«مصر رايحة على فين»،.. الإجابة الوحيدة عن هذا السؤال تتضح فى الدستور. الدستور المصرى هو وحده القادر على رسم ملامح مصر السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى المستقبل، لذلك نجد معظم المعارك التى دارت منذ ثورة 25 يناير حتى الآن، كان معظمها حول الدستور ووضعه، ما بين التعديلات الدستورية ورفضها، وبين الانتخابات أولا أم الدستور أولا، ووجدت ما عرف إعلاميا بـ«أزمة صياغة الدستور»، وقد بدأ أمس 678 نائبا من الشعب والشورى أول اجتماع مشترك للبرلمان بمجلسيه، لمناقشة قواعد انتخاب الجمعية التأسيسية للدستور، والتى من المقرر أن تتكون من مائة عضو، تتولى إعداد دستور جديد طبقا للمادة 60 من الإعلان الدستورى.
الآن أصبحنا قريبين جدا من صياغة دستور مصرى، وحتى نضمن وضع دستور يلبى احتياجات وتطلعات الثورة المصرية، يجب علينا قراءة التجارب الماضية فى وضع الدستور، سواء كانت تجارب مصرية أو عالمية، لما تتضمنه من حلول، ربما تكون مفيدة ونحن نرسم مستقبلنا، وهنا نضع بين يديك عزيزى القارئ بعض تجارب صياغة الدستور، ونعرض أيضا بعض سمات الدساتير القديمة من خلال مجموعة كتب حول هذه الأفكار، لنستخلص من بينها طرقا قد تنفعنا فى صياغة دستورنا الجديد، وتساعدنا على وضع إجابة محددة لسؤال: «مصر رايحة على فين؟».
«محنة الدستور فى مصر».. مظاهرة «الترام» التى عطلت دستور 54
أزمة الدساتير فى مصر بدأت منذ نهاية حكم الخديو إسماعيل 1879 حتى 1923
يبدو أن أزمة وضع الدستور على مدى التاريخ فى مصر سببها تناحر القوى السياسية والجيش، وهذا ما يؤكده الكاتب الراحل محمد زكى عبدالقادر فى كتابه «محنة الدستور فى مصر»، الصادر لأول مرة فى يناير 1955، ضمن سلسلة كتاب «روزاليوسف» عقب إجهاض محاولة الرئيس «محمد نجيب» إصدار دستور جديد بتشكيل لجنة فى 13 يناير 1953م، انتهت من وضع مشروع دستور فى منتصف 1954م، ولم يصدر ذلك الدستور أبدًا بسبب تنظيم مظاهرات قادها رئيس نقابة عمال الترام «الصاوى» يوم 26 مارس 1954م، وظل مجلس قيادة الثورة فى الحكم، وقرر عدم إصدار هذا الدستور وانفرد عبدالناصر بالحكم، وصدر دستور جديد وقد قام بوضع الدستور لجنة فنية ثم عرض على الشعب للموافقة فى استفتاء عام، وأبرز الدستور فى مقدمته المبادئ الستة التى قامت عليها الثورة، وأكد على الطابع العربى لمصر فأشار فى مقدمته «نحن الشعب المصرى الذى يشعر بوجوده متفاعلا فى الكيان العربى الكبير»، ويقدر مسؤولياته والتزاماته حيال النضال العربى المشترك لعزة الأمة العربية ومجدها». ونص هذا الدستور فى مادته الأولى على أن مصر دولة عربية والشعب المصرى جزء من الأمة العربية، وتحدث الدستور عن الملكية العامة والملكية التعاونية إلى جانب الملكية الخاصة، أما من حيث طبيعة نظام الحكم فقد أخذ الدستور بفكرة أن الأمة مصدر السلطات وأن شكل الحكم هو النظام الجمهورى.
وأضاف عبدالقادر فى كتابه الصادر منه نسخة مؤخرا عن الهيئة العامة للكتاب ضمن سلسلة «أدباء القرن العشرين»، فى المقدمة أنه لم يقصد أن يكتب تاريخا ولكنه يحلل الحوادث لكى تتبين معالم الطريق، مؤكدا أن أزمة الدستور فى مصر بدأت منذ بداية مطالبة الشعب المصرى بوضع أول دستور نهاية حكم الخديو إسماعيل «1863 - 1879» وحتى صدور دستور 1923، وذلك بسبب وجود مطلبين أساسيين للشعب المصرى وقتها، الأول متعلق بزوال الاحتلال الانجليزى من مصر والذى كان يطالب به حزب الوفد، بينما كان يطالب حزب الأحرار الدستوريين بضرورة وضع دستور، ولا توجد أزمة فى التعامل مع الإنجليز فى وضع الدستور المصرى، ويبدو أن عبدالقادر تنبأ بالمستقبل، حيث إن محنة الدستور حتى يومنا هذا قائمة بسبب الصراع بين الأحزاب والقوى السياسية على الدستور وصياغته وأيهما الأقرب إلى الشعب.
