كشف العاهل الأردنى الملك عبد الله الثانى عن تشكيل بلاده فريقا لمكافحة التهريب النووى يتألف من مسئولين وخبراء من كافة المؤسسات المعنية بالأمن القومى.
وقال الملك عبد الله الثانى فى حديث أدلى به لصحيفة "دونجا إلبو" الكورية بثته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية"بترا" اليوم "الاثنين" إن الدافع وراء هذه الخطوة هو إدراكنا لأبعاد الخطر المتأتى عن المواد النووية، سواء منها ما يستفيد من الطاقة النووية أو غير ذلك، وبالتالى فإن علينا جميعا أن نفعل ما بوسعنا لمنع تهريب اليورانيوم أو البلوتونيوم عالى التخصيب بين بلداننا وإليها أو منها، ذلك أن هذا الكوكب لا يمكنه ببساطة المخاطرة وترك هذه الأمور بلا رقيب".
وردا على سؤال حول الخطوات التى يتوجب اتخاذها لتخليص العالم من الأسلحة النووية، قال: "علينا أن نضمن أولا عدم انتشار الأسلحة النووية، ابتداء بأمرين فى غاية الأهمية هما الامتثال والشفافية، أى الالتزام بتطبيق الاتفاقيات والأنظمة الدولية، والشفافية من حيث فتح المرافق والمواقع النووية أمام المفتشين الدوليين، وكذلك من حيث توفير المعلومات ومناقشة الطاقة النووية وما يتعلق بها من خطط ومشاريع".
وأضاف: "علينا أن ندرك أن الأسلحة النووية لا تجعل من أى طرف آمنا أكثر مما هو عليه، فالسلام فقط القائم على العدل والشرعية الدولية هو ما يمكن أن يضمن الأمن الحقيقى".
وتابع: "لقد ظل الأردن دوما يبذل قصارى جهوده، منذ عهد والدى المرحوم جلالة الملك الحسين بن طلال لمنع سباق التسلح النووى فى الشرق الأوسط، والذى كان سيتمخض عن عواقب لا يمكن تصورها وتتجاوز حدود المنطقة، ولم يقف الأمر عند توقيع كل معاهدة دولية رئيسية أو ميثاق لمنع انتشار الأسلحة النووية وتأمين المواد
النووية، بل إننا بقينا من الأنصار المتحمسين لفكرة إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط".
وأشار العاهل الأردنى إلى أن كل الدول العربية تدعم قيام منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط وكلها قد وقعت على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، لكن إسرائيل ظلت خارج هذا النظام الهام، "ونعتقد أن عليها توقيع اتفاقية منع الانتشار بدون تأخير والانضمام إلى المجتمع الدولى فى قبول بنود المعاهدة الملزمة قانونيا كما هو مطلوب من الدول الأخرى.
وقال العاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى إن من أهم أولويات قمة سول للأمن النووى، والذى يشارك فى فعالياتها، وضع توصيات خاصة حول سبل تفعيل التعاون لمكافحة خطر الإرهاب النووى، وتحديد وتنفيذ إجراءات تعزيز الإدارة الآمنة للمنشآت النووية، ودعم الجهود المشتركة لمنع تهريب المواد النووية والمشعة.
وأعرب الملك عبد الله الثانى عن الأمل بأن " نتمكن كمجتمع دولى من العمل معا لتحقيق الأمن النووى العالمى الذى تستحقه شعوبنا"، معتبرا أن هذه الأولويات تنطوى على تحد كبير أمام المشاركين فى القمة التى يأتى انعقادها دليلا على أن الأمن النووى قضية عالمية فى غاية الأهمية.
وقال: "أننا نشارك فى قمة سيؤول بمبادرة واضحة الأهداف والمعالم تسعى إلى تعزيز قدراتنا على مكافحة التهريب النووى، وهى المبادرة التى ناقشناها واتفقنا عليها مع العديد من الدول، وآمل أن ينضم إلينا كل الأعضاء المشاركين فى قمة الأمن النووى القادمة والمقررة عام 2014"، وفيما يتعلق بمساعى الأردن لحل الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، أكد العاهل الأردنى الملك عبد الله الثانى أن تحقيق حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على التراب الفلسطينى وعاصمتها القدس الشرقية هى مصلحة وطنية أردنية، ولن تعرف منطقتنا السلام أو تحصد ثمار الاستقرار والأمن والتنمية إلا عندما "نضمن للفلسطينيين استرداد جميع حقوقهم الشرعية، بما فيها حق إقامة الدولة".
وأشار إلى نجاح الأردن فى شهر يناير الماضى فى جمع المفاوضين الفلسطينيين والإسرائيليين على طاولة المفاوضات من جديد، ولأول مرة بعد 16 شهرا فى سياق مباحثات استكشافية، "ولكننا، بالتعاون مع المجتمع الدولي، لن نتوقف عن المحاولة".
وأوضح أن فى الشرق الأوسط ما يزيد على 100 مليون شاب تتراوح أعمارهم بين الخامسة عشرة والتاسعة والعشرين، وهم يشكلون أكبر تجمع للشباب فى تاريخ المنطقة، وهم ينتظرون أن يتوفر لهم تعليم وتدريب نوعى وفرص ذات معنى ووظائف كريمة وشكل من الأمن يسمح لهم ببناء حياة لأنفسهم وتطوير مواهبهم والسعى لتحقيق مطامحهم، ولن يتحقق أى من ذلك بشكل كامل بدون السلام.
وقال العاهل الأردنى الملك عبد الله الثانى فى سياق رده على سؤال حول الربيع العربى، "إنه عندما بدأ الربيع العربى كان الأردن قد شرع فى عملية إصلاح شاملة وحقيقية بدأت قبل أكثر من عقد"، لافتا إلى أنه كان هناك دوما إرادة سياسية وتصميم على تنفيذ عملية إصلاح جادة.
وأضاف: "عندما جاء الربيع العربى شهدنا بالفعل احتجاجات فى الأردن، ولكنها لم تنشأ عن غياب الإصلاح فى حد ذاته، بل بسبب الإحباط الناجم عن الوضع الاقتصادى والبطالة وضعف النمو الاقتصادى، وكذلك من عدم الرضا إما عن وجهة الإصلاح أو عن سرعة تنفيذه"، مجددا ثقته فى أن العام الجارى سيكون عام الإصلاحات السياسية الرئيسية فى الأردن وأن بإمكان بلاده أن تقدم أنموذجا إقليميا للإصلاح ولعملية الدمقرطة الشاملة.
وأوضح أن مسيرة الإصلاح كانت تتقدم فى قطاعات بيسر أكبر مقارنة بقطاعات أخرى، وقد حققت بعض الإصلاحات توافقا واسعا، فيما واجه البعض الآخر مقاومة من قبل البعض.
وقال: "إننا فى الأردن نعيش الربيع العربى بشكل مختلف عن الدول الأخرى، لقد احتضنا الربيع العربى باعتباره فرصة، وقمنا فورا بتشكيل لجنة حوار وطنى ولجنة لمراجعة الدستور واقتراح تعديلات عليه، وبالنتيجة تم تعديل ثلث مواد الدستور..
ونحن الآن بصدد إنشاء مؤسسات ديمقراطية جديدة، والشروع فى عمليات تهدف إلى تقوية الأحزاب السياسية وزيادة المشاركة الشعبية فى عملية اتخاذ القرار".
عاهل الأردن يكشف عن تشكيل بلاده فريقا لمكافحة التهريب النووى
الإثنين، 26 مارس 2012 12:21 م