"السويس عاصمة ثقافية".. حبر على ورق

الأحد، 04 مارس 2012 04:43 م
"السويس عاصمة ثقافية".. حبر على ورق قصر ثقافة السويس
السويس – محمد كمال

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الكثير من المؤرخين لتاريخ مصر الحديث والمطلعين على التاريخ النضالى للمدينة الباسلة توقعوا أن يكون لها شأن آخر فيما اتفقوا على تسمية فى البداية بيوم الغضب.. وصدقت نبوءتهم وغضبت السويس واشتعل الوضع بالمدينة.. وسقط على أرضها أول شهيد للثورة بعد أن أصبحت هى شرارتها.. لكن رد الجميل لشعبها لم يكن على مستوى الخدمة التى قدمها السوايسة للثورة وما ستحفل به صفحات تاريخ مصر فيما يخص الثورة وما تبعها من خير سيعم على أرض مصر سيجعل الكتاب يخجلون من ذكر ما أولاه المسئولون للسويس.. الأمر ليس حملة انتقاد.. وإنما انطلاقا مما نراه على ارض الواقع..

مرت حتى الآن ثلاثة شهور على إعلان السويس عاصمة للثقافة المصرية.. ومنذ ذلك الإعلان حتى الآن لم تشهد السويس اى تقدم ثقافياً رغم تصريحات الوزير الذى شغل هذا المنصب بعد اثنين قبلة منذ قيام الثورة التى جاء من رحمها على حد وصف المتعاملين معه، وهذا ما دفع اليوم السابع لفتح ملف الثقافة بالسويس المحافظة ليحكم القارئ بنفسه على مستوى الخدمة ورد الجميل للسويس.

جغرافيا المكان.. المتابع جيدا لمحافظة السويس وموقعها الإستراتيجى على مياه البحر الأحمر سيرى أنها تحوى العديد من الأماكن الأثرية داخل حدودها والتى أهملت عمدا ولتفنى وتمحى معها ذاكرة المكان ومنها..

قصر محمد على
‏‏يرجع‏ ‏تاريخه‏ ‏إلى ‏عام‏ 1812 ‏ليصبح‏ ‏من‏ ‏العلامات‏ ‏المميزة‏ ‏للمحافظة،‏ حيث شيد‏ ‏القصر‏ ‏على ‏الطراز‏ ‏التركى العريق .. ‏ ‏فهو ‏يذكرنا‏ ‏بالأحداث‏ ‏التى ‏كانت‏ ‏تمر‏ ‏بالسويس‏ ‏خلال‏ ‏تاريخها‏ ‏الحافل‏ ‏حينما‏ ‏شيده‏ ‏محمد‏ ‏على ‏باشا‏ ‏مقرا‏ ‏له‏ ‏عند‏ ‏حضوره‏ للمدينة ‏ ‏لمتابعة‏ ‏بناء ‏الأسطول‏ ‏الذى ‏ينقل‏ ‏جنوده‏ ‏وعتاده‏ ‏الحربى ‏إلى ‏الحجاز‏ ‏لمحاربة‏ ‏الوهابيين‏ ‏عام‏ 1811-1818.

ومن أبوابه التى أصبحت محبسا للخراف دخلت ‏الملكة‏ ‏أوجين‏ ‏زوجة‏ ‏الإمبراطور‏ ‏نابليون، ‏وفى ‏عام‏ 1886 ‏استخدم‏ ‏الجناح‏ ‏الجنوبى ‏الغربى ‏منه‏ ‏كمقر‏ ‏لمحكمة‏ ‏السويس‏ ‏الشرعية‏، ‏وفى ‏عام‏ 1930 ‏استخدم‏ ‏كمقر‏ ‏لحاكم‏ ‏السويس‏ ‏وأسرته، ‏وفى ‏عام‏ 1960 ‏تم‏ ‏تخصيص‏ ‏القصر‏ ‏بأكمله‏ ‏مقرا‏ ‏لمديرية‏ ‏أمن‏ ‏السويس‏ ‏حتى ‏تم‏ ‏مؤخرا‏ ‏إخلاؤه‏ ‏وتسليمه‏ ‏لهيئة‏ ‏الآثار.. ‏ولنا هنا سؤال يطرح نفسه.. ألم يشفع تاريخ القصر وارتباطه باسم مؤسس الدولة الحديثة فى مصر لنحميه من يد الإهمال والذى تسبب ‏فى ‏طمس‏ ‏معالمه‏ ‏وتحوله‏ ‏إلى ‏مقلب‏ ‏للقمامة‏ ‏ومأوى ‏للحشرات وحظيرة تربية الأغنام‏ ‏بدلا‏ ‏من‏ ‏أن‏ ‏يصبح‏ ‏مزارا‏ سياحيا؟.

بيت المساجيرى
وعن هذا البيت التاريخى يقول أنور فتح الباب أستاذ التاريخ بوزارة التربية والتعليم انه أنشئ فى عصر المماليك وكان يعمل كفندق ومكان لتخزين البضائع، حيث كانت السويس الطريق الرئيسى إلى العاصمة فى هذا الوقت مؤكدا أن البيت المسا جيرى، بالإضافة إلى قصر محمد على يعانى من انهيار البنية الأساسية مطالبا وزير الثقافة بالتدخل لإنقاذ هذا الأثر التاريخى الهام.

بيوت الثقافة
وعددها 5 بيوت فى "شندوة وجنيفة والعمدة" بحى الجناين و"الزيتيات" بحى عتاقة، بالإضافة إلى مكتبة الشرطة "داخل نادى الشرطة" بحى السويس، وفى هذا السياق أكد منصور غريب مخرج مسرحى وعضو ائتلاف أدباء ومثقفى السويس الذى تم تدشينه مؤخرا أن جميع البيوت تحتاج إلى ترميم، بالإضافة إلى أن معظمها مغلق طوال الوقت خاصة بيت الثقافة فى شندورة وجنيفة لبعده عن الأماكن السكنية، مطالبا الوزير بتفعيل قرار السويس عاصمة للثقافة من أجل تطوير هذه البيوت وتطوير بنيتها الأساسية.


مكتبة ومتحف وقصر ثقافة الطفل
المتجول داخل السويس سوف يجد مكانا مخصصا لبناء مكتبة السويس الكبرى وهو قطعة أرض بمنطقة حوض الدرس والذى كان يطلق عليها سابقا "مكتبة سوزان مبارك"، وهنا يشير عبد الحميد كمال عضو مجلس الشعب السابق أن مشروع مكتبة السويس متعثر منذ سنوات رغم وجود التحويل الذى بلغ ما يزيد عن 125 مليون جنيه تم جمعها من رجال الأعمال وبعض المؤسسات من داخل السويس، ليخرج لنا على شكل سفينة كبرى تحتوى عددا من القاعات والمكتبات المتخصصة وقاعات للاطلاع والضيافة ومسرح وسينما وفندق، وقد تم تصميمها على أعلى مستوى لدى أحد بيوت الخبرة الاستشارية الهندسية ولكن السفينة التى لم تبنى بل غرقت لان المشروع مازال أرضا يابسة لا يمكن الإبحار فيها.

وأما بخصوص متحف السويس فأشار كمال إلى تأخر افتتاحه منذ سنوات طويلة والذى تزيد تكلفته على 12 مليون جنيه ويضيف: "كان هذا المتحف سيلبى حلم أبناء السويس فى إنشاء متحف قومى يجمع تراث العمل الوطنى والسياسى لمعارك السويس الوطنية ويكون الذاكرة الخصبة لأبناء هذا البلد العظيم ليضم فى جنباته صور شهداء الوطن وتاريخهم العطر عبر معارك السويس الوطنية.

ويستكمل ليس من المعقول أن ميزانية الخدمات الثقافية فى السويس هزيلة لا يتعدى نصيب المواطن فيها 3 قروش سنويا ونتحدث عن خدمات ثقافية يكفى التنويه إلى أن آخر ميزانية للثقافة عرضت على المجلس المحلى للمحافظة تكشف أن المخصص للأنشطة الثقافية لشباب العمال لا يتعدى (3700) جنيه طوال العام أما المخصص للفنون التشكيلية فهو مبلغ 800 جنيه لإقامة معارض وتشجيع المبدعين .

حتى المكتبة العامة التى تمتلكها محافظة السويس والتى توجد خلف المبنى القديم للديوان العام للمحافظة تعانى من الإهمال الشديد سواء فى الكتب أو الدوريات وحتى المطبوعات الحديثة ولا تفتح للجمهور من الرواد ويتم غلقها فى الثانية ظهرا

أما عن قصر ثقافة الطفل الذى ضاع حقه من الثقافة بالسويس فأوضح كمال انه تم بناؤه بعد أكثر من 20 عاما على وضع حجر الأساس له بعد أن أحيل مشروع إنشاءه للنيابة العامة بسبب الإهمال والعيوب فى الإنشاءات وقد تمت إزالته رغم صرف مئات من الألوف عليه من الخزانة العامة.

وترتب على ذلك - والكلام للنائب السابق - انتشار الأفكار الظلامية وظهور الجماعات المعادية للثقافة ومنها قيام بعض الشباب المتطرفين بتحطيم تمثال معركة كفر أحمد عبده ضد الإنجليز، حيث اعتبره صنما يجب تحطيمه بعيدا عن قيمته الجمالية والتاريخية، فضلا عن تحطيم أحد التماثيل الفرعونية التى كانت قد أقيمت على كورنيش السويس الجديد.. إننا نضع كل هذه الأمور ومشاكلها أمام السيد وزير الثقافة ونحن على ثقة فى أنه لن يتأخر فى التحديات التى تواجه السويس ثقافيا، لأن البداية الحقيقية للتطوير تبدو بالتشخيص حتى يكون العلاج.

أما عن مشاكل الأدباء والمثقفين القائمين على النهضة الثقافية بالسويس فحدث ولا حرج، حيث قام ائتلاف أدباء ومثقفى السويس بعمل وقفة احتجاجية أمام قصر الثقافة خلال فعاليات احد القوافل الثقافية التى تم إقامتها مرتين فقط فى مدة تزيد عن ثلاثة أشهر وهى منذ إعلان د. عماد أبو غازى وزير الثقافة السويس عاصمة ثقافية.

ولم تقم أى فعاليات أو قرارات أخرى فى هذا السياق حيث أوضح الائتلاف إثناء وقفته اعتراضه على تجاهل الوزير للأدباء والفنانين بالمحافظة، وعدم الاستفادة منهم، فضلا عن استقدام منظمين من خارج السويس لتنظيم الفعاليات التى تقوم على ارض المحافظة بالإضافة إلى إعلان استيائهم من عدم دراسة مشاكل السويس الثقافية قبل إعلان السويس عاصمة للثقافة المصرية مما يهدد بفشل عام الثقافة بالمحافظة.


مقر الحزب الوطنى
وبالرغم من إعلان الوزير أثناء زيارته الثانية للسويس أنه تم الاتفاق مع اللواء محمد عبد المنعم هاشم محافظ السويس على تحويل مبنى الحزب الوطنى المنحل إلى أحد الأماكن الثقافية، إلا أن اسم الأمين العام السابق للحزب ما زال على اللافتات بداخلة بجانب لافتات شعارات الحزب الوطنى الديمقراطى ولم يتم اتخاذ اى إجراءات لتحويل المبنى إلى مركز ثقافى.

سيادة الوزير عماد أبو غازى ليكن لك حظا من اسمك وتغزو الفساد الذى ترصد له أعداء نشر الثقافة.. ولترد للسويس جزءا من الجميل الذى سيظل معلقا فى رقاب كل من نادى بالثورة على الأنظمة الفاسدة التى حكمتنا ثلاثون عاما..

د. عماد لن يحاسبك أهل السويس بعد عام على اختيارها عاصمة للثقافة المصرية عندما يرون أن الحال كما هو ولم يتغير فيما طرحناه من مشكلات .. بل سنكتفى لقلم التاريخ أن يتحدث على زيارتك للمدينة مرتين وأنك أول وزير يحضر الى السويس عقب الثورة يناير واعتزامك إعلانها عاصمة للثقافة المصرية ومرور العام دون أن يجرى أى تغيير أو تأثير فيما قبل العام وبعده.. ومثقف مثلك يعلم جيدا كيف هو صادق وقاسى قلم التاريخ لترى صفحتك باهته بكتاب الثورة الذى ستتقدم فصولة مدينة السويس.

































مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة