يثار الآن لغط كبير حول الرئيس القادم، وكعادة كل انتخابات أو استفتاء تكون خلفية الاختيار هى الكتلة الحرجة فى هذه المسألة، فلو كنت ليبرالياً عند بعضهم، فلا نقاش حول ما سوف تقوله لاحقاً، المهم ألا يستكمل الإسلاميين مسلسل استحواذهم على السلطة، ولو كنت إسلامياً عند أحدهم، فلا جدال حول أهليتك، فأنت رجل تتقى الله، ولو كنت قومياً فى نظرهم فأنت من "ريحة" الزعيم الخالد ونحن معك.
إننا نرى الآن حديثاً يجرى على وتيرة استفتاء 19 مارس الخاص بتعديل الدستور، فنجد من يقول – مثلاً - انتخب فلاناً فإنه سيقيم الشريعة الإسلامية، فالحديث عن مرشح سيقيم الشريعة أو سيهملها هو قول مردود، فالرئيس القادم والذى سيليه ومن سيخلفهما، ليس له أن يقيم أو يُميل أمراً بهذا الحجم، بل سيكون مجرد رئيس لدولة مصر التى ينظم حركتها ويضبط مسار اتجاهاتها دستور سيتم وضعه، فخليفة الحاكم بأمر الله قد جرى خلعه فى فبراير قبل الفائت، ومن سيظن فى نفسه قوة فرعون مرة أخرى، سيجد الأرجاء قد غصت بمن يجدون فى أنفسهم قوة موسى وقد خرجوا لدحره.
عزيزى الذى يتصارع على عقله وقلبه أبواق المرشحين جميعاً، لا تخف، فالرئيس القادم لو كان من اليمين الدينى فلن يأخذك إلى زمن الحج بالناقة.. اطمئن، فلو وصل إلى سدة الحكم رجل قومى فلن تجد نفسك فى قلب عاصفة من اللهب.. اهدأ، فلن يصحبك العلمانى – إن فاز - إلى ملاهى الضلال والفسق، فقد صرت تمتلك - سيدى - حريتك والتى سلبوها منك قبلاً فجائوا بك هنا وذهبوا هناك بلا حول منك ولا قوة.
اختر من تجد فى برنامجه أملا فى مستقبل أفضل، من مُهرت وثيقة صلاحيته بختم ماضيه المشرف، من تجده لم يتبدل ولم يتزحزح عن مواقفه وثوابته سواء قبل الثورة أو بعدها، لا تجعل رحى الاستقطاب تدهس مستقبل وطنك، إن الذين يتحدثون عن الخلفيات المؤثرة على المرشحين المختلفين سواء كانت دينية أم قومية أم علمانية، هم بذلك يتخطون الحسابات المنطقية للأولويات، فبعد ثورة قامت على فترة انهار فيها الانحياز للمواطن.. يجب أن يكون المعيار الأول لاختيار الرئيس القادم هو موقع المواطن بالنسبة له، إن تدور الدنيا من حوله وجودا وعدماً.
فقط احرص على ألا يكون من ستختار من نفايات العهد الذى أزكمت روائحه الأنوف، احرص على البعد عن المتلونين، ممن يأكلون على كل الموائد، احرص على مقاطعة من أهان شهدائك، وسخر من دمائهم وقضيتهم، احرص على ضرب ذئاب هذا الوطن بنيران الفشل، سيدى الناخب.. بيديك قوة وسلطة عظيمتان، احرص على نقلهما للشخص المناسب الذى يرتضيه ضميرك، بعيداً عن دعاوى الانتماءات الأيدلوجية والحسابات الضيقة، اتق الله.. وأعمل الصح.
