أيمن نور

حكم الأموات

الثلاثاء، 27 مارس 2012 07:49 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يستطيع الإنسان أن يحكم عائلته من قبره، مهما كان حازماً، أو حكيماً أو محبوباً، أو بعيد النظر.

بعض أصدقائى الراحلين، نظموا كل شىء قبل رحيلهم، أوصوا بعدم بيع هذا الأصل، فباعوه!! قبل غيره!! أوصوا بأن يتزوج الحفيد ابنة عمه، فتزوج ابنة خاله، إلخ إلخ..

إذا كان هذا هو حال عميد الأسرة أو كبيرها مع من هم من صلبه ودمه ولحمه، فما بالنا بحال رئيس أو حاكم يريد أن يحكم شعبه، وبلده، من سجنه؟! فهل يُعقل أن ينجح؟! هل يُقبل أن ينجح -وهو خارج الحكم والسلطة- فيما لم ينجح فى تحقيقه، وهو فوق مقعده متحكماً بإرادته فى كل شىء فى هذا الوطن!!

ماوتنسى تونج، حاول أن يحكم الصين من قبره، فوضع أنظمة خالدة تمكن زوجته وأعوانها من حكم البلاد -بعد غيابه- وإذا بأقرب المقربين له، يقبضون على أرملته ويضعونها فى السجن، ويفضحون فسادها، ويغيرون ويبدلون الأنظمة الصارمة التى وضعها كبيرهم السابق أو الراحل، ويفتحون الأبواب والنوافذ التى أغلقها وينيرون الأضواء التى أطفأها، ويعيدون الحريات لخصوم ماو التاريخيين!!

ما فعله رفاق ماو، لم يكن غدراً بالرجل، أو قلة وفاء له، ولأسرته، بل كان إدراكاً منهم بأن الوفاء الحقيقى هو فى الانحياز للحقيقة، والإصلاح المستحق، وفهما منهم أن أحداً يمكنه أن يحكم دولة من قبره أو سجنه.

أحياناً يتحسر البعض، على بعض الماضى، الاستقرار الوهمى، والأمن القمعى، وهذا لا يحدث إلا فى ساعات الضيق والأزمة، لكن حتى هذا البعض يرفض أن يعود الماضى من جديد، أو أن يحكمنا الماضى من قبره أو سجنه!

ستالين تصور هو الآخر، أنه سيحكم روسيا من قبره، الذى اختاره إلى جوار لينين فى الميدان الأحمر بموسكو.. كما اختار سكرتيره المقرب «مالينكون» ليكون ورثيه، وإذا بخلفاء ستالين ينتخبون «مالينكوف» رئيساً مؤقتاً للوزراء، ثم سرعان ما تخلصوا منه وعينوه ناظراً لمحطة!! كما تخلصوا من جثة ستالين نفسه، وأخرجوه من قبره الذى كان يرقد فيه بجوار لينين، كما أعدموا ساعده الأيمن «بيريا» بعد أن تبين لهم أنه كان جاسوساً.

لم يتصور رفاق ستالين أن ما فعلوه هو جحود أو نكران لمواقف ستالين معهم، بل كان موقفهم هو الجزاء الطبيعى لما عاناه الشعب من أيام سوداء وإرهاب وظلم وجبروت.

صحيح أن مصر الثورة، لم تنجح بعد فى تمكين الثورة من الحكم، لكن هذا لا يعنى أن مبارك مازال هو الحاكم، ولا يجوز أن تكون إرادته هى العليا، ورغباته وخصوماته هى الحاكمة لمسار الأمور!

بعض الذين لا يستطيعون أن يرفعوا لواء مستقبل الثورة، وأعلامها الزاهية يستسهلون أن يرفعوا أكفان الماضى، ويجعلونها شعاراً لهم.

إنهم يعجزون أن يجدوا بين الأحياء إماماً، فيبحثون عن جثة يعبدونها.

إن صدور قرارات بإعادة بعض الحقوق لخصوم مبارك يؤكد لى أن عبادة الأموات لا تعيش طويلا، وأن مبارك لن يحكمنا من سجنه كما كان يحكمنا من قصره!








مشاركة

التعليقات 8

عدد الردود 0

بواسطة:

زياد حسن

نصحية جميلة

عدد الردود 0

بواسطة:

heba

انت بأيمانك اقوى من الفاسدين

عدد الردود 0

بواسطة:

mahmoud alniny

ومن هم الخصوم

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرى و بيحب مصر

انت شايف ايه

عدد الردود 0

بواسطة:

nermeen

الى التعليق رقم 3

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد

رغم ما حدث لك فالغريب انك دائما متفائل

عدد الردود 0

بواسطة:

د.علاء

وش السعد

عدد الردود 0

بواسطة:

زياد حسن

مقالة جميلة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة