عندما كان الحديث عن تعديل «مجرد تعديل» الدستور، خيانة، وجريمة، وخروجاً عن النص، قدمنا منذ 7 سنوات دستوراً بديلاً لدستور 1971 أطلقنا عليه دستور مصر 2005.
قصة هذا الدستور بدأت مع وضع برنامج حزب الغد، الذى قررنا أن يكون بديلاً شاملاً لرؤية ونظام حكم مبارك وحزبه.
شعرت أنه لزاماً علينا أن ندخل للمحظور، ونتحدث فى المسكوت عنه، أصل الداء والبلوى، وبدأت مع مجموعة من المهمومين والمهتمين، استخلاص نصوص وقواعد دستورية تعالج آلام وأوجاع هذا الشعب، لنضع دستوراً للغد بديلاً عن دستور انتهت مدة صلاحيته.
بدأنا فى وضع دستور جديد تنبثق أحكامه من خلاصة تجاربنا الدستورية السابقة التى بدأت منذ 1866 قبل أن تعرف غيرنا من الأمم فكرة الدستور أو البرلمان.
دستور الغد 2005 استلهم العديد من الأحكام من دستور 1923، واستفاد لأقصى مدى من مشروع دستور 1954، الذى لم يعمل به، وربما لم ينشر، حاله حال دستور الغد الذى أودعناه مضابط البرلمان عام 2005، ولم يعرض على أى من لجانه، ما حملنا لتضمينه برنامجى الانتخابى للرئاسة 2005 كما حاولنا ترويجه فى صورة كتيب تضمن كامل نصه.
الدستور الذى لم يخرج للنور، تكون من 209 مواد، ورأس اللجنة التى أشرفت على صياغته رحمة الله عليه الدكتور عزيز صدقى رئيس وزراء مصر الأسبق الذى اختارنى مقرراً لمشروع الدستور ومشرفاً على صياغته وتسليم نصوصه للبرلمان.
بالقطع لم يكن هذا المشروع هو أفضل ما نتمناه الآن! لكنه حتماً كان صرخة عالية الصوت فى زمن السكوت، تؤكد أن الإصلاح يبدأ دائماً بالدستور، والاستبداد أيضاً!
عندما تقدمت أنا وزملائى النواب «عبدالمنعم التونسى، وعبدالفتاح الشافعى، ومجدى بيضون، ومحمود الشاذلى، وسيف محمود» وآخرون من نواب الغد، بمشروع الدستور للدكتور فتحى سرور انبهر الرجل بالجهد المبذول، ولكنه أكد أن هذا المشروع لن يرى النور!
الرئيس مبارك الذى لم يعتد على التعليق على مواقف معارضيه، أدهشنا بتصريح من العيار الثقيل نشرته مجلة الأهرام الاقتصادى عنواناً رئيسياً لها قال فيه: «تعديل الدستور خيانة»!
لم يرهبنا تصريح مبارك، ولا وصفه لجهدنا بأنه خيانة، ولم يدهشنا أنه مارس هذه «الخيانة» بعد أسابيع قليلة من هذا التصريح بتعديل نص المادة رقم 76 بغض النظر عن مضمونها.
كنا - ومازلنا - نؤمن أن أصل الداء هو الدستور.
وبتنا ندرك الآن وأكثر من أى وقت مضى أن الأمل هو الدستور.
وأصبحنا نعرف لحد اليقين، أن الطريق الصحيح هو الدستور.. كى نحقق استقلالاً ثانياً، ونتحرر من الاستبداد، والخوف والفقر، والفساد، بجميع صوره وأشكاله.
كنا نحلم بالدستور فى 2005 وبات الحلم وشيكاً فلا تبددوه!
لن تنهض الأمة المتعثرة إلا بدستور عصرى، يحقق لكل فرد حقه فى يومه وحقه فى غده، وحقه فى حريته وعقيدته وقدرته على اختيار ومحاسبة من يمثله ومن يحكمه بغير سلطان غير سلطان العقل والضمير الوطنى، وبغير اعتبار إلا للكفاءة والإخلاص والولاء لهذا الوطن ومصالحه.
هذه قصتى مع الدستور.. الذى أعددناه فى 2005 أما قصتى مع الدستور عموماً فربما تبدأ قبل ذلك بكثير عندما كان والدى «رحمة الله عليه» مقرراً للجنة وضع دستور 1971 وربما أكتب لاحقاً عن روايات أبى حول قصته مع دستور 1971.
عدد الردود 0
بواسطة:
م/احمدعبداللطيف
الدستور بعد الثورة
عدد الردود 0
بواسطة:
م/ محمد
إستغاثه