أوصى المشاركون فى ختام فعاليات مؤتمر "عروبة وأمن الخليج بين الواقع والتحديات" والمنعقد بالعاصمة البحرينية المنامة بضرورة عودة مصر لدورها الإقليمى وريادته بين الدول العربية، وذلك من خلال دعمها اقتصاديا من قبل الاستثمارات الخيليجية وتخليها عن دعم صندوق النقد الدولى، موضحين أن غياب الدور المصرى أدى إلى دفع العديد من الدول لتحقيق مطامعها فى الخليج العربى، حيث إن مصر صمام الأمان لأمن الخليج، خاصة فى الخليج العربى ومحاولات إيران لتحويله إلى خليج فارسى .
وطالب المشاركون بحماية الهوية العربية من الغزو الإيرانى والذى أصبح يهدد المنطقة العربية، وخاصة الخليج ودفعه الى حالة الضعف فى ظل غياب الهوية، لافتين إلى أن المنطقة العربية أصبحت منطقة صراع ثقافات وهيمنة من جانب الدول الاستعمارية، خاصة إيران ودول الغرب التى تجعل من دول الخليج أداة لها فى تحقيق مصالحها الشخصية خاصة الاقتصادية .
وقال الدكتور محمد السعيد إدريس، رئيس لجنة الشئون العربية بمجلس الشعب، إن الثورات العربية سوف تغير حتما إن كان تدريجياً وبدرجات مختلفة من دولة إلى أخرى، من معادلات الحكم والسياسة فى الدول الخليجية الست، بعد أن نالت كثيراً من مقولة "الخصوصية الخليجية" ومقولة "الاستثناء الخليجى" أو "حصانة الملكيات العربية"، فرياح تلك الثورات لن تستطيع أن تحجزها عوائق أو حواجز، ومن ثم فإن التغيير قادم لا محالة، والدليل واضح فى تبدل رد الفعل تدريجياً، والتعامل بإيجابية مع مطالب الإصلاح والتغيير، فى محاولة لإكساب نظم الحكم القدرة على التكيف مع المطالب الجديدة والفعالية فى الاستجابة للتحديات.
وأضاف "إدريس" أن هناك مفهوماً جديداً لأمن الخليج سوف يفرض نفسه تدريجياً وهذا المفهوم الجديد سوف يحرص على إدراك متغيرين أساسيين جديدين على معادلة الأمن الخليجى المتغير الأول يتعلق بمصادر التهديد، حيث فرضت مصادر التهديد الداخلية نفسها بما يفوق أو بما يعادل أو يوازن مصادر التهديد الخارجية، وإذا كان الأمر كذلك، فإن أمن الخليج الذى ظل مستورداً لسنوات طويلة، وظل أسير الحماية الأمريكية أحياناً أو أسير "عولمته" فى أحيان أخرى بعد ما شهده إقليم الخليج إثر حرب الخليج الثانية عام 1991 (حرب تحرير الكويت)، والدور الأمريكى الفاعل فى هذه الحرب، وما شهده من تداعيات للحرب الأمريكية على الإرهاب ودخول حلف الناتو كشريك أو منافس للدور الأمريكى المهيمن.
وأوضح أن هذا الأمن لن يبقى معتمداً على الحليف الخارجى بالدرجة الأولى وحتماً سيكون للقوة الذاتية أو للأمن الجماعى للمجلس دوره الفاعل والأساسى الجديد فى معادلة تحقيق هذا الأمن، لكن ما هو أهم هو أن تحقيق الأمن فى مفهومه الجديد لن يعتمد بالدرجة الأولى على الوسائل الأمنية، بل على أدوات سياسية اجتماعية اقتصادية وثقافية وإعلامية تتواءم مع المطالب والضغوط ذات العلاقة بمصادر التهديد الداخلية للأمن: المصادر السياسية والمصادر الاجتماعية والمصادر الثقافية.
ولفت إلى أن كثيرين يعتقدون أن الولايات المتحدة أصبحت متهمة من السعودية، بل وربما تكون مستهجنة بسبب أدائها غير المُرضى إزاء أحداث الثورات العربية، التى اعتقدت الرياض، للوهلة الأولى أنها ستكون لصالح إيران ومعسكر الرفض أو ما يعرف بـ "محور الممانعة" بعد سلبية الأمريكيين إزاء إسقاط حليفهم حسنى مبارك، ومن قبله زين العابدين بن على، وعلى ضوء ردود الفعل الإيرانية، الأولية أيضاً، التى رأت فى ثورات العرب امتداداً لثورتها وإيذاناً بتأسيس شرق أوسط إسلامى على أنقاض مشروعات أمريكا للشرق الأوسط التى تساقطت الواحدة تلو الأخرى.
وقال رئيس لجنة الشئون العربية بمجلس الشعب إن ذلك سيؤثر فى إدراك قيادات دول المجلس لمصادر التهديد للأمن فى الخليج، وفى صياغة منظور جديد للأمن الإقليمى يجمع بين ما هو استراتيجى وتعاونى على مستوى الإقليم الخليجى، ويجمع بين ما هو سياسى وما هو اقتصادى وثقافى واجتماعى فى إطار مجتمعى على مستوى مصادر التهديد الداخلية.
موضحا أن خريطة تحالفات إقليمية جديدة سوف تفرض نفسها بعد سقوط حلفاء مهمين لدول مجلس التعاون، وعلى ضوء أدوار جديدة لقوى إقليمية -خاصة تركيا- وعربية قامت على أنقاض النظم التى تساقطت، والأهم فى ظل بروز مصدر قوة جديد يملك القدرة على أن يفرض نفسه كمتغير أساسى، وهو قوى الثورة الشعبية الثورة العربية التى تملأ الساحات على امتداد الوطن العربى تطالب بالتغيير وأن تكون شريكاً وفاعلاً فى صنع القرار السياسى الوطنى والعربى.
وأضاف أن دول مجلس التعاون ستكون معنية، وعلى ضوء خبرة إدارة الأزمة السياسية فى البحرين، بإعطاء قدر أكبر من الاهتمام لمشروع مجلس التعاون الخليجى وتطويره والبحث عن حلفاء أو شركاء جدد ضمن إطار إعادة ترسيم خرائط التحالفات على مستوى الإقليم وتمكين دول المجلس من أن يكون لها دور أساسى فى إدارة شؤون الإقليم، والأهم فى إدارة تفاعلات وتداعيات ربيع الثورات العربية والتحول من إدارة رد الفعل إلى إدارة الأفعال، فى محاولة للحد من تداعيات تلك الثورات وتوجيهها قدر الإمكان فى الاتجاه الذى يخدم مصالح الدول الخليجية.
وفى ختام الفعاليات أصدر المؤتمر وثيقة للمستقبل السياسى للمملكة البحرين مؤكدة ان البعد الطائفى فى الحركات الشعبية فى المملكة أصبح أخف حدة فى خلال فترة المد القومى خمسينات وستينات القرن الماضى ولكنه بدأ يزداد مع نهاية السبعينات وبداية الثمانينات وحتى يومنا الحاضر.
وأضافت الوثيقة أن العمل الوطنى الحقيقى لا يمكن أن يتم فى المملكة بيد واحدة وإنما هو بحاجة إلى اليدين ليتمكن بهما من حمل الأمانة الموكلة من الشعب للقيادات السياسية، موضحة أن التأثير الذى أوجدته الحركات الدينية كان أحد أهم العوامل التى قسمت المجتمع البحرينى خصوصا مع نجاح الثورة الإيرانية وانقسام الحركة الوطنية إلى قسمين متناحرين يحدد موقف كل منهما من الأخر مبدأ الحلال والحرام.
وأوضحت أن فى مجتمع كالمجتمع البحرينى لا يمكن أن تقوده حركات سياسية ذات بعد دينى لما تحمله بداخلها من عامل تفريقى لا يساعد على نهوض الحركة الوطنية، بل يعمق فى شق الشارع الذى يمثل الرافد الأوسع للحركة الوطنية بصورة عامة، بالتالى فإن الحل المناسب والأنجع لهذا المجتمع هو النهج ذو البعد القومى العروبى الذى من خلاله يمكن تجميع البشر على رأى يخدم الجميع أو الأغلب الأعم من المجتمع البحرينى على أقل تقدير .
وأشار أجمد البن على أمين عام جمعية الوسط الاسلامية الى أن كان لنجاح الثورة الإيرانية على حكم الشاه عام 1979 تأثير سلبى واضح على مسار الحرمة الوطنية تزامن مع تمدد الحركات السياسية الدينية المغلفة بالعمل الخيرى والمتمثلة فى تيار الإخوان المسلمين والتيار السلفى فى المنطقة العربية عموما والساحة المحلية على وجه الخصوص، فبعد أن كان الصراع بين التيار القومى واليسار من جهة والتيارات الدينية وبعد ضعف التيارين أصبح الصراع بين تيارات دينية متنافرة .
مطالب بعودة مصر للريادة لصد المطامع فى مؤتمر "أمن عروبة الخليج"
الأحد، 25 مارس 2012 05:53 م