بغداد تستقبل وفود القمة العربية بالزهور والبارود.. نصف مليار دولار لتزيين الفنادق والشوارع و100 ألف شرطى لتأمين العاصمة.. وغربيون: الطائفية أهم تحديات القمة

الإثنين، 26 مارس 2012 05:32 م
بغداد تستقبل وفود القمة العربية بالزهور والبارود.. نصف مليار دولار لتزيين الفنادق والشوارع و100 ألف شرطى لتأمين العاصمة.. وغربيون: الطائفية أهم تحديات القمة وزير الخارجية العراقى هوشيار زيبارى
كتب إبراهيم بدوى وبيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما بين الزهور والبارود انقسم المشهد العراقى فى استقبال العاصمة بغداد للوفود المشاركة بالقمة العربية رقم 23. وبرزت على السطح الكثير من المفارقات فى رهان العاصمة العراقية بغداد على استضافة هذه القمة وسط تصاعد التهديدات من جماعات إرهابية بتعكير صفو أعمال القمة. وتؤكد بغداد عزمها إنجاح القمة التى ترى فيها عودتها إلى حضنها العربى قوة إقليمية فاعلة بعد سنوات الفرقة والاحتلال.

وعلى الرغم من تأكيد القاهرة مشاركتها بأعمال القمة إلا أنه لم يتحدد من يترأس الوفد المصرى. ودارت الاحتمالات ما بين رئيس الوزراء الدكتور كمال الجنزورى ووزير الخارجية محمد عمرو، وإن كانت الكفة تميل إلى الأخير بشكل أكبر. ومن المقرر أن يبدأ وزراء عرب اجتماعات فى بغداد غدا الثلاثاء، للتحضير للقمة رغم عدم اليقين الذى يحيط بمستوى التمثيل وعدد الحضور من دول الجامعة العربية التى تضم 22 عضوا.

وقال وزير الخارجية العراقى هوشيار زيبارى اليوم الاثنين لرويترز، إن عدد الزعماء المؤكد حضورهم يتراوح بين ثمانية و12 زعيما عربيا. وقالت السعودية إن مندوبها لدى الجامعة العربية سيرأس الوفد السعودى فى القمة. وكان من المقرر عقد القمة العام الماضى لكنها تأجلت بسبب انتفاضات الربيع العربى.

المفارقة أن بغداد تزينت لاستقبال الوفود بفنادق محددة وشوارع تم فرشها بالعشب والأزهار، وسط احتياطات أمنية فوق العادة أملا فى عودة العراق من جديد قوة إقليمية كبيرة بعد عقود من الاضطرابات.

وتشير تقديرات إلى نشر مائة ألف رجل لحماية العاصمة أثناء القمة، وبالرغم من هذه التدابير الأمنية وإنفاق الحكومة العراقية نصف مليار دولار على ترميم وتحديث المنشآت التى ستستضيف أعمال القمة يبدو أن المتمردين ما زالوا قادرين على تنفيذ ضربات قاسية. وذكرت مصادر الشرطة العراقية منذ يومين أن 19 من قيادات تنظيم "دولة العراق الإسلامية" تمكنوا من الهروب من سجن مديرية شرطة كركوك. وقال مصدر أمنى رفيع المستوى إن "19 شخصا بينهم عدد من عناصر تنظيم القاعدة وأنصار السنة، فروا من سجن فى كركوك بعد أن قاموا بتخدير حراس سجن التشريفات مستخدمين تمر ملوث بمواد مخدرة".

وتؤكد تقارير إلى أن الأمن يعد الركيزة الأساسية فى استعدادات السلطات العراقية لاستضافة القمة إذ تم نشر عشرات آلاف الجنود وعناصر الشرطة على الطرقات الرئيسية، فيما تحوم الطوافات باستمرار فوق العاصمة ويتم قطع عدد كبير من الجسور.

وقال نائب مستشار الأمن الوطنى صفاء حسين "هناك المزيد من الجنود المشاة على الأرض، والمزيد من الدوريات"، مشيرا إلى أن القمة ستحظى "بتغطية أمنية من الجو". وأكد حسين الهواجس حول عمليات إرهابية محتملة قائلا إن السلطات العراقية تلقت تقارير استخباراتية حول عزم تنظيم دولة العراق الإسلامية، وهو الواجهة الرئيسية لتنظيم القاعدة، تنفيذ هجمات خلال القمة.

من جانبها أنجزت القوات الأمنية خططا تقضى بإغلاق بغداد تماما يوم انعقاد القمة فى 29 مارس، كما تم إغلاق عدة طرقات رئيسية منذ أيام، مما أدى إلى تفاقم مشكلة زحمة السير الخانقة فى العاصمة العراقية، فيما تم تشديد التفتيش عند الحواجز الأمنية إذ يقوم عناصر من الأمن بالتدقيق فى أوراق وأرقام السيارات ومقارنتها بقائمة بيانات مهاجمين محتملين. وأعلنت الحكومة عطلة تستمر لأسبوع اعتبارا من 25 مارس وحتى نهاية القمة، وذلك على أمل إبقاء القسم الأكبر من الناس فى البيوت. وبالرغم من هذه التدابير الأمنية المشددة تمكن تنظيم دولة العراق الإسلامية من تنفيذ سلسلة من الهجمات فى 20 مارس أسفرت عن مقتل 50 شخصا وإصابة 255 آخرين.

وسعت السلطات إلى تجديد وتحسين أجزاء من العاصمة، وخصوصا ستة فنادق ستنزل فيها الوفود الرسمية والصحفيين. كما رممت القصر الجمهورى الذى بات يعرف بالقصر الحكومى وهو سيكون مقر الاجتماعات الرئيسية للقمة وبنت 22 فيلا للقادة العرب. وتم تعبيد بعض الطرقات بما فى ذلك طريق المطار الشهير الذى كان يسميه الجنود الأمريكيون "شارع الار بى جى" بسبب المستوى المرتفع من الهجمات.

وتأتى تلك القمة فى ظروف مغايرة عن اجتماع قادته الأخير قبل سنتين بعدما أطاح "تسونامي" الثورات وحركات الاحتجاج العربية بزعماء حكموا بيد من حديد لعقود طويلة. وكان القادة العرب اختتموا قمتهم العادية الثانية والعشرين التى عقدت برئاسة العقيد معمر القذافى فى سرت بليبيا فى 28 مارس 2010. وقد هيمنت على أعمالها مسألة الاستيطان الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية. واتفق القادة العرب على الاجتماع فى مارس 2011 فى بغداد، لكن القمة أرجئت وجرى الحديث حتى عن إلغائها، لكنها ستعقد أخيرا الخميس بتأخير عام كامل.

ووسط اهتمام عالمى بالقمة اعتبرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية انعقادها فى بغداد هذا الأسبوع، بمثابة لحظة فارقة مهمة فى تاريخ العراق الجديد والذى عانى عقودا من التهميش والعزلة وكذلك الحروب، ليتصاعد دورها كأحد اللاعبين الإقليميين الرئيسيين فى المنطقة العربية التى تشهد مرحلة جديدة من التحول بفضل ثورات الربيع العربى.

وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن هناك فريقا من المحللين الذين يتبنون وجهة نظر أكثر تشاؤما، حيث إنهم يرون أن الشوارع فى العراق مازالت تعانى من الهجمات الانتحارية وكذلك الاستقطاب الطائفى، وهو ما أضعف مكانة الدولة العراقية فى منطقتها، خاصة فى ظل ما تشهده المنطقة من تنافس إقليمى بين كل من المملكة العربية السعودية وإيران، وهى الدول التى تستخدم المال والقوة لترويج أجنداتها السياسية بالعراق. وأضافت الصحيفة أنه بالرغم من التطلعات التى يتبناها العراقيون فى أن تستعيد بلادهم دورها المحورى على المستوى الإقليمى، إلا أن هذه المسألة مازالت بعيدة المنال.

وأضافت نيويورك تايمز فى تقرير لها نشرته اليوم أن تلك الوجهة المتشائمة حول مستقبل العراق ليس نتيجة لتقصير المسئولين العراقيين، الذين يبذلون جهودا كبيرة لاستعادة الدور الاقليمى للعراق، موضحة أن المسئولين العراقيين قد أطلقوا حملة دبلوماسية فى الأسابيع الماضية تهدف الى التودد الى الدول العربية السنية فى المنطقة من أجل إنهاء حالة التشكك التى يشعر بها العديد من المتابعين للمشهد العراقى حول أن الحكام العراقيين الحاليين يعملون لتحقيق مصلحة إيران باعتبارها حليفتهم الشيعية.

وأوضحت نيويورك تايمز أن العراق سوف يعمل بجدية على الابتعاد تماما عن طرح المشكلات التى تواجه الدولة العراقية حاليا على مائدة المناقشات خلال القمة العربية، وذلك تفاديا لأى انتقاد محتمل للنظام السلطوى الذى يقوده حاليا رئيس الوزراء نورى المالكى، وكذلك الصراع الحالى بين بغداد وقادة الأكراد فى شمال العراق حول مسألة السيطرة على موارد النفط.

ويرى العديد من المحللين أن الضعف الذى تعانيه العراق حاليا أمام عالمها الخارجى قد بدأ من الداخل العراقى، مؤكدين أنه لو أراد العراقيون أن يستعيدوا مكانتهم كإحدى القوى الإقليمية والدولية فى منطقة الشرق الأوسط، وبالتالى إحداث قدر من التوازن مع القوى الإقليمية التى تحيط بها كالسعودية وإيران وتركيا، فإنهم لابد أن يعملوا على نبذ الطائفية التى أدت الى تقسيم الدولة وإضعافها.

وأوضح الخبير الأمريكى ايما سكاى فى مقال له نشرته إحدى الصحف العراقية أن القضايا الداخلية التى تشهدها العراق حاليا كانت سببا رئيسيا فى عجز المسئولين العراقيين عن صياغة سياسة خارجية متماسكة وموحدة يمكن من خلالها استعادة النفوذ العراقى بالمنطقة كقوى إقليمية بارزة.

وأضافت الصحيفة الأمريكية أن الأزمة السورية تعد أحد أهم نقاط الخلاف بين العراق وجيرانها من الدول العربية التى تسيطر عليها أغلبية سنية، خاصة فى ظل تعاطف الحكومة العراقية مع نظام الأسد فى سوريا.

وأوضحت نيويورك تايمز أن الحكومة العراقية قد دفعت ملايين الدولارات لتجهيز الفنادق والمواصلات للوفود الدبلوماسية والصحفية القادمة من كافة الدول العربية من أجل حضور فعاليات القمة وتغطية أحداثها، وهو ما أدى إلى ردود أفعال متناقضة فى الشارع العراقى بين مؤيد لتلك التجهيزات التى يعتبرونها ضرورية للحفاظ على مظهر الدولة العراقية أمام العالم، آخرين معارضين لذلك معتبرين أنها مجرد أموال ضائعة لا تخدم أحدا سوى النخب السياسية ولا تعود بالنفع على المواطنين العراقيين.







مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

ابو فراس الحمدانى

رثاء ورحيل

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة