د. الحسينى إسماعيل يكتب: يا عم سقَّع دماغك

الثلاثاء، 27 مارس 2012 11:11 م
د. الحسينى إسماعيل يكتب: يا عم سقَّع دماغك صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تنقسم طبقات المجتمع فى أى دولة إلى ثلاثة أقسام لا رابع لهما. الطبقة الأولى: شريحة من المجتمع على درجة عالية من الوعى والفهم لقضاياهم وقضايا مجتمعهم.. مهمومون دائماً أبداً بالمخاطر التى تتربص بمجتمعهم على تنوع ألوانها من مخاطر سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو الثقافية.. فهم فى حالة تأهب قصوى دائماً لرد أى عدوان على هوية وطنهم وثقافته وعقائده التى أسس عليها من قديم الأزل.

تلكم الشريحة من المجتمع هى دائما فى الصفوف الأولى لأى جيش للذود عن حمى أوطانهم وكرامته.. هم أول من يتلقى السهام سواء سهام التشويه الإعلامى أو سهام الظلم والقهر بالسجن أو الإبعاد عن الأوطان أو مصادرة الأموال أو التصفية الجسدية.. ومع كل ذلك ترى هذه الصفوة من المجتمع فى حالة انسجام غريب مع بعضهم البعض، ومع باقى أطياف المجتمع؛ لأن هدفهم واحد فى النهاية، ألا وهو عزة بلدانهم ورفعتها.

ومن هذه الطبقة أيها السادة ننتقى قدوتنا كل حسب مجاله وتفكيره، فمن غير هذه الطبقة يصلح لهذا الانتقاء وهذه النجومية فى عالم الاقتداء والتأسى بهم وبما يقدمونه من تضحيات فى صمت غريب، لا يبتغون شهرة ولا يريدون أموالاً تشوه ما يفعلونه لإخوانهم ولأوطانهم.

الطبقة الثانية: وهى شريحة من المجتمع تربت على كره كل ما هو مميز وجميل، ارتوت بماء الحقد، وتغذت بطعام الغل والحسد.. فى حالة غضب مستمر من الواقع، حتى وإن كان جميلا براقا، كل همهم فى حياتهم الدنيا هو الهجوم على ما يفعله أصحاب الطبقة الأولى، نجاح غيرهم يسبب لهم هياجاً، وكلما أضىء طريق، حاولوا إطفاءه بترديد التهم والتشكيك فى جدواه، هذه هى طبقة الهدم والتخاذل فى المجتمع.

وقد تعجب إن علمت أن منهم من يسمى بالأديب أو الروائى أو الشاعر. تجد كلا منهم وقد جحظت عيناه من التحفز والغيظ، مما قد يلاحظه من مظاهر الحب والولاء للوطن من الطبقة الأولى، وما يلمسه من حب رجل الشارع لهم. يمكنك وبدون أدنى عناء أن تصنف هذه الطبقة الشاذة الفكر وحاقدة الشعور بأنها طبقة الطابور الخامس فى أى معركة سياسية أو اقتصادية، أو أى مناظرة فكرية، ومهما علا صوتهم فى أبواق الإعلام وعلى سطور الصحف، فأصواتهم تظل دائما أبدا نشازا، وما أنكرها من أصوات. ولذا تنكشف سوءاتهم للمجتمع، فينفر منهم سريعاً سريعا.

ونأتى إلى بيت القصيد فى حديثنا، ألا وهى الطبقة الأخيرة فى أى مجتمع.. طبقة (سقع دماغك)، أناس لا هدف لهم فى الحياة، سوى الوقوف على ما يسمى بالحياد من أى قضية، حياد أقرب إلى السلبية منه إلى الحياد. إذا ما أردت فتح أبواب النقاش معهم فى أى قضية يبادرك بالقول "يا عم سقع دماغك.. متشغلش بالك.. الحكومة موجودة.. خليك كووووول".. أى لا تتعب نفسك فى التفكير.. ولا تكلف نفسك عناء البحث فى حلول القضايا الوطن أو التفاعل معها.. فهذه العبارة (سقع دماغك) هى الجيل الأخير من أجيال السلبية واللامبالاة.

هذه الفئة (ساقعة الدماغ) ما أسهلها لأن تكون فريسة لأى تيار فكرى غير ملتزم الفكر والهوية.. اختفت الخطوط الحمراء لقضايا وطنهم من أمام ناظريهم.. يرفعون القباعات لمن لا يستحق بدافع الإعجاب السلبى غير المبنى على أسس متينة من الفكر والنقاش،
وما أوصل هذه الطبقة إلى ذلك المستوى المتدنى من الاهتمام بما حولها، هو الإحساس المتكرر من هذه الطبقة بالإهمال الشديد من ولاة الأمر تجاه طاقاتهم وطموحاتهم وآمالهم تجاه أوطانهم.

هذه الطبقة تحتاج إلى تكاتف كل الأيادى النظيفة والقلوب المخلصة لإدماجهم فى منظومة المجتمع، والتفاعل معه بمنطق الإيجابية وليس بمنطق.. سقع دماغك. يحتاجون إلى إبراز القدوة أمامهم، بدلاً من النماذج سيئة الخلق والسلوك، التى تختفى وتتجمل وراء كلمات براقة لا منطق وراءها ولا حجة. عندئذ ستتحول هذه الطبقة من منطق (سقع دماغك) إلى (شغل دماغك).





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة