هيا بنا نعرضها للبيع فقد هرمت واعتلت صحتها، شاخ وجهها وذبلت شمسها وضعف أبناؤها، هيا بنا نعقد المزادات العلنية ونبحث فيها عمن يدفع أكثر!
هيا بنا نتقاتل ونعلنها دويلات مستقلة، بورسعيد، قاهرة، إسكندرية ونعلن حاكما لكل ولاية وجنسية لكل محافظة من أجل "ماتش كورة"! هيا بنا نمزق جسد مصر الواهن ونتصارع ونشمئز من ألوان بعضنا وأديان بعضنا ولهجات بعضنا، هيا بنا نتصارع على كرسى حكم "الخرابة" ونتناسى ما كناه وما كانته مصرنا. هيا بنا نعدم أوراق وبرديات الفتوحات والانتصارات و56 و73 ولنحتفظ فقط بأوراق النكسة فهى ما تبقى لنا لنستفيد منه ونؤهل نفسنا للقادم الآتى!
هيا بنا نبدأ تعليم أولادنا أن يحيوا دون وطن، أن يحملوا حقائبهم ويجولوا معنا مطارات البلدان الأخرى سعيا وراء العيش ولتذهب مصر بمن عليها! هيا بنا نتخلص من حملها ونودعها إحدى دور الرعاية ولنحجر على قواها العقلية ولنمتص آخر قطرة دماء فى شرايينها، هيا بنا نخون بعضنا ونحقد على بعضنا ولا نضع هدفا لحياتنا إلا رغيف الخبز وما دونه فلا يهم!
هيا بنا نتوضأ بدماء الشهداء ونقلب كتب التاريخ أمام أبواب "المراحيض" حتى يظهر لنا الشيطان نأمره فيطيع، وينهب فنقسم الغنائم، ونبيعه فيشترى بلادنا وماضينا وأحلامنا!
هل أوجعتكم الكلمات؟ هل جرحت مشاعركم؟ هل أحسستم بالغضبة لبلادكم حينما قرأتموها؟ إذا كنتم كذلك، فمازال يرتجى الخير منكم غير أنى لا أرى ذلك، فإنى وربى لأرى طعناتكم تتهاوى على قلب مصر فى كل يوم تصبحون فيه، تقسمتم شيعا وأحزابا، فرقا وألوية، نسيتم أو تناسيتم حقيقة أنكم فى رباط إلى يوم الدين.
يا أبناء الوطن الواحد، لم أكن أتمنى يوما أن أحيا لأرى مصر تنتزع من أفئدتكم هذا الانتزاع الفج، لم أكن أعلم أن توحدكم فى ميدان التحرير واجتماعكم على قلب رجل واحد هو بداية لفرقة غريبة وموحشة.
توجعيننى يا بورسعيد، تقتليننى ألف مرة كل يوم حين أراك تقفين على جانب القناة ونحن على الجانب الآخر ومن أجل ماذا؟؟! توجعيننى حينما تتناسى مصالح الوطن وتتذكرين لعب "الكورة"، توجعيننى حينما تشذين عن نغمات النشيد.
ماذا يحدث لنا؟ ألم يعد بيننا رجل رشيد؟ إنى لأبكيك يا بلادى فى اليوم ألف مرة، أبكيك حين أراك تنزفين وتمزقين بين مصالح ورغبات وأطماع ونحن أبدا لا نستفيق.
هذى دمائى خذيها، لا أضن عليك بها لتحيى من جديد، خذيها واسلمى يا بلادى فلا تتفرقى ولا تتشيعى حتى لا يكون هلاكى. ما أقساه من "عيد أم" ذاك الذى جفوناك فيه ووقفنا نتناحر أمامك وأنت تشهدين. أعلم أن لسان حالك يلعننا ويلعن تلك الأيادى التى تعبث بماضينا ومستقبلك، فعذرا أمى سامحينا واسألى الله لنا الغفران قبل أن يمسنا غضبه بما صنعت أيدينا وبما اقترفناه فى حقك من آثام.
مذبحة بورسعيد
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
صـفـوت صـالـح الـكـاشف / الـقــــــاهـرة
هل يكون العرب للبيع أيضا ؟