كثيرا لا ينجح المحللون السياسيون فى توقع ما الذى من الممكن أن يحدث فى مصر، دائما هناك غموض ويحدث غير المتوقع، تحدثت الأسبوع الماضى عن إعادة تشكيل النظام ولكن بصبغة إسلامية، فالحزب الوطنى تم إخراجه من المعادلة بعد الثورة وتم الاتفاق بين العسكرى والإخوان أن يكون حزب الحرية والعدالة هو الحزب الجديد، ولم لا؟ فالقوى الإسلامية هى الأكثر تنظيمًا التى يمكن للعسكرى الاعتماد عليها، وبالفعل تخلى الإخوان عن شباب الثورة المزعجين فى جميع المواقف، ورأينا بيانات الإخوان ضد شباب الثورة تكرر نفس الاتهامات الباطلة عن التخريب والتمويل والتدريب، كانت الصفقة واضحة، لديكم البرلمان ولكن لا تقتربوا من الحكومة والرئاسة.
ورأينا الإخوان يدافعون عن حكومة الجنزورى ضد شباب الثورة، ورأينا برلمانا لا يناقش أى قضايا تهم الجماهير فى أزمات تعصف المواطنين كل يوم، وإن ناقش لا يتخذ قرارا واضحا، رغم إعلان العديد من المجموعات الثورية دعمها الكامل للبرلمان إن سعى لتغيير النظام وسحب الثقة من الحكومة ومحاربة الفساد. ثم بدأت معركة الدستور، واستغلت القوى ذات الأغلبية فى البرلمان عدم وجود أى ضوابط أو معايير لتشكيل اللجنة، وهو الخطأ الذى وضعنا فيه المجلس العسكرى منذ البداية، وتلاشى شعار «مشاركة لا مغالبة» وتم وضع شعار «موتوا بغيظكم» بدلا منه، وبدا واضحا نية الأغلبية البرلمانية السيطرة الكاملة على لجنة صياغة الدستور.
أما عن الانتخابات الرئاسية فقد وعد الإخوان المسلمون بعدم تقديم أى مرشح للانتخابات الرئاسية، ولكن هناك مشكلة واضحة بسبب وجود مرشحين إسلاميين وبسبب تأييد قطاعات واسعة من قواعد الإخوان لأبوالفتوح، ويبدو أن الإخوان يفكرون فى التراجع ويحاولون تقديم مرشح إخوانى لعلاج هذه الأزمة وهو ما أثار غضب المجلس العسكرى وهدد فترة العسل بين العسكر والإخوان، وشهدنا جميعا البيانات الساخنة المتبادلة بين الإخوان والمجلس العسكرى.
ربما فسر البعض ذلك بأنها مجرد زوبعة فى فنجان وأن «الإخوان» لا يستطيعون الاستغناء عن العسكر ولا العسكر يستطيع الاستغناء عن الإخوان، وهناك من يرى أن فترة العسل انتهت وأن سيناريو 54 سيعود مرة أخرى، النظام الحاكم استعان بالإخوان لتصفية باقى القوى ثم ينفرد بهم، وأن الإخوان يشعرون بالقوة ويستعدون للصدام مع العسكر، وللأسف الشديد يشعر الشباب بأن الإخوان طعنوهم فى ظهورهم وباعوا شباب الثورة فى أكثر من حدث ومازالوا يسمعون لكلمة الإخوان الشهيرة «موتوا بغيظكم»، فكيف نساندهم فى صدامهم مع العسكر، وهناك من يرى أنه مهما كان هناك خلاف مع الإخوان فى الأفكار أو الأولويات، لكن لا يجوز أن نساند العسكر ضدهم أو حتى أن نتفرج على الإخوان يخوضون معركة ضد العسكر وحدهم لأنهم على الأقل قوى مدنية.لا يستطيع أحد توقع ما الذى سوف يحدث فى الفترة القادمة لكن من الواضح أن هناك تغيرات فى الخريطة، وأنه للأسف بسبب عدم استكمال الثورة وأهدافها منذ البداية فسوف تدخل مصر فى فترة توتر وعدم استقرار طويلة.