له شرعية بفكرة طرح الأسماء على استفتاء مضمونة نتائجه مسبقا على غرار استفتاء 19 مارس 2011 وحتى يستمد الالتفاف شرعية من الاستفتاء لا يستمدها ابتداء من النص وهو استفتاء لم يرد فى النص ولو أراد ذلك لنص عليه صراحة معتبرا ذلك من البرلمان دسا على النص لم يأت به وتأويلا للإعلان الدستورى لا يملكه.
وأشار البيان إلى أن تمثيل أى من أعضاء البرلمان فى هذه اللجنة سيعرض الدستور ذاته مستقبلا لعدم الشرعية ذلك، لأن البرلمان ذاته عرضة للحل بعدة دعاوى قضائية منها ما هو معروض على المحكمة الدستورية العليا لبحث مسألة تغول الأحزاب على نسبة الثلث التى كانت مخصصة للمقاعد الفردية والسوابق الدستورية التى تؤكد هذا البطلان ومنها الدعوى القضائية المودعة فى (25 – 10 - 2011) قبل بداية الانتخابات ولا شأن لها بأغلبية أو أقلية، لأن الانتخابات لم تكن قد بدأت، بل كانت طعنا على قرار اللجنة العليا للانتخابات بالدعوة للانتخابات. وأمام هذه الدعاوى التى إن أصابت إحداها لأدت إلى تعريض البرلمان للبطلان فى وقت يكون الدستور قد وضع من خلال جمعية تأسيسية لو تضمنت بتشكيلها ولو عضوا واحدا من البرلمان سينسحب البطلان على الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، وبالتالى يوصم الدستور بعدم الشرعية.
القوى الوطنية ترفض تمثيل البرلمان فى اللجنة التأسيسية للدستور.. وتؤكد: المادة 60 من الإعلان الدستورى تحظر على البرلمان تمثيله فى لجنة الدستور.. والبرلمان معرض للبطلان وسيؤثر على شرعية الدستور
الإثنين، 05 مارس 2012 02:14 م