مع فتح باب الترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية رأينا أعدادا كبيرة من مختلف أطياف وفئات الشعب المصرى تتقدم طمعا فى تقلد هذا المنصب الكبير.. منهم من يرى فى نفسه الجدارة والأحقية فى الفوز بهذا المنصب ومنهم من أراد عبر ترشيحه أن يصل صوته إلى الآخرين بعدما ظل مجهلا ومغيبا طيلة سنوات مضت.. ورغم أن منهم من يفتقر إلى الكفاءة والجدارة لشغل هذا المنصب لكن ليس هنالك ما يمنع ترشحه فى ظل ممارسة حق دستورى أصيل.
فصاحب المقهى الذى تقدم للترشيح ربما يرى أن الشعب يعانى من تكدير مزاجه وانقطاع أنفاسه طوال سنوات عجاف ذاق فيها مرارة الفقر والذل.. وهو يرى أن الحل سيكون على يديه.
والكهربائى الذى يتمنى أن يتقلد هذا المنصب ربما يرى أن هناك معظم أفراد الشعب "ملمس على بعضه" ومن ثم فهو يستطيع إزالة آثار هذا التلميس كما يستطيع أن ينهى "حقبة الظلام" التى خلفها النظام البائد..
والمزارع البسيط الذى يأمل فى الفوز بهذا المنصب يرى أنه الأحق به من غيره، نظرا لأن مصر تحتاج إلى أن نزرع بين أفراد شعبها الحب ونرويه بالمودة والرحمة لنحصد منه ثمار الأمل.. وهذا لن يكون صعبا عليه تحقيقه.
وكذا الحانوتى الذى فاجأنا بتقديم أوراقه للوصول لهذا المنصب ربما يرى أن دوره ينحصر فى أن يدق مسمار فى نعش الفساد الذى تحول إلى غول شره قضى على الأخضر واليابس.
وعاملة النظافة التى أرادت أن تقفز من بين الفئات المهمشة فأعلنت ترشحها أيضا ربما لأنها ترى أن مصر تحتاج منا إلى "عملية نظافة شاملة"، مما علق بها من أدران طيلة عصر مظلم تلوثت فيه أشياء كثيرة بل وصلت بعضها إلى حد النجاسة.
أما المحامى الذى يطمع فى الحصول على هذا المنصب ربما يرى أنه الأصلح، لأن أفراد الشعب تعرضوا لانتهاك حقوقهم طيلة السنوات الفائتة وأن دوره يتلخص فى الدفاع عن تلك الحقوق وإعادتها إلى أصحابها.
والإعلامى الذى يرى أنه الأحق بهذا المنصب لأن فئات الشعب تحتاج إلى مزيد من التواصل بتسليط الضوء عليه وإقامة حوار هادئ رصين يتم فيه الاستماع إلى الجميع دون إقصاء لفئة بعينها.
والسائق الذى يرى أن مصر تحتاج إلى من يقودها إلى بر الأمان ويحلق بها فى أفاق التقدم والرفعة..
وكذا المهندس يرى أن ذلك المنصب فى أشد الاحتياج إليه لأن مصر تحتاج إلى بناء قوى وأساس متين.
والطبيب ربما يرى أنه الأجدر بهذا المنصب لأنه يرى أن دوره يتبلور فى علاج الحالة الاقتصادية والأخلاقية التى وصلت إلى حالة حرجة تستدعى التدخل الجراحى دون اللجوء إلى المسكنات التى تعالج العرض وتترك المرض.
ربما تعكس تلك الترشيحات رغبات صادقة من أصحابها الذين رغم أحلامهم البسيطة إلا أن جميعهم يتمنى أن يساهم بفكره وجهده فى نهضة بلاده حتى وإن كانت أحلامهم بسيطة.
نحن لا نحتاج واحدا من هؤلاء الذين يحلمون بهذا المنصب بل نحتاجهم جميعا. نريد تلك الأفكار البسيطة والرؤى الحالمة أن تتحد وتتلاقى لتحقق هدف واحد ووحيد ألا وهو نهضة مصر.
لا نريد أن نحجر على أحد فى أن يحلم ويسعى إلى تحقيق أحلامه حتى وإن بدت مستحيلة إلا أنها رغم ذلك تبقى ممكنة.. كلنا له الحق فى أن يحلم. لكن إذا أراد لأحلامه أن تتحقق – عليه أن يسعى إلى أن يطور نفسه بالشكل الذى يجعله قادرا على تحقيقها بالإيمان والعمل والاجتهاد. حتى وإن اختلفت الرؤى وتباينت الآراء إلى أنها تتلاقى فى حب هذا الوطن وخروجه من كبوته إلى المكانة التى يستحقها ...
وإذا اصطلح على تسمية الرئيس القادم فى ظل تعدد المرشحين بـ"الرئيس المحتمل" فإن الوطن لا يحتمل رئيسا لا يقدر خطورة الأوضاع ولا يبحث إلا عن منصب والسلام.. مصر لا تحتمل أمثال هؤلاء الطامعين فى منصب الرئيس لكنها تريد رئيسا يطمع ويطمح إلى ازدهارها وتقدمها ووضعها فى المكانة التى تستحقها.
شاكر رفعت بدوى يكتب: الرئيس المحتمل لوطن لا يحتمل
الأربعاء، 28 مارس 2012 08:23 ص
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصطفى ابوزيد
رائع .. !!
عدد الردود 0
بواسطة:
م طارق
كلمات معبرة
عدد الردود 0
بواسطة:
سلمى
حقا .. مصر لا تحتمل .
عدد الردود 0
بواسطة:
د. طارق النجومى
شكرا لك.
عدد الردود 0
بواسطة:
سمير احمد مشيمش
احسنت تحليلا وتشريحا لواقع مرير استاذنا الفاضل .... سلمت وسلم لنا نبض قلمك
لك خالص تقديرى واحترامى استاذنا الفاضل .