عندما طالعتنا الصحف ومواقع الإنترنت بخبر تكريم مروى من قبل جمعية زوجات ضباط الشرطة، وتصدرت صور "الفنانة الموهوبة" وسائل الإعلام، وهى تمسك مصحفا وشهادة تقدير مزينة بشعار وزارة الداخلية ومكتوب عليها جملة معبرة جدا وهى "نتقدم بأسمى آيات التقدير والعرفان".
وجد الكثيرون منا أن الأمر يعد مادة غنية للسخرية ورحنا نتفنن فى إلقاء التعبيرات الساخرة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى لكننى للأسف عندما شاهدت دموع سميرة إبراهيم استحضرت صورة ابتسامات "الفنانة" مروى وهى تتلقى التكريم ووجدت أن الأمر لا يدعو أبدا للسخرية والتهكم إنما يدعو للخزى والأسى فكيف لنا أن نفسر أن دولة بحجم وتاريخ ومكانة مصر وبعد الثورة تُكرم وزارة داخليتها هذه المروى، بينما يحكم قضاؤنا العسكرى ببراءة الطبيب المجند المتهم بتوقيع كشوف العذرية على فتيات مصريات لم يقترفن إثما سوى أنهن وقفن يطالبن بالحرية لهن ولكل الشعب المصرى.
كيف لنا أن نفسر أن تتسلم هذه الملقبة بالفنانة مصحفاًَ بينما تُتهم فتاة مصرية بالتبجح كونها تجرأت ورفعت دعوى لكى تحفظ للمصريات كرامتهن حتى لا يتعرضن لمثل ما تعرضت له سميرة مستقبلا كيف لنا أن نفسر أن تُكرم تلك التى اختارت لنفسها الشهرة من أسهل طرقها وتقدم كل ما هو مبتذل وردئ، بينما نجد أن فتاتنا تُعَاقب لأنها تدافع عن حرمتها بكل وسيلة، سالكة كل درب دون يأس ومواجهة كل نقد دون خوف لكى تنتزع حقا ويا ليته عاد بعد كل تلك العذابات.
قد يرى البعض تلك المقارنة فى غير محلها وأنه لا يجوز أن نربط هذه الواقعة بتلك لكن فى الحقيقة أن الأمر يستحق النظر والإمعان ففى النهاية هذه صورتنا فى الداخل والخارج وهذه قيمنا التى من المفترض أن نكرسها فى مجتمعنا فكيف ستنعكس صورتنا عندما نرى مروى تُكرم وتُهان سميرة وما هى قيمة أن يُحتفى بالفنانات أمثال مروى ومن يحذو حذوها بينما تُعامل سميرة على أنها مثال للتبجح والانحلال بدلا من وضعها فى صورتها الصحيحة كمثال للشرف والشجاعة والمواجهة وهل من الواجب على المصريين أن يربوا بناتهم على نموذج مروى لكى يحظين بالاحترام والتكريم أم أنهم سيربونهم على نموذج سميرة لكى يعاقبن وتنتهك حرماتهن عندما يقلن رأيا أو يدافعن عن حق. إن الأمر فى هذا البلد لن يستقيم إذا ظللنا نكرم من ينتهكون الحرمات ويتمردون على الأخلاق والفضائل تحت مسمى الفن والإبداع بينما يهان من يدافع عن قيم ومبادئ قويمة ونبيلة مواجها كل وسائل الإهانة بما يملكه من قوة الحق التى لا يفهمها إلا الشرفاء.
سميرة إبراهيم