وأوضحت الصحيفة أن قادة الإخوان المسلمين قد تعهدوا منذ سقوط نظام الرئيس السابق حسنى مبارك فى مصر أن الجماعة لن تخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة ولا تريد أن تصل إلى مقعد الرئيس، وذلك فى محاولة من جانب الجماعة لتسكين المخاوف التى أثارها الرأى العام المصرى آنذاك حول نية الجماعة الاستئثار بالسلطة لسد الفراغ الذى خلفه سقوط مبارك.
إلا أن تصريحات قد خرجت من جانب بعض قادة الإخوان فى الأسبوع الماضى تدور حول نيتهم تقديم أحد أعضائها للترشح إلى منصب الرئيس فى مصر خلال الانتخابات القادمة، على اعتبار أن كافة المرشحين على الساحة ليسوا مناسبين للمرحلة الحالية من وجهة نظرهم، وهو الأمر الذى أثار انتقادات حادة، سواء من جانب المعارضين للفكر السياسى الذى تتبناه الجماعة أو بعض أعضائها الذين رأوا أن مثل هذا القرار يعد تقويضا لمصداقيتها أمام الرأى العام.
وأضافت الصحيفة الأمريكية أن الانقسام الداخلى فى صفوف الإخوان حول السباق الرئاسى، قد جاء بعد أشهر من محاولات حذرة خاضتها الجماعة للهيمنة على السلطة.
وأضافت أنه بالرغم من سعى الإخوان المسلمين لأداء دور مؤثر فى الحكومة المصرية خلال الأشهر الماضية، إلا أنهم ظلوا مترددين نتيجة للمخاوف التى يتبناها كلامن القوى الغربية والليبرالية فى هذا الصدد.
من ناحية أخرى يبدو أن هناك العديد من أعضاء الجماعة مازالوا يرفضون فكرة الاستئثار الكامل بالسلطة، خاصة أنه من المتوقع أن تشهد مصر عاما قادما صعبا، وهو ما يعنى أن الإخوان سوف يجدون أنفسهم داخل دائرة اللوم فى حالة سيطرتهم على السلطة السياسية فى البلاد.
ويرى محللون أن جماعة الإخوان المسلمين قد عملت على كسب ما يكفى من السلطة، خلال المرحلة الماضية، وذلك للتحكم بشكل كبير على العملية السياسية فى مصر، ولكن فى الوقت نفسه كانت تفتح الباب أمام القوى والأحزاب الأخرى للمشاركة فى هذا الصدد، وذلك حتى تكون تلك القوى شريكا فى تحمل المسئولية، إلا أن وصول الجماعة الى مقعد الرئيس فى مصر سوف يضع عبء المسئولية بالكامل على عاتقها.
وأوضحت "واشنطن بوست" أن مسئولى الإخوان قد أكدوا أن الجماعة سوف تقرر موقفها من الانتخابات الرئاسة خلال اجتماع مجلس شورى الإخوان، والمقرر اليوم الثلاثاء.
وأبرزت الصحيفة الأمريكية تصريحا أدلى به أحد الأعضاء البارزين بجماعة الإخوان المسلمين، والذى أكد أن الأزمة الحالية تعد الأولى من نوعها التى يشهدها الإخوان، موضحا أن تراجع الجماعة عن الموقف الذى تبنته من قبل حول فكرة خوض الانتخابات الرئاسية يعد خطأ كبيرا، مضيفا أن انتهاك هذا الموقف لا يعد أخلاقيا.
وأوضحت الصحيفة البارزة أن المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين فى مصر قد أصدر بيانا أكد فيه أن الجماعة تدرس حاليا الدفع بمرشح رئاسى خلال الانتخابات القادمة، موضحا أن الجماعة قد تتخذ قرارها فى هذا الصدد لمجابهة المرشحين الذين ينتمون للنظام السابق فى مصر، خاصة أن هؤلاء المرشحين يحظون بدعم القادة العسكريين للبلاد على حد قوله.
وأضافت "واشنطن بوست" أن جماعة الإخوان المسلمين، والتى عانت من ممارسات قمعية شديدة إبان النظام المصرى السابق، قد سبق أن تخلت عن وعدها الذى قطعته على نفسها بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير عندما تعهدت بأنها سوف تنافس فقط على ثلث مقاعد البرلمان فى مصر خلال الانتخابات البرلمانية الأولى بعد مبارك، إلا أنها تقدمت بمرشحين فى كافة الدوائر الانتخابية تمكنت من خلالهم الحصول على ما يقرب من نصف المقاعد البرلمانية.
وأوضحت الصحيفة كذلك أن الجماعة قد اتخذت قرارا بفصل القيادى البارز عبد المنعم أبو الفتوح، العام الماضى على خلفية قراره بخوض الانتخابات الرئاسية، متحديا بذلك قرار الجماعة بعدم ترشيح أحد أعضائها لمنصب الرئيس فى الانتخابات الرئاسية القادمة، إلا أنها بالرغم من ذلك تفكر الآن جديا بتقديم الاقتصادى البارز خيرت الشاطر لخوض السباق.
وأكد محمد الحديدى، أحد أعضاء الجماعة، أن الإخوان المسلمين هى جماعة دعوية وليست سياسية، موضحا أن الانطباع العام لدى الشارع المصرى بما تتسم به الجماعة من أمانة يعد السبب الرئيسى لسيطرتها على أغلبية المقاعد البرلمانية.
وأضاف أن المعارضين لفكرة خوض الانتخابات الرئاسية من داخل الجماعة لا يبتغون سوى الحفاظ على سمعة الإخوان المسلمين ومصداقيتهم.