ويتابع الكتاب بالتحليل الحركة العرابية والاحتلال البريطانى ثم حركة مصطفى كامل وثورة 1919 وإعلان الدستور ثم إلغاء دستور 1923 ومعاهدة 1936 وتولى الملك فاروق عرش البلاد ومحاولة هدم الوفد وفصل النقراشى من الوفد وحركة أحمد حسين وحادث 4 فبراير 1942 ودخول حرب فلسطين ومصرع حسن البنا وإجراء الانتخابات عام 1950 وبروز فؤاد سراج الدين ومعركة القناة وحريق القاهرة وبروز نجيب الهلالى.
ويمر المؤلف بعد ذلك بالأحداث التى مرت بها البلاد ومعاهدة 1936 والتغيرات التى طرأت على الأحزاب حتى يصل إلى ثورة 1952 التى قام بها الجيش وأطاحت بالنظام كله، العرش والأحزاب والساسة، ويختم كتابه بفصل يسميه نهاية الملهاة عندما قدمت حكومة الهلالى استقالتها، وقد أظهرت هذه الظروف أن البرلمان والحكم البرلمانى هما مجموعة من اللصوص والمرتشين.
«نقد دستور 71» منح الحريات للشعب والهيمنة للحاكم
فى محاولة لنقد دستور 71 واكتشاف عيوبه، قام الباحث والمحامى أحمد عبدالحفيظ، بشكل من التوضيح المبسط بتفصيل أوجه قصور هذا الدستور، وعدم ملاءمته للواقع المصرى فى كتابه «نقد دستور 71»، موضحا أن نصوص هذا الدستور تحجم كثيرا من دور المجتمع وفاعليته، بما وضعته من قيود وحدود على مباشرة المواطنين لحقوقهم السياسية، وحرياتهم العامة والخاصة، سواء بشكل مباشر أو من خلال الإحالة المرنة إلى القانون، الأمر الذى حول تدخل الدولة إلى هيمنة مطلقة على سائر جوانب النشاط الاجتماعى، حتى النشاط الخيرى البحت، كما يمكن ملاحظة تسرب طبائع الاستبداد فى النصوص نفسها، من خلال تركيزها على الدور المركزى لرئيس الجمهورية فى نظام الحكم، وتفرده بالسلطة، فالدستور يعطيه كامل السلطات، كما يمنحه حق المشاركة فى التشريع بشكل واسع، وعلى الرغم من أن الدستور قد حشد بالنصوص التى تكفل عددا ضخما من الحريات والحقوق الأساسية، فإنها لم يتحقق منها شىء فى الواقع.
«كيف نحكم بالإسلام؟».. سؤال يبحث عن إجابة لحلم المدينة الفاضلة
الفنجرى يدعو رجال القانون وعلماء المسلمين لوضع دستور إسلامى من القرآن والسنة
بعد الاكتساح الكبير الذى حققته التيارات الإسلامية فى الانتخابات البرلمانية الحالية والتى نبأت مؤشراتها فى مرحلتيها الأولى والثانية باحتمالية أن من سيقوم بصياغة الدستور الجديد لمصر نسبة كبيرة من الإسلاميين، وهذا يأخذنا إلى استعراض كتاب كيف نحكم بالإسلام فى دولة عصرية للدكتور أحمد شوقى الفنجرى الذى أعادت طباعته مؤخرا الهيئة العامة للكتاب فى 275 صفحة، حيث أشار الفنجرى فى مقدمة كتابه إلى أن المدينة الفاضلة التى يبحث عنها كل مواطن للعيش برخاء وفى جو من الديمقراطية والحرية تحققت فى عهد النبى محمد صلى الله عليه وسلم، حتى إن أفلاطون الذى ظل ينادى بتلك المدينة الفاضلة فى كل أفكاره ظلت على مر العصور مجرد خيالات وطموحات فلاسفة على حسب وصفه.
وأكد الفنجرى فى كتابه أن فكرة المدينة الفاضلة التى ينشدها المواطن المصرى يمكن لها التحقق فى عصرنا هذا وخاصة أن دستورها ونظام حكمها الذى قامت عليه من قبل كما ذكر فى عهد الرسول عليه الصلاة والسلام مازال موجودا بين أيدينا وهو كتاب الله وسنة نبيه خاتم المرسلين.
فسر المؤلف السبب فى تمسكه بضرورة الحكم بالإسلام فى الباب الأول الذى كان بعنوان «لماذا الحكم بالإسلام؟»، الحال الذى آل إليه الشعب المصرى وحالة الغضب والسخط واليأس التى أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياته.
وتطرق الفنجرى إلى نظم الحكم التى مرت على البلدان العربية من ملكيات وجمهوريات وحكم عسكرى إلا أن النتيجة دائما واحدة وهى حكم ديكتاتورى، مستعرضا فوائد الحكم بالإسلام بداية من الازدهار الذى كان فى ظل الخلافة الإسلامية التى بدأت بالخلافة الرشيدة ثم الأموية والعباسية، شهدت خلالها الدولة نظاما ديمقراطيا عادلا.
ودعا الفنجرى من خلال كتابه كبار رجال القانون والدستور وعلماء الأمة الإسلامية للتجمع وتشكيل لجنة لوضع دستور إسلامى، بحيث يُستمد كله من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، حتى يصبح نواة لجمع كلمة العرب والمسلمين، لافتا إلى الاتحادات بين الدول التى قامت قديما بين مصر وسوريا، ومصر وليبيا وغيرها انتهت بالفشل لأنها قائمة على مبادئ فردية، كما أنه اعتبر من أبرز فوائده أيضا وضع قوانين للحريات السياسية المستقاة من القرآن والسنة بشكل علمى وصحيح حتى تخرس ألسنة من يريد النيل من الإسلام بالادعاء أنه ضد الحرية.
«إعلان الدستور الإسلامى» يقر بأن الأمة الإسلامية أمة واحدة.. ولغتها «العربية»
يقدم المستشار على جريشة أحد أبرز مفكرى الإخوان المسلمين، فى مشروعه «إعلان الدستور الإسلامى» نصوصا يرى أنها الأصلح لتأخذ بها مصر فى الفترة الراهنة، وذلك باعتبارها تتناسب مع كل زمان ومكان فهى مستمدة من الشريعة الإسلامية، وتضع حلا تجاه كثيرا من القضايا المتعلقة بالحريات والحقوق الأساسية وكيفية تعامل الدولة معها.
ويقر جريشة فى مشروعه بأن الإسلام هو دين الدولة وشرعيته واجبة ومشروعيته هى العليا فوق كل النصوص ومصدره الأساسى القرآن والسنة، وأن الأمة الإسلامية أمة واحدة ولغتها الرسمية هى العربية وتعمل الدولة على نشرها والارتقاء بها، وأن الدولة تستمد شرعيتها من إقامتها لشرع الله ولها حق الطاعة وحق النصرة.
ويؤكد أن الحرية فريضة وممارستها حق فردى ووظيفتها اجتماعية، وتشمل على حرية الاعتقاد والحرية الشخصية وحرية التعبير والنشر وممارسة الشعائر الدينية فى الداخل والخارج وحرية الاجتماع وتكوين النقابات والجمعيات والأحزاب السياسية فضلا على ضرورة صيانة الدين والنفس والعرض والمال.
ويعد العدوان على أيا منها جريمة وتطبيق الحد أو القصاص على كل من يرتكب تعذيب جسدى أو معنوى أو يعتقل مواطنا دون وجه حق.
ويرفض جريشة فى مشروعه جميع أشكال المراقبة، حيث يقر بأن المكالمات والمراسلات مصونة لا تقع تحت المراقبة إلا فى حالات الجرائم وبإذن قضائى، ويرى إلزامية تطبيق أحكام الشريعة تطبيقا إقليميا داخل الدولة وتطبيقا شخصيا على المسلمين وخارجها ولأهل الكتاب عقيدتهم وشعائرهم وأحكام الأسرة الخاصة بهم.
وضمن الحريات الأساسية يرى مشروع الدستور الإسلامى ضرورة أن تكفل الدولة والمجتعمع حق العمل للفرد مثلما تكفل له حق الطعام والملبس والمسكن وتوفير شعائر الله واجب الفرد والمجتمع والأمير قدوة للأفراد فى ذلك والمساس بها أو العدوان عليها يجرمه القانون.
