أيمن نور

مكوجى الحرية!!

الأربعاء، 28 مارس 2012 07:51 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى مثل هذا اليوم، منذ ستة أعوام، زارنى فجأة فى سجنى اللواء محمود وجدى، رئيس مصلحة السجون آنذاك ووزير الداخلية الأسبق بعد الثورة.

تصورت فى البداية أن الزيارة التى تمت داخل زنزانتى شبه ودية، لما كان يربطنى بمحمود وجدى من علاقات طيبة وقت عمله مديرا لمباحث القاهرة، وكنت وقتها نائبا قاهري، عن دائرة باب الشعرية والموسكى.

بعد تبادل السلامات وفى حضور ضابط أمن الدولة محمد سامى، وسمير سلام، مأمور السجن، ومحمد الطويل رئيس المباحث، قال لى وجدى: ألا تريد أن تخرج من هنا وتعود إلى حزبك رئيسا له؟!

قلت: لا، بل أريد أن أعود رئيسا لهذا البلد، كى أخلصه مما أراه وضعا مذريا، وتأكد لى هنا فى سجنى كم هو مؤسف وظالم ما وصلت إليه الأمور!!

وقبل أن أنهى عباراتى كان هناك فريق من ضباط المصلحة يتجولون فى زنزانتى، يقلبون كل ما بداخلها من أوراق، ويصادرون ما بها من أقلام، ويتصفحون ما كان بحوزتى من كتب، ويدققون فى الصفحات التى بها خطوط تحت بعض العبارات!!

قال لى وجدى إن تعليمات الوزير هى منعى من الكتابة من سجنى، وأن المصرح لى هو فقط إرسال خطابين شهريا لأسرتى، على ألا يزيد حجم الخطاب عن نصف فولوسكاب، وأن أسلم الخطابين للمباحث للقراءة والمراجعة والموافقة أو الاعتراض على إرسالهما.

ورغم أن كلام رئيس مصلحة السجون كان يعطينى الحق فى إرسال 120 خطابا طوال مدة سجنى، فإن مباحث السجن، وأمن الدولة، رفضت الموافقة على أى خطاب طوال سنوات سجنى.

بدأت أفكر منذ هذا اليوم فى تأليف عصابة من المسجونين السياسيين والمعتقلين من أعضاء الجماعات الإسلامية لتهريب خطاباتى ومقالاتى من داخل السجن لخارجه، وكان قائد هذا التنظيم عمرو عبدالمنعم، وهو شاب جهادى، كان متمرنا فى مكتبى الصحفى، فى منتصف الثمانينيات قبل اعتقاله لـ15 عاما.

وما أن عرفت أمن الدولة ببعض عناصر هذا التشكيل ودوره حتى قامت فجأة بنقل جميع السجناء من السياسيين إلى سجن الفيوم وغيره من السجون، مما أحدث فراغا هائلا فى السجن، خاصة أن هؤلاء الشباب لطول مدد اعتقالهم كانوا يتولون معظم خدمات السجن مقابل أجور رمزية!

وخاصة عملية غسيل وكى الملابس التى كنت أهرب من خلالها المقالات لهم ومنهم لخارج السجن!!

شعرت وقتها لأول مرة أننى سجين، وأننى غير قادر على التنفس فى سجنى فالكتابة كانت لى الهواء الذى أتنفس من خلاله فى شهور سجنى الأولى، والتى انتهت بتفريغ السجن من السياسيين وإحكام الحصار حولى بعزلى عن باقى السجناء حتى الجنائيين الذين كانوا يتعرضون لعقوبات النقل والتعذيب، والحبس الانفرادى، إذا ثبت أى اتصال لهم بى.

كان يرافقنى فى زنزانتى ضابط مباحث منتدب خصيصا من سجن الاستئناف لهذه المهمة، وكذلك عريف شرطة محمد عنتر، وهو فى منتصف الخمسينيات من الفيوم، وقد تولى هو تهريب مقالاتى لشهور انتهت بإلقاء القبض عليه متلبسا بحيازة مقال حوكم بعدها عسكريا وسجن بالسجن العسكرى ومات عنتر متأثرا بمرضه بالقلب!!

بدأت رحلة البحث عن منفذ لتهريب كتاباتى يوميا - خاصة - بعد التزامى بنشر مقال بالغد ثم بالدستور اليومى.. وبعد نشر عدد من المقالات تم نقل جميع ضباط وأمناء وعساكر وأطباء السجن وقياداته تحسبا أن يكون أحدهم متورطا فى هذه المهمة!!

ورغم هذا ظللت أكتب وأهرب مقالاتى يوميا من خلال إلقاء مقالى من شرفة الحمام فى مكان ثابت كان يلتقطه منى أحد الضباط، ويضعه فى جيب بدلته العسكرية، ثم يرسلها لكيها فى محل قريب من منزله ليقوم المكوجى بنقل المقال يوميا إلى الملابس المرسلة لمنزلى لترسل إلى الدنيا كلها.

بفضل هذا «المكوجى» الذى رد لى حقى شعرت بحريتى أثناء سجنى، ولعلى وأنا خارج سجنى أحتاج لمكوجى يرد لى باقى حقوقى!!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

واحد من الناس

البكاء على الأطلال

عدد الردود 0

بواسطة:

وهبه نحال فنان تشكيلي مقيم فى ملبورن

متعة التذكر

عدد الردود 0

بواسطة:

نورهان

انت تعبت اوي يا دكتور

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد شكري

لا اتفق مع التليق الاول

عدد الردود 0

بواسطة:

nagwa

حسبك الله ونعم الوكيل

عدد الردود 0

بواسطة:

مواطن مصرى

انشاء الله ستكون رئيسا لمصر والمصريين يادكتور ايمن

عدد الردود 0

بواسطة:

سامح غبد الكريم

ناس بسطاء

عدد الردود 0

بواسطة:

سيد أحمد

ماذا عن الجمعية التأسيسية للدستور

عدد الردود 0

بواسطة:

عماد

الى تعليق رقم1

عدد الردود 0

بواسطة:

منار عادل

احترمك يا دكتور نور

احترمك فعلااااااااا

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة