محمد فهيم

إلى هيكل وزمانه.. من الأحق بالولاء؟

السبت، 03 مارس 2012 04:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أستاذنا الكبير"محمد حسنين هيكل" ما كان لقزم فى حجمى أن يكتب عن عملاق مثلك، ولكنى بعدما قرأت كتابك "مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان"عشت بين سطوره أقرأه بعناية، ثم أعيد القراءة مرة أخرى، واستمتعت بفنك الأدبى الراقى، وكلماتك الرصينة وعباراتك المجدولة بعناية فائقة، وكأنها عناقيد عنب مرصوصة تنتظر من يقطفها فيجد حلوها يملأ فيه.

ولكن عذرا" محمد بيه"- كما كان يناديك المخلوع - فقد انطبق على كتابك الأخير القول المأثور"القارىء كالحالب والسامع كالشارب"، وبما أننى شربت مما لديك من علم ومتيقن من صدق وثائقك، إلا أن هذه الوثائق التى عرضتها حول قصة "سلة المانجو" والتى أكدت بها أن السادات هو من خطط لها، وبأمر من عبد الناصر، ونفذها مبارك لقتل الإمام المهدى فى السودان، من أجل عيون جعفر نميرى، أسقطت زعماء مصر الثلاثة من عليائهم، وجعلت من ناصر محبوب الملايين " شخصا متآمرا " على ثورة المهدى لا داعما لحركات التحرر، وصورت السادات "صاحب الحرب والسلام" بـ" شيخ منصر وابن ليل" ينفذ لمن يدفع أو لمن يأمر ما يريد، وأكدت أن مبارك بدأ حياته "قاتلا محترفا" فى هذه الواقعة ولذا فقد انتهى إلى مصاص دماء.

وحقيقة هذا الأمر هى فى وثائقك، وأما حقيقة ما وصلنى من حكايتك، أن من حكمنا من المصريين أبدا لم يختلفوا عن سابقيهم على مر العصور، ولكن لماذا أيها الأستاذ لا تسلم وثائقك التى تحتفظ بها للشعب؟ كى يعرف جيدا حكامه، فهى ليست ملكا لك كى تستأثر بها لنفسك، وتخرج بعضها للنور وقتما تحب، بل هى ملك للشعب المظلوم حتى ممن يدعون حرصهم عليه.

عذرا "محمد بيه" شعرت فى تكرارك لهذه الكلمة أن لها تأثير السحر عندك، برغم أن عصر البهوات انتهى بمجىء عبد الناصر، وعهد البشوات انقضى مع وفاة السادات، وزمن الأباطرة سقط مع نهاية مبارك، ولكنك تنفى هذه النظرية عن نفسك باحتفاظك بالحقيقة دائما وحدك لتكون البيه والباشا والامبراطور.

ففى لقائك مع الراحل أشرف مروان فى بيت السفير اللبنانى قلت إنه كان اللقاء الأخير، وسردت اللقاء بحنكة السياسى المحترف، الذى يتحدث فلا يقول شيئا، وتركتنا دون الحقيقة حتى قتلنا الشك والريبة فى أشرف مروان، فلم تنف عنه اتهام العمالة ولم تؤكده بالوثائق كما عودتنا، ولا اتهمت مبارك بقتله خوفا على سمعته، ولا نفيت عنه الاتهام، وأعتقد أن طرف الحقيقة لديك تبخل به على الشعب والعدالة وتحتفظ بالوثائق لنفسك، وكان الأجدر بك أن تعطيها لجهات التحقيق بدلا من أن تظل الوحيد الذى يملك الحقيقة.

للمرة الثالثة عذرا "محمد بيه"، ففى لقائك برشيد محمد رشيد الهارب فى لندن، أظهرت ثقتك فى كلام الرجل، الذى باح لك بأسرار لم ترد أنت أن تتحدث فيها لأن الأمانة تقتضى ذلك، والرجل لم يصرح لك بالنشر، ولكنى أنا القزم وأنت العملاق أرى أن الأمانة تقتضى ألا تخفى الحقائق عن العدالة وعن شعبك.

وللمرة الأخيرة دون عذر أستاذى الكبير، أشعر أنك لغز كوثائقك وأحاديثك التى سردتها وتتذكرها بكل تلك التفاصيل على بُعد السنين، وكان من الواجب على مصريتك ووطنيتك التى لا شك فيها أن تنقل هذه الأسرار لجهات التحقيق، وهذه ليست خيانة لرشيد الذى شعرت من حديثك أنه صدقك القول ومنحك كل الحقيقة، وتبخل أنت بها على دماء الشهداء وعلى الجوعى والفقراء الذين لا تنتمى إليهم.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة