شهدت مكتبة الإسكندرية صباح اليوم، الاثنين، افتتاح مؤتمر "التراث القبطى فى إفريقيا"، والذى ينظمه برنامج الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية على مدار يوم كامل، بالتعاون مع جمعية محبى التراث القبطى.
افتتح المؤتمر كل من السفير على ماهر، رئيس قطاع العلاقات الخارجية بمكتبة الإسكندرية، ونيافة الأنبا مارتيروس، الأسقف العام، والذى ألقى كلمة الأنبا باخوميوس، قائم مقام الكنيسة الأرثوذكسية، والدكتور محمود درير غيدى، سفير إثيوبيا فى مصر، والدكتور لؤى محمود سعيد، مشرف برنامج الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية، والمهندس سامى مترى، رئيس جمعية محبى التراث القبطى.
كما قام الحضور بافتتاح معرض "الأيقونات القبطية"، والذى تنظمه جمعية محبى التراث القبطى بمكتبة الإسكندرية على هامش المؤتمر الذى شهد المؤتمر عرضا فنيا لكورال موسيقى إثيوبى.
وأكد السفير ماهر أن التراث القبطى المصرى له امتداد واسع داخل القارة الإفريقية، وأن المؤتمر يسعى إلى إلقاء الضوء على هذا الدور، مضيفا أن مصر تتمتع بعلاقة وثيقة مع الدول الأفريقية، وخاصة دولة إثيوبيا، التى تقدم مشاركة متميزة فى المؤتمر، مؤكدا أن المكتبة تنظم المؤتمر انطلاقًا من دورها كمؤسسة ثقافية مصرية تنفتح على العالم وينفتح العالم عليها، وفى إطار سعيها لتكون منارة للفكر الحر.
وقام نيافة الأنبا مارتيروس بإلقاء كلمة الأنبا باخوميوس، والتى أكد فيها العلاقة الوثيقة بين الكنيسة القبطية والكنائس الإفريقية، وأهمية المؤتمر فى العمل على زيادة توطيد العلاقات، والتأكيد ى وحدة الشعوب الإفريقية، ودعا فى كلمته إلى إنشاء قسم خاص بالدراسات الإفريقية فى الجامعات والمعاهد المصرية لدعم الدراسات الإفريقية، والتأكيد على العلاقة الوطيدة بين الشعوب الإفريقية.
ونوه الأنبا باخوميوس فى كلمته أن البابا شنودة اهتم اهتماما كبيرا بأفريقيا، سواء على المستوى الروحى أو التنموى، كما أن الكنيسة القبطية عملت على الوصول لدول المنبع ونشر قيم المسيحية منذ منتصف القرن الرابع الميلادى، موضحا أن الطبيعة الجغرافية لدول المنبع ساعدت على تعزيز وحدة الرأى والترابط لمنفعة الشعوب الإفريقية كلها.
وأشار باخوميوس إلى أن الكنيسة واصلت إرسال أساقفة إلى أفريقيا حتى وقت قريب، خاصة فى إثيوبيا والسودان، مؤكدًا أن إثيوبيا كانت مدخل الكنيسة القبطية لدخول إفريقيا والتعمق فيها، لافتا إلى أن الكنيسة القبطية مازالت تواصل التعاون مع مناطق الرعية فى السودان حتى الآن.
وأكد قائم مقام الكنيسة الأرثوذكسية إن العلاقات بين شعوب إفريقيا يشهد لها التاريخ، مبينًا أن الكنيسة القبطية فى مصر استقبلت الكثير من الأفارقة، سواء الرهبان أو الطلبة أو اللاجئين من مناطق الصراع.
ومن جانبه، تحدث الدكتور محمود درير غيدى السفير الإثيوبى فى مصر عن علاقة التواصل الحضارى والإنسانى التى يتمتع بها المسلمين والمسيحيين فى إثيوبيا، مبينًا أنه تربى فى عائلة مسلمة وقام فى نفس الوقت بدراسة الإنجيل، مؤكدا أن الشعب الإثيوبى لديه اعتقاد راسخ بأن الكتب السماوية تعود لله، لذلك هناك الكثير من المسلمين الذين يعرفون الإنجيل، والكثير من المسيحيين الذين يعرفون القرآن.
وقال السفير الإثيوبى إن إثيوبيا تعتبر منبع للحياة لأبناء حوض النيل جميعًا، مبينًا أن الكنيسة القبطية الوحدانية تتمتع بمكانة عريقة فى تاريخ إثيوبيا، كما أن الإنجيل يذكر إثيوبيا باسمها أكثر من 40 مرة فى العهد القديم، مما يدل على أهمية هذه الأرض، مؤكدا وجود علاقة تاريخية تجمع بين مصر وإثيوبيا منذ العصر الفرعونى، ويظهر ذلك فى مجالات عديدة، حيث تتميز الكنيسة الإثيوبية بأيقوناتها العفوية والجميلة، تأثرًا بالكنيسة القبطية، كما أن الترانيم القبطية أثرت تأثير كبير فى الموسيقى التقليدية الإثيوبية بشكل عام.
وفى كلمته، أكد الدكتور لؤى محمود سعيد، مشرف برنامج الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية، على أن برنامج الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية هو أول كيان مصرى يهتم بالتراث القبطى خارج نطاق الكنائس والأديرة المصرية، وبذلك فهو يسبق كافة الجامعات والمؤسسات المصرية، مضيفا أن البرنامج يتبنى مفهوم "التراث القبطى تراث لكل المصريين"، أى أنه شأن وطنى ولا يخص المسيحيين وحدهم، معربا عن أمله فى أن يلعب التراث دور محورى فى نزع فتيل الاحتقان الذى قد يندلع بين الحين والآخر، وأن يكون التراث أحد دعائم مصر الجديدة ومستقبلها بعد الثورة، مشيرا إلى أن برنامج الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية فى طور إطلاق أول موقع عربى علمى للقبطيات على الإنترنت، ليشمل كافة فروع علم القبطيات.
وأكد سعيد أن الهدف من المؤتمر هو التعريف بأهمية تراث مصر القبطى خارج حدوده الإقليمية عبر التاريخ، والتأكيد على الدور المحورى الذى يمكن أن يلعبه فى مستقبل مصر، وخاصة قضاياها الإقليمية، بما يجسده الاحترام الكبير لهذا التراث فى الدول الإفريقية وخاصة إثيوبيا التى كانت كنيستها الأرثوذكسية حتى وقت قريب تتبع الكنيسة المصرية، مشيرا إلى أن برنامج الدراسات القبطية خطى عدة خطوات منذ تأسيسه لزيادة الوعى بالتراث القبطى، حيث نظم مجموعة من الدورات فى القاهرة والإسكندرية لتعليم اللغة القبطية، كما عقد اتفاقية تعاون مع المعهد الفرنسى للآثار الشرقية، وأخرى مع الجامعة الكاثوليكية بأستراليا، واتفاقية مع مركز التراث القبطى.
وأوضح مشرف برنامج الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية أن البرنامج يعمل حاليًا على مشروع تعاون مع المعهد الهولندى للآثار لتوثيق مقتنيات المتحف القبطى بالقاهرة، كما يعمل على مشروع تدريب العاملين بالمتحف القبطى وأمناء المتاحف المصرية عمومًا.
من جانبه تحدث المهندس سامى مترى، رئيس جمعية محبى التراث القبطى عن الجمعية وأنشطتها، مبينًا أن هذا المؤتمر هو أول تعاون بين الجمعية ومكتبة الإسكندرية متمثلة فى برنامج الدراسات القبطية، وبمشاركة معهد الدراسات القبطية الذى قدم الدعم للجمعية، مشيرا إلى أن الجمعية تأسست عام 1997، وهى تسعى إلى زيادة الوعى بالتراث القبطى كتراث لكل المصريين، مبينًا أن أنشطة الجمعية تتمحور حول الندوات العلمية والمعارض الفنية والحفلات الموسيقية وإصدار مجلة "تراثنا القبطى".
جدير بالذكر أن برنامج المؤتمر يتضمن محاضرة عن تأثير الألحان القبطية على الألحان فى إفريقيا، وأخرى عن الدور المعاصر للكنيسة القبطية فى إفريقيا، ومحاضرة بعنوان "القبوات المصرية القديمة والقبطية فى النوبة"، وأخرى بعنوان "طرز القباب فى مصر وإفريقيا"، وتتطرق محاضرات المؤتمر أيضًا إلى رهبان النوبة فى وادى النطرون، وأساقفة إثيوبيا المصريون ودورهم الدينى والوطنى، والآثار القبطية فى متحف الخرطوم، والرهبنة والآثار الديرية فى المملكة النوبية، والتأثير الثقافى المتبادل بين الفن القبطى والفن الإفريقى، والكنيسة القبطية وعلاقتها بإفريقيا، كما يُعقد على هامش المؤتمر أيضًا مجموعة من ورش العمل والتى تدور حول مستقبل الدراسات القبطية فى مصر، وشهادات علمية للخدمة فى إفريقيا، والآثار القبطية فى إفريقيا، والفنون والعمارة القبطية، والفولكلور القبطى، واللغة القبطية.
افتتاح مؤتمر "التراث القبطى فى أفريقيا" ومعرض "الأيقونات القبطية" بمكتبة الإسكندرية.. الأنبا باخوميوس: العلاقة بين شعوب أفريقيا تاريخية
الإثنين، 26 مارس 2012 05:41 م