نيويورك تايمز
أفريقيا تتجه نحو الديموقراطية رغم النكسات
ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الطريق إلى الديموقراطية فى إفريقيا، بعد خمسين عاما من الاستقلال، يبدو متباينا، لا يتبع طريقا واضحا أو مستقيما، هو ما حدث من قبل مع البلدان الغربية، التى يراها معظم المواطنين الأفارقة نموذجا يحتذى به.
وأضافت الصحيفة الأمريكية أن هذا التباين قد اتضح جليا فى النماذج المتناقضة، التى شهدتها دول غرب أفريقيا مؤخرا.
فقد شهدت دولة السنغال نموذجا ديموقراطيا فريدا، تم على أثره نقل السلطة سلميا إلى حكومة منتخبة، من خلال انتخابات شهد لها كافة المتابعين بأنها كانت على قدر كبير من النزاهة والحيادية. فى حين أن مالى قد شهدت انقلابا عسكريا تم من خلاله الإطاحة بالسلطة الحاكمة، بعد عقدين متواصلين من النجاح الديموقراطى هناك.
وأضافت الصحيفة أنه بالرغم من الانتكاسات التى تشهدها الديموقراطية فى إفريقيا، فإنها تبدو تتحرك الى الأمام. ففى كل من النيجر وغينيا نجد أن القادة العسكريين قد تركوا السلطة للشعب خلال الثمانية عشر شهرا الماضية، رغم أنهم بعد ذلك قاوموا أى تعديات بحقهم.
وفى ليبيريا فلم يشفع بكاء مرشح المعارضة فى الانتخابات الرئاسية، التى أجريت فى الخريف الماضى، أمام الناخبين، فخسر فى انتخابات رآها الكثير من المحللين بأنها نزيهة ومحايدة. أما الانتخابات النيجيرية التى قد شهدت العديد من المظاهر الفوضوية والعنيفة، فقد نظر إليها الكثيرون باعتبارها خطوة مهمة إلى الأمام.
وأوضحت نيويورك تايمز أنه قد بدا واضحا وثابتا لدى العديد من الشعوب الأفريقية، حتى أولئك الذين يعيشون فى المناطق العشوائية الفقيرة، أن تحقيق الديموقراطية ينبغى أن يكون أحد أهم الأهداف التى ينبغى تحقيقها، إذا ما أرادوا أن يحققوا لأنفسهم مستقبلا أفضل.
وأضافت الصحيفة الأمريكية البارزة أنه قد أصبح من الصعب للغاية أن يتجاهل الحكام الأفارقة فكرة تحقيق الديموقراطية، خاصة بعد انطلاق ثورات الربيع العربى، حتى أن قادة الانقلاب قى مالى قد وجدوا أنفسهم ملزمين بالتعهد أمام الشعب باجراء انتخابات، رغم الشكوك التى تدور حول نواياهم فى هذا الصدد.
وأضافت الصحيفة الأمريكية أن آلاف المواطنين قد خرجوا إلى الشوارع فى العاصمة المالية باماكو، مطالبين باحترام الديموقراطية. وأشارت الى الادانات الدولية التى صدرت عن العديد من قادة العالم للانقلاب على الديموقراطية الذى شهدته مالى يوم الخميس الماضى.
فقد أعلنت إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما عن وقف كافة المساعدات غير الإنسانية التى تقدمها الولايات المتحدة لمالى، مطالبة قادة "التمرد" للعودة لثكناتهم وتسليم البلاد إلى حكومة مدنية.
وأكدت المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الأمريكية – فيكتوريا نولاند – أن بلادها ترغب فى إعادة الحكومة المنتخبة بأسرع وقت ممكن، حتى يمكن من خلالها إجراء الانتخابات القادمة فى مواعيدها المقررة.
وأضافت الدبلوماسية الأمريكية أن وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون قد أجرت عددا من الاتصالات التليفونية مع الرئيس الإيفوارى الذى يقود جهودا دبلوماسية مكثفة لإنهاء الأزمة المالية، مضيفة أن المسئولين الأمريكيين يجرون اتصالات حاليا مع قائد الانقلاب.
وأعربت نولاند عن رفض بلادها للانقلاب العسكرى بمالى، مؤكدة أنه أمر غير مقبول أن يتم تقويض الديموقراطية فى البلدان الأفريقية.
وأضافت الصحيفة الأمريكية أنه فى الوقت نفسه قد شهدت العاصمة السنغالية داكار يوم الأحد الماضى، احتفالات عارمة ليس فقط لفوز المرشح ماكى سال، وإنما كذلك للنموذج المثالى الذى شهدته الانتخابات فى السنغال والتى أطاحت بالرئيس عبدالله واد.
وقد عبرت الصحف السنغالية عن تلك التجربة الديموقراطية فى صفحاتها الأولى، معتبرة أن هزيمة "واد" هى انتصار لإرادة الشعب السنغالى، وللديموقراطية السنغالية.
يبدو أن السنغال قد شهدت حالة من الاستياء خلال الأشهر الماضية فى ظل الخطوات التى اتخذها الرئيس السنغالى السابق لتمكين ابنه من مقاليد الأمور، وكذلك تعديل الاتجاه نحو تعديل الدستور فى السنغال لمد مدة حكم الرئيس لأكثر من فترتين متتاليتين، وهو ما يعد تهديدا للخطوات التى اتخذتها الدولة نحو الديموقراطية على مدار خمسين عاما.