للأسف وصلنا إلى حرية الحرق والهدم وصلنا إلى الفوضى، فلا أمان نعيش فى ظله ولا أمن نحتمى به، والصوت العالى أصبح معيار الحرية، التخوين هو القاعدة الأساسية للحرية، والسب معول الهدم فى صرح الحرية الذى ننشده، وتلوثت كلمة الشهيد من كثرة ما تم وصفها لمن مات وهو يدافع عن مبدأ ويطالب بالحرية، أو ينادى بسقوط العسكر أو إسقاط الدولة، وأصبح الزمّار سياسيا بارعا والهتّيف محترِف ثورة، وويل لكل من سولت له نفسه نتقاد مدّعى الثورة، وركب الثورة من ركب وداست الثورة على محترمين لمجرد أنهم ينشدون الحق والعدل، وبات حقيقة لا تقبل الشك أعمال فنية لمبدعين كاذبين فى فن الفوتوشوب، وأصبح التروى تواطؤا وانقلبت الموازين.
وكل من هب ودب يفتى فى السياسة، وأصبح بعض الشباب الخاوى من المنظّرين السياسيين، تتلقفهم قنوات تبحث عن شو إعلامى دون مراعاة لمصلحة الوطن، واعتدنا مشاهدة شباب فى بداية العقد الثالث من العمر متحدثين رسميين باسم الثورة والثوار، الثوار الذين هجروا الميدان منذ أن امتلكه الباعة الجائلون وأصحاب السوابق والشباب المغرر بهم، وأصبح للثورة أكثر من مائة ائتلاف وتحالف ..!!
ومع مطلب العدالة والمحاكمة أمام القاضي الطبيعي، نجد الدعوات لمحاكم استثنائية ومحاكم عسكرية ليس من أجل الحق ولكن للتشفى لا غير- وأنا هنا لا أدافع عن مبارك ورموزه الفاسدة لأنهم يستحقون الموت بقبقاب شجرة الدر- فتملكتنا روح الانتقام وتناسينا أن الحق فوق القوة، لنصعد بسرعة إلى الهاوية والاستسلام لروح الانتقام.
وبدلا من أن نطفئ حريقا شب في بيتنا ، نترك البيت يحترق تحت وهم البحث عمن أحرقه.
تركنا الاختلاف وأصررنا على الخلاف، ومن ركب الثورة أوقعنا في المحظور، فكانت الانتخابات أولا والدستور لاحقا، فاشتعل الغضب فى عقول الثوار وهم مُحقون، ولكن للديمقراطية أصول لابد من القبول بقواعدها، وامتطى مقاعد البرلمان كثيرون لا يستحقون وخسر من يستحقون، لانشغالهم بأشياء أخرى نتيجة لعدم نضجهم السياسى، الأمر الذى دفعهم للحنق والحماقة، وتجلى ذلك فى محاولات كلفت الوطن الكثير من الأموال والدماء، من محاولة اقتحام وزارة الداخلية، إلى منع رئيس الوزراء من دخول مكتبه مرورا بمحاولة احتلال ماسبيرو، وصولا إلى محاولة إسقاط الجيش كما أسقطت الشرطة نفسها وأسقطها المجتمع، تكالب علينا أصدقاء وأخوة ينهشون الأسد الجريح، وإصرار أبنائه علي عدم مداواته عن جهل، تحقيقا لمؤامرات داخلية وخارجية.
فأصبح الحلم كابوسا يؤرق محبى هذا الوطن، ودخل دم الشهيد المزاد، وأصبحنا على مقربة من انتخاب رئيس كان الله فى عونه، كيف سيعيد هيبة الدولة ؟؟ كيف له بناء جهاز شرطة محترم ويقضى على مفسديه ؟؟ كيف يعيد الأمان، كيف يقيم جدران البيت التى تصدعت وأوشكت على الانهيار؟
كيف يحول الخلاف إلى اختلاف ؟؟ وكيف يقيم اقتصادا على شفا الإفلاس ؟؟
بل كيف يتوافق مع من يرفض شرعية انتخابه لا لشىء سوى أنه مش على كيفهم ؟؟
لقد كان الحلم هو الحرية فبات الحلم كابوسا نتمنى الإفاقة منه سريعا، فهل يتحقق الحلم المنشود ؟؟
صورة ارشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
Zahra
مقال رائع بحق
نأمل ذلك ونتعشم ف الله
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد يس العدوي
أملنا في الله كبير
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو منعم الشطوي
ياما كان بودي....!!!!!!!!!!!