«قصة الدستور المصرى» يؤرخ لنضال المصريين فى وضع الدستور
أضواء على نصوص من عهد محمد على.. وإلغاء الاحتلال الإنجليزى لدستور 1882
فى كتابه «قصة الدستور المصرى.. معارك ووثائق ونصوص» يقدم الكاتب الصحفى محمد حماد، نصوص الدستور المصرى منذ عام 1795 وحتى عام 1971، معبرا عن حالة من النضال الشعبى والسياسى للمصريين فى تاريخهم الحديث، ويشتمل الكتاب على نصوص الدساتير المصرية، من بينها نصوص تنشر لأول مرة، وتمت ترجمتها من اللغة التركية، وضعت فى عهد محمد على، إضافة إلى دستور 1882 الذى ألغاه الاحتلال الإنجليزى قبل أن يجف حبر التوقيع عليه، والقوانين النظامية التى وضعها الاحتلال لتقوم مقام الدستور الملغى فى ذلك الوقت.
ويلقى الكتاب الضوء أيضا على الدستور الشهير عام 1923 الذى جاء فيه أن الإسلام هو الدين الرسمى للدولة، وأن اللغة العربية هى لغتها الرسمية، ومن بعده يفند حماد نصوص دساتير ثورة عام 1952، حيث صدر فى بدايات الثورة أول إعلان دستورى فى شهر ديسمبر من العام نفسه، أُعلن فيه باسم الشعب سقوط دستور 1923 تم تكوين لجنة لوضع مشروع دستور جديد فى الشهر التالى، وتحديد فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات، حتى جاء صدور إعلان دستورى ثان، متضمنا أحكام الدستور المؤقت للحكم خلال فترة الانتقال، ثم عند نهاية الفترة الانتقالية فى يناير 1956 صدر إعلان دستورى مبشر بدستور جديد صدر فى يونيو من العام نفسه.
ويلفت حماد الانتباه أيضا للدستور الصادر مع وحدة مصر وسوريا عام 1958 والذى ظل العمل ساريا به بعد سقوط الوحدة عام 1964 عندها صدر دستور «مؤقت» لمصر. تبعه صدور دستور دائم عام 1971 وما طرأ عليه من تعديلات سواء تلك التى حدثت فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات أو فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، ويقدم المؤلف فى رؤية بانورامية نصوص مشاريع الدساتير، والتى تشمل أربعة مشاريع إسلامية، بينها مشروع للإخوان المسلمين، ومشروع قوى المعارضة بالتوافق مع الإخوان، ومشروع حزب الغد، إلى جانب المحاولات الفردية من الأساتذة المتخصصين، ولم ينس الكاتب أن يوثق للحال الذى نعيشه اليوم بعد الثورة فيسجل ما جرى عقب ثورة 25 يناير من تعطيل العمل بالدستور، وقيام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتكليف لجنة لوضع بعض التعديلات الدستورية، وعرضها للاستفتاء الشعبى فى 19 مارس 2011 ثم إصدار المجلس العسكرى الإعلان الدستورى فى 30 مارس 2011 الذى تضمن التعديلات المستفتى عليها، إلى جانب عدد من مواد الدستور المعطل ليحكم الفترة الانتقالية، والتى تنتهى بانتخاب مجلسى الشعب والشورى وانتخاب رئيس الجمهورية، ثم يأتى الشعب بعد ذلك ويتوج مسيرته الطويلة، ويضع بنفسه الدستور الذى طالما طال انتظاره. وقد بدأت فكرة الكتاب كما يشير صاحبه فى المقدمة من قلب ميدان التحرير، حيث كانت نسخ دستور سنة 1971 قد انتشرت بين أيدى شباب الثورة، فى أيام 9 و10 و11 فبراير، وكانت مناقشات الثوار تنتهى عند نقطة اتفاق جامعة بأن سقوط النظام يعنى سقوط شرعيته، وبالتالى سقوط الدستور، ولم يكن لهم فى ذلك الوقت غير مطلب واحد هو إلقاء الدستور الساقط فى أقرب سلة قمامة، وقد قرر المؤلف فى تلك الأجواء ووسط احتدام هذه المناقشات أن يحكى لأبناء هذا الجيل من الثوار وللأجيال من بعده قصة الشعب مع الدستور، تلك القصة التى يقول إنها بدأت من مشهد الإطاحة بالوالى العثمانى خورشيد باشا فى أوائل القرن التاسع عشر، ولم تنتهِ مع لقطة إسقاط الرئيس حسنى مبارك فى أوائل القرن الحادى والعشرين.
«التاريخ الدستورى المصرى» الشعب لا يمتثل للدستور إذا عبرت نصوصه عن فئة معينة
الواقع الاجتماعى والسياسى يعكس طبيعة التوازن بين سلطات الدولة فى وضع الدساتير
يستعرض الدكتور محمد نور فرحات، أستاذ فلسفة القانون بكلية الحقوق، بجامعة الزقازيق، والباحث عمر فرحات، فى كتابهما «التاريخ الدستورى المصرى.. قراءة من منظور ثورة يناير 2011» تاريخ الدساتير المصرية، باعتبار أنه من الطبيعى أن يلتفت المجتمع إلى ماضيه، فيجتهد فى استعادة الخبرات والتأمل فى عثراته ونجاحاته السابقة، حتى يتمكن من تشكيل مستقبله، وتبلورت فكرة هذا الكتاب عند مؤلفيه الفقيهين الدستوريين عندما اشتد النقاش السياسى والاجتماعى المصاحب لثورة 25 يناير 2011 حول ضرورة إعادة صياغة الدستور المصرى، وما يعنيه ذلك من بناء مؤسسات جديدة، حيث لم يعد هناك مبرر لاستمرار دستور 1971، وفق هذه النقاشات، وبعد خلع الرئيس مبارك وسقوط نظامه.
وأشار الكتاب إلى أن التاريخ الدستورى المصرى يؤكد أن الشعب المصرى ذو سوابق عدة فى تجاوز النص الدستورى، والخروج عنه إذا لم يقنع بأنه يعبر عنه ويلزمه، فإذا كان الدستور معبرا عن فئة بعينها من الشعب، فلن يجبر ذلك بقية الشعب على الامتثال والانصياع له، وإنما سيستمر المد الثورى فى مواجهة الاستبداد الجديد دون أن تتحول الطاقة الثورية إلى طاقة تنموية خلاقة، وذلك من تشخيص شامل وتحليل مستفيض لتاريخ الدساتير المصرية، منطلقين فى ذلك من الواقع الذى أفرزته ثورة 25 يناير.
ويحاول الكتاب من خلال فصوله الأربعة أن يوضح السبل التى يمكن اتباعها من أجل تحقيق رخاء اجتماعى، وبناء مؤسسات دستورية على أرضية صلبة، والخروج من ضجيج الثورة وحراكها، فيستعرض الكتاب أولا طبيعة وتسلسل القوى التى كانت تحكم منذ عهد محمد على فى بداية القرن التاسع عشر، إلى قيام ثورة يناير 2011، والتى كان لها دور كبير فى تشكيل الحياة الدستورية المصرية، ثم يناقش بعد ذلك كيفية صياغة الدساتير والوثائق المصاحبة لها، وما هو الأسلوب المتبع فى ذلك، مدللين بتاريخ دستور 1923، حيث شكل الملك فؤاد لجنة تتكون من 30 عضوا لصياغته، أملا بأن تأتى بدستور على هواه، لا يضمن السيادة الشعبية، ويمكنه من السيطرة على الثورة، لكن الرقابة الشعبية الشديدة على أعمال هذه اللجنة حالت دون ذلك، بينما تشكل دستور 1954 بناء على «بيان دستورى» فى 10 ديسمبر 1952 يقرر تشكيل «لجنة تضع مشروع دستور جديد، يقره الشعب، ويكون منزها من عيوب الدستور الزائل، 1923، ومحققا آمال الأمة فى حكم نيابى نظيف سليم». وقدمت اللجنة مشروع دستور 1954 الذى لم يعتد به مجلس قيادة الثورة، بينما أعد دستور 1971 لجنة مكونة من 80 فردا عينها مجلس الشعب من بين أعضائه، وغيرهم من ذى الخبرة، وذلك بناء على طلب قدمه للمجلس أنور السادات بصفته رئيسا للجمهورية، ويعتبر الكتاب أن التعديلات المتتالية لدستور 1971 منذ إصداره حتى سقوطه نتيجة ثورة 25 يناير 2011، خير دليل على استخدام الحكام فى تلك الفترة للدستور كغطاء لهم، يساعدهم على الانفراد بكل السلطات.
يناقش الكتاب الجوانب الاجتماعية والسياسية التى من أجلها توضع الدساتير، حيث يتداخل تاريخ مصر الدستورى مع تاريخ مصر الاجتماعى والسياسى، والتوازن بين سلطات الدولة وتحديد العلاقات بينها، وتطور الوثائق شبه الدستورية والدستورية فى مصر لسلطات ومؤسسات الدولة. والكتاب صادر عن مركز الجزيرة للدراسات ضمن سلسلة أوراق الجزيرة لعام 2011.
«الدساتير المصرية عبر التاريخ» يحدد الطريق الأمثل لوضع دستور «الأمل»
فى كتابه «الدساتير المصرية عبر التاريخ.. رحلة نضال»، استطاع الكاتب عصام عاشور التوصل لنتيجة، هى أن الأسلوب الأمثل والأكثر ديمقراطية لوضع الدستور «الأمل»- كما أطلق عليه الكاتب بعد ثورة 25 يناير- هو وضع الدستور عن طريق جمعية تأسيسية منتخبة انتخاباً مباشراً، موضحا خلال الكتاب الصادر عن دار «ميريت» للنشر أنه بدراسة الدساتير المصرية منذ دستور 1837 حتى قيام ثورة يوليو 1952، لاحظ أن جميع هذه الدساتير كان جل همها هو الحريات العامة، ولم يكن ضمن اهتمامها العدالة الاجتماعية، أو حق الشعب فى نصيبه من ثرواته، أما دساتير ثورة يوليو فكان جل اهتمامها العدالة الاجتماعية، وحق الشعب فى ثرواته والقطاع العام، ولم يكن ضمن اهتمامها الحريات الشخصية، لذا فإن المطلوب من دستور ثورة يناير هو عمل التوازن بين الحريات، والعدالة الاجتماعية.
وأكد الكاتب أن جميع الدساتير فى مصر كانت نتاجا لانتفاضات وثورات الشعوب، وكذلك التعديلات التى تمت على دستور 1971، التعديل الأول «أنور السادات» فى 22 مايو 1980، كان الغرض الأساسى منه هو تعديل المادة 77 لتكون مدد رئاسة الجمهورية بلا حد أقصى، والتعديل الثانى «حسنى مبارك» 25 مايو 2005 والذى انصب على مادة واحدة هى المادة 76 الخاصة بشروط الترشح لرئاسة الجمهورية، والتى خلصت إلى إما الرئيس القائم أو ابنه أو من يراه الرئيس، والتعديل الثالث «حسنى مبارك» والذى يمكن وصفه بتعديل إقصاء القضاء عن الانتخابات، وإتمام زواج السلطة بالثروة، والقضاء على كل ما يمت لكلمة الاشتراكية بصلة، تمهيداً لتوريث الحكم، وتوحش سلطة رجال الأعمال.
«دستور فى صندوق القمامة» يرد الاعتبار لدستور 1954
صلاح عيسى: تم التخلص منه لأنه كان أكثر ليبرالية
فى الوقت الذى بدأ يُثار فيه جدل فى الشارع المصرى حول وضع دستور جديد، أو إجراء انتخابات برلمانية، صدرت الطبعة الثانية من كتاب «دستور فى صندوق القمامة» للكاتب الصحفى صلاح عيسى، الذى يتناول مشروع دستور 54 الذى بدأ يثار بعد ثورة يوليو، وألقاه مجلس قيادة الثورة فى صناديق القمامة، لأنه أكثر ليبرالية مما تحتمله الظروف «وفقا لرؤية مجلس قيادة الثورة»، وتضمنت الطبعة الجديدة فصلين، وضعهما الكاتب بعد ثورة 25 يناير، ليتناسب مع الأحداث الجارية، الأول يتناول إشكالية حركة الإصلاح السياسى فى مصر خلال السنوات العشر الأخيرة، والثانى يتناول إشكالية المادة الثانية من الدستور بين الجماعات الدينية والليبرالية، ويدعو عيسى فى الكتاب إلى اتخاذ مشروع دستور 1954 الذى يقوم على الجمهورية البرلمانية كأساس للدستور الجديد الذى سيكون الثانى عشر فى تاريخ مصر.
يضم كتاب «دستور فى صندوق القمامة»، فصلا عن التعديلات التى أدخلت على قانون 1971 فى عام 2007، ومن بين هذه التعديلات المادة الثانية من الدستور، وأسبابها والجدل الدائر حولها، وما أعقب ذلك من صراع بين التيارات المختلفة حول وجود هذه المادة من الأساس، وحول تعديل صياغتها.
ويحاول الكاتب المساهمة فى الحوار حول مشروع وضع دستور جديد غير دستور 1971 بعد 55 عاما، ويقدم المؤلف فى هذا السياق رؤية تحليلية لمشروع دستور 1954 الذى كان قد أُلقى فى صندوق القمامة فور إعداده، ولم يدخل حيز التطبيق، وكان ينص على أن يكون للدولة برلمان من مجلسى للنواب وآخر للشيوخ، ويكون الفصل فى صحة عضوية أعضاء المجلس من اختصاص المحكمة الدستورية حتى لا يكون المجلس سيد قراره، أما مجلس الوزراء فهو مسؤول أمام البرلمان، وللبرلمان حق مساءلة وسحب الثقة من الوزارة كلها، أو من أحد وزرائها، وعندما يحدث هذا يجب استقالة من سحبت الثقة منه، وينص الدستور على محاكمة رئيس الجمهورية إذا ارتكب ما يبرر ذلك بقرار أحد المجلسين بأغلبية الأعضاء، وتتم المحاكمة أمام المحكمة الدستورية العليا، وحظر الدستور محاكمة أحد أمام محاكم خاصة واستثنائية، وكذلك محاكمة مدنيين أمام محاكم عسكرية، وحرم دخول «البوليس» المنازل ليلا إلا بإذن من السلطة القضائية، كما ينص على أن من حكم عليه بحكم نهائى خاطئ له الحق فى المطالبة بتعويض من الدولة، ونص فى الدستور على أنه لا يجوز تقييد إصدار الصحف بترخيص، ولا يجوز الرقابة عليها أو إيقافها أو مصادرتها بطريق إدارى، كما نصت المادة 195 على أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها.
«الدستور الذى نريد».. مشروع لأحزاب المعارضة فى الماضى يتحدث عن المسلمين وغير المسلمين
«الدستور الذى نريد».. عنوان المشروع الذى أعدته اللجنة الشعبية للإصلاح الدستورى وقدمه الدكتور محمد حلمى مراد، وهو يضم مجموعة من النصوص التى اتفق عليها عدد من الأحزاب المعارضة، وهى تتضمن أن الإسلام دين الدولة الرسمى واللغة العربية هى اللغة الرسمية للدولة، والشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع ولغير المسلمين الحق فى الاحتكام لشريعتهم، ومصر جمهورية ديمقراطية تقوم على تحقيق الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية للمواطنين وهى جزء من الأمة العربية وتسعى لتحقيق وحدتها الشاملة.
وأيضا يقر المشروع ضرورة وضع الضمانات الدستورية للتوزيع العادل للثروة الوطنية وتحقيق العدالة الاجتماعية، والاقتصاد الوطنى يقوم على التنمية الشاملة وعدالة توزيع الناتج القومى وكفالة القضاء على البطالة وزيادة فرص العمل وضمان الحد الأدنى للمعيشة، وحماية حق الملكية بصوره الثلاث العامة، والتعاونية والخاصة، ويؤكد المشروع أيضا على أن النظام الإدارى للدولة يقوم على المؤسسات وليس الأفراد ويكون الاختيار فى جميع وظائف الدولة على أساس الكفاءة والأهلية وليس على أساس الدين أو العرق أو النوع أو الجنس.
وعن ضرورة الفصل بين السلطات نص المشروع على أن الدستور القادم يجب أن يشمل على وجوب الفصل التام بين السلطات ويجب على السلطة التنفيذية تنفيذ أحكام القضاء ويضمن التداول السلمى للسلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة ويكون للبرلمان سلطة التشريع والمراقبة والمحاسبة للسلطة التنفيذية وسحب الثقة من الحكومة والوزراء ورئيس الدولة ويضع رئيس الحكومة الميزانية العامة للدولة ويقرها البرلمان ويراقبه.
وينص المشروع على حرية إنشاء وتشكيل الأحزاب السياسية فى إطار من القيم الدينية والأخلاقية وتقاليد المجتمع، وتكون السلطة القضائية وحدها هى صاحبة الحق فى إدارة الانتخابات عن طريق المجلس الأعلى للقضاء ويكون لجنة عليا مستقلة ماليا وإداريا لإدارة العملية الانتخابية والإقرار بحق الاجتماع والتظاهر والإضراب والدعوة إليه بشكل سلمى وحضارى ودون الإضرار بالمواطنين.
«النظام السياسى المصرى» يحذر من غلبة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية
على الدين هلال يبحث عن خصائص النظام السياسى المصرى للوصول لمفهوم صحيح للدستور
يعرض كتاب «النظام السياسى المصرى.. بين إرث الماضى وآفاق المستقبل 1981-2010» لمؤلفه الدكتور على الدين هلال أمين الإعلام بالحزب الوطنى المنحل وأستاذ العلوم السياسية بكلية سياسة واقتصاد، صورة كاملة عن النظام السياسى فى مصر، وعن أهم خصائصه وسماته فى العقود الثلاثة الأخيرة منذ تولى مبارك الحكم، فلم يتوغل فى الجذور التاريخية إلا بالحد الأدنى، الذى يتطلب به استكمال الفهم أو أبراز استمرارية إحدى الخصائص عبر مراحل تطور النظام من حقبة لأخرى.
يركز الكتاب على مؤسسات النظام السياسى، من خلال توضيح مفهوم الدستور والسلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، والأحزاب السياسية، والمجتمع المدنى، والحركات الاجتماعية السياسية، مبرزا فصل الإطار الدستورى القانونى والممارسة الفعلية، مع إشارة إلى التفاعلات بين تلك المؤسسات والقوى السياسية فى علاقتها ببعضها البعض، وفى تعبيرها عن المجتمع.
والفكرة الحاكمة فى الكتاب هى ما يشير إليه العنوان الفرعى له «بين إرث الماضى وآفاق المستقبل» والذى يوضح أن النظام السياسى المصرى يتضمن قدرا كبيرا من الاستمرارية لعدد من السمات، والتى تبلورت فى مراحل تاريخية سابقة، مثل غلبة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية، وعدم الاستقرار الوزارى، وضعف الحياة الحزبية، ووجود حزب كبير ومهيمن، وعدم وجود تقاليد دستورية مستقرة بسبب عدم الاستقرار البرلمانى والدستورى فى معظم سنوات القرن العشرين، وتمثل هذه الخصائص معوقات أمام التطور الديمقراطى، وفى مواجهة تلك السمات المتوارثة.
ويعرض الكتاب خصائص النظام السياسى المصرى من جوانبه الدستورية والمؤسسية والحركية، فهو يبحث فى مؤسسات النظام من الناحية القانونية، فيعرض لاختصاصاتها ووظائفها والعلاقات التى حددها الدستور والقانون بين بعضها البعض، كما يدرس هذه المؤسسات فى حالة النشاط والحركة، فيحلل أداءها وممارساتها العملية لوظائفها.
ويسرد المؤلف مراحل تطور النظام المصرى، ففى المرحلة التى أعقبت الاستقلال عام 1923 حتى يوليو 1952، شهدت العلاقة بين الدولة والمجتمع تطورات مهمة اتسمت بالصراع بين الوفد والعرش حول احترام الدستور، وظهور حركة الإخوان المسلمين، وتطور دور النقابات المهنية والعمالية والجمعيات الأهلية، وارتبط بذلك نمو الطبقة العاملة المصرية وبروز حركات الاحتجاج الاجتماعى.
وفى مرحلة ما بعد 1952 تغيرت العلاقة بين الدولة والمجتمع لصالح الدولة، التى سعت إلى اختراق مختلف التنظيمات الاجتماعية والسيطرة عليها، فى إطار سياسى اتسم بوجود تنظيم سياسى واحد، وبعودة التعددية الحزبية فى عام 1977 وازدياد دور الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدنى، وأتساع حرية التعبير وأجهزة الإعلام، تغيرت العلاقة مرة أخرى بين الدولة والمجتمع لصالح دور أكبر للثانى، ومن ملامحها ظهور أشكال جديدة للمشاركة فى الأحياء الحضارية.
كما يعرض الكتاب ملامح التطور الدستورى فى مصر من خلال دراسة الدساتير واللوائح والإعلانات الدستورية.
دليل المواطن المصرى إلى فهم الدستور.. أشهر كتب الدساتير فى مصر ترفع شعار «عيش حرية كرامة إنسانية»
الأحد، 04 مارس 2012 09:44 ص
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
أبو العربى
الذكــــرى 55
عدد الردود 0
بواسطة:
MODY
تصحيح
الدساتير ايه بس حرام عليكم اللغه
عدد الردود 0
بواسطة:
د / محمد احمد على
بلاغ ضد محافظ الاسكندرية
عدد الردود 0
بواسطة:
فين عضو مجلس الشعب بتاعك
ابعتله
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري بالرياض
الى د / محمد احمد على