أكد الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجرى، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة-إيسيسكو، وعضو المجمع المراسل من السعودية، أن النهوض باللغة العربية لن يتم إلا من خلال سن القوانين التى تحمى اللغة العربية وتحافظ على سلامتها وصحتها فى جميع المواقع التى تستخدم فيها اللغة، وإصدار التشريعات الكفيلة بحمايتها والتمكين لها، وتذليل الصعاب فى تعلم قواعد اللغة العربية.
وأكد التويجرى خلال مشاركته فى المؤتمر الدولى لمجمع اللغة العربية مساء أول أمس الثلاثاء، والمقام تحت عنوان "اللـغـة الـعـربـيـة فـى المجتمعـات العربيـة" فى دورته الثامنة والسبعين، أن هذا لا يتعارض مع الانفتاح على آفاق العصر، أواندماجها من حيث تعلم اللغات الحية، لكن ذلك دون أن يكون على حساب اللغة العربية، باعتبار المساس بها انتهاكا لسيادة الدولة، وهذا مبدأ دستورى يعمل به فى الدول التى تحترم خصوصياتها الثقافية والحضارية، وتصون هويتها الوطنية، وترى فى لغتها ثابتا من ثوابتها التى يقوم عليها الكيان الوطنى.
وطالب التويجرى أن يكون التجديد اللغوى متمثل فى التطويع والتكييف، والتهذيب والتشذيب، ومسايرة اللغة للمتغيرات التى تعرفها الحياة فى تطورها الدائم وتقدمها المطرد، وتلك مهمة المجامع اللغوية، والكليات الجامعية المتخصصة، مؤكدا أن السبب الرئيسى وراء تراجع هيمنه اللغة العربية، ضعف كيان الأمة التى فقدت خصوصياتها وكيانها، علاوة على أن ضعف الإحساس بالانتماء إلى اللغة العربية، يعزل المرء عن محيط هويته، ويترك انتماءه الثقافى والحضارى عرضة للاهتزاز، خاصه أن الأزمة اللغوية التى يعيشها العرب فى هذه المرحلة تصل إلى معاداتها والإساءة إليها والتطاول عليها، ومحاربة من يحافظ عليها، ويتمسك بها، فى ظل تدهور أوضاع التربية والتعليم فى غالبية الدول العربية، حيث لا يرقى إلى مستوى المكانة التى يجب أن تتبوأها هذه اللغة، وهو ما يؤدى إلى تنشئة أجيال صلتها باللغة العربية ضعيفة.
وأشار إلى أن (الفصحى المعاصرة)، هى الأمل فى تطور اللغة العربية تطورًا سليمًا، فى هذه المرحلة التى تهاجم فيها الهوية الثقافية، والخصوصية الحضارية للأمة العربية الإسلامية، فهى لغة الإعلام والفكر والأدب والثقافة والإدارة والدبلوماسية، وهى لغة حية قادرة على الصمود أمام موجات التغريب العاتية، وعلى السير فى طريق التجديد الذى يقربها من المجتمعات العربية، ويجعلها لغة الحاضر والمستقبل.
وأوضح "التويجرى" أن النهوض باللغة العربية وتطويرها على المستويين النحوى والوظيفى، لن يأتى ما لم تتضافر الجهود لتطوير المنظومة التعليمية وفق نسق متكامل، للارتقاء بالتعليم من جهة، وتعزيز الانتماء اللغوى لدى الأجيال الناشئة من جهة ثانية، مؤكدا أن الوقوع تحت تأثير وسائل الإعلام ووسائط الاتصال، تؤدى فى النهاية إلى عزوف العرب عمومًا، عن القـراءة، حيث تتعرض المجتمعات العربية لغزو ثقافى لغوى كاسح، يفرض اللغة الأجنبية، ويزاحم بهما اللغة العربية، بل فى أحايين كثيرة، يحارب بها اللغة الرسمية فى هذا البلد أو ذاك.
أضاف "المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة" أن الغزو اللغوى هو أخطر أنواع الغزو الثقافى على الإطلاق، فأثره فى شخصية الفرد وفى الشخصية الجماعية للمجتمع، لأنه يفقد الإنسان الهوية الوطنية التى تنطوى على الخصوصيات الروحية والثقافية والحضارية، ولذلك فإن اللغة الغازية تحارب اللغة المغزوة، وتبعدها عن الحياة، حتى تنقطع الصلة بين الإنسان وبين جذوره، فيصبح بلا هوية، ويكون غير قادر على حماية وجوده المعنوى، لفقدانه السلاح للدفاع عن الذات، الذى هو قبل كل شىء اللغة الأم.
وقال إنه على الرغم من أن الحرب الثقافية والإعلامية ضد اللغة العربية يشتد وطيسها فى عديد من المناطق العربية، لكن اللغة العربية تستمد قوتها من القرآن الكريم، فهى اللغة التى اختارها الله سبحانه وتعالى لكتابه العزيز، واختار آخر أنبيائه ورسله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، من الناطقين بها، فهى لغة خالدة بخلود الحياة فوق هذه الأرض، وهى إلى ذلك لغة محفوظة بحفظ الله تعالى للقرآن الكريم.
عدد الردود 0
بواسطة:
أبو الكرم
أصالة الماضي والحاضر والمستقبل