أكرم القصاص - علا الشافعي

إبراهيم داود

غناء بكر

السبت، 31 مارس 2012 04:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نحن فى حاجة إلى حلمى بكر الملحن صاحب «ع اللى جرى» أكثر من حاجتنا إلى كلامه عن الغناء، فالرجل منذ فترة بعيدة تحول إلى «نمرة» فى الفضائيات، ونصب نفسه حكما ومالكا لكلام نهائى، ومتحسرا على زمن مضى يعيش فينا ويتم انتهاكه أمام أعين الجميع، يتحدث فى الموضوع بحماس شديد يفوق حماس الاستراتيجيين عندما يتحدثون بعصبية فى موضوعات تحتاج هدوءا، ولم أفكر فى التعليق على شطحات بكر الفلسفية قبل ذلك، لأننى أقدر الرجل كملحن، ولأنه قبل أن يلعب الدور الذى أعد له سلفا، دور المدافع باستماتة وبشكل كاريكاتيرى عن الماضى، وبين الحين والآخر يشيد بأصوات لا تتسق مع قناعاته، لكن تصريحا أخيرا له على موقع مصراوى يرى فيه أن الأغنية لن تواجه مشكلة فى عهد الإخوان المسلمين استوقفنى، ليس اعتراضا على كلامه، ولكن لثقتى فى أن المصريين لن تستطيع قوة أن تمنعهم من الغناء وبالطريقة «أو الطرق» التى يريدونها.. هو يرى أيضا أن الأغنية فى حالة انهيار تام منذ زمن بعيد، وأنه «يجب على كاتب الكلمات أن يكون أديبا قبل أن يكون شاعرا فى الفترة المقبلة»، وكلمة «يجب» هذه هى كارثة جيل حلمى بكر، لماذا يجب؟ شاعر الأغنية ليس أقل قيمة من الأديب، ومشكلتنا الآن هى وفرة الشعراء الأدباء الجيدين وندرة شاعر الأغنية، نحن فى حاجة إلى الكلمات البسيطة التى يتفق عليها الناس، كما فعل بيرم التونسى وبديع خيرى وعبدالفتاح مصطفى ومرسى جميل عزيز وصلاح جاهين ومحمد على أحمد وعبدالرحمن الأبنودى وعلى مهدى وغيرهم من هذا الاتجاه الذى شكل ذائقة يمكن القياس عليها، واحترم هذا الفن الذى اعتبره ديوان الوجدان والذى لن تجد فى الفنون الأخرى أنضج منه فى التعبير عن أشواق المصريين وأحزانهم، شعراء الأغنية العظام عرفوا أن أقصر طريق للوصول إلى الناس هو البساطة وتلبية حاجة الناس للغناء، والتفتيش عن المناطق البكر داخلهم لمخاطبتها بعيدا عن الكلام الكبير، وأغنية عاطفية جميلة من الممكن أن تكون مفيدة أكثر من أغنية وطنية تحمل مبادئ سامية كتبها شاعر غير موهوب، ولم أفهم كلمة «يجب أن يكون أديبا»، وهل يقصد دعوة كتاب القصة والرواية لإنقاذ الغناء؟ حلمى بكر يعرف أن صناعة الغناء هى المشكلة، وأن الفضائيات التى يظهر فيها ورأس المال الخليجى وفساد الذمم لا يريدون لقوة مصر الناعمة أن تنهض، هم مسؤولون عن الحصار المفروض على حالة الارتجال التى تعيشها الأغنية المصرية بعيدا عن السلطة «أى سلطة»، وأنه عيب عليه أن يقول مثلا أن نانسى عجرم هى وريثة شادية، وأن الأغنية اللبنانية هزمت المصرية «كما جاء فى موقع إم بى سى. نت»، هو يشارك فى الحصار بهذا الكلام، لأنه مع احترامى للسيدة نانسى تجاهل معنى شادية، التى أحبها المصريون لأسباب يطول شرحها، ولم يجدوا فى تراثهم الغزير أبلغ من صوتها وهى تغنى «يا حبيبتى يا مصر» للغناء معه أيام الثورة، هذا الانتخاب لا علاقة له بالسياسة أو الثقافة أو نفوذ الوليد بن طلال، هو مرتبط بحاجة الناس إلى الغناء معا، كنا فى حاجة لمتخصص موهوب يقول لنا لماذا شادية ولماذا هذه الأغنية بالتحديد هى التى أجمع الناس عليها فى الميادين والفضائيات وبدون اتفاق؟ أما الحديث عن انتصار الأغنية اللبنانية، فهذا كلام لإرضاء «صاحب المحل»، لأننا لسنا فى معركة، وسيسعد المصريون بازدهار الغناء فى أى بلد عربى أكثر مما يتخيل الملحن الكبير، الذى «ينبغى» أن يعرف أن صوت بلده.. سيظل الأجمل.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

امل

بصراحة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة