طكتبت مقالة بعنوان «يحدث فى البحرين»، ونشرت فى جريدة «اليوم السابع» بعمودى «بيت القصيد» يوم الأحد الماضى الموافق 18/3/2012، وفى اليوم التالى تكرمت هيئة الإعلام بمملكة البحرين بالرد على المقالة، ونشر الرد أيضا فى موقع جريدة «اليوم السابع».
جاء رد هيئة الإعلام محبطا جدا بالنسبة لى، وسبب الإحباط أنه لم يخرج قيد أنملة عما توقعته، وعما تعوده المواطن العربى الذى ملَّ من بيانات الحكومات العربية.
خلاصة رد الهيئة الموقرة أن الكاتب جاهل لا يعلم شيئا عن حقيقة الأوضاع، وأن الأمور فى البحرين على ما يرام، خلاصة البيان «كله تمام»!
دائما تقول بيانات الحكومات العربية إن كل شىء على ما يرام، ودائما تكون ركيكة الصياغة، ولا تخلو من أخطاء لغوية، ولكنها تخلو من منطق سليم يحترم العقل.
ما فائدة أن تستشهد بنصوص دستورية تنص على المساواة بين المواطنين وجميعنا يعرف أن أعتى الديكتاتوريات تنص دساتيرها على ذلك؟
هل تظن هيئة الاستعلامات البحرينية أن نصوص حرية الرأى فى الدستور لم تكن موجودة فى مصر؟ وليست موجودة سوريا؟ ولم تك موجودة فى تونس وليبيا؟
هل نفى وجود القمع والقتل سيجعلنا نصدق هيئة الاستعلامات «الموقرة» ونكذب أعيننا التى رأت ذلك عبر عشرات الفيديوهات؟
هل الاستشهاد بالسيد «شريف بسيونى» وأنه قال «إنه لا يوجد داع لقيام ثورة شعبية فى البحرين» هل سيغنى ذلك عن رد مظالم فئة من المجتمع؟ هل زَعَمَ الكاتبُ أن ما يحدث فى البحرين ثورة؟ أم وصفها بحراك سلمى وسببه ظلمٌ وُجِّهَ لفئة من المجتمع؟
هل الخلاف هو تسمية ما يحدث ثورة أو غير ثورة؟ أم الخلاف حول مظالم وقعت على مواطنين كل ذنبهم أنهم ينتمون لطائفة ما واستمرت المظالم سنوات وسنوات؟
هل نفى موضوع التجنيس بأرقام مصدرها حكومى سيقنع أى عاقل؟ ألم يكن حسنى مبارك وصدام حسين وحافظ الأسد وغيرهم يزورون الانتخابات ثم يصفونها بالنزاهة مع سيل من الأرقام؟
ألم تقم كل الأنظمة المستبدة فى العالم كله بالاستشهاد بأرقام هى مصدرها؟
فيك الخصام وأنت الخصم والحَكَمُ؟
ألا يوجد أى ابتكار لدى الحكومات العربية يجعلها تتمكن من صياغة بيانات أذكى من ذلك قليلا؟
بعد كل ذلك حاول البيان أن يؤكد على التدخل الإيرانى فى شؤون البحرين، وعلى أن ما يحدث فى البحرين حراك طائفى، وكأنى لم أقل فى مقالى إن من يتحركون شيعة!
كان الأولى أن يتساءل البيان لماذا تلجأ طائفة من أهل البلد للخارج؟
من الذى أقصى بعض أبناء الوطن ليكونوا فريسة لمن يطمع من القوى الخارجية؟
إن ما يحدث فى البحرين اليوم نتاج ظلم قديم، وإزالته هى الطريق الوحيد لعلاجه، أما التحصن خلف نصوص الدستور دون تغيير على الأرض فهو أمر أشبه بدفن الرأس فى الرمال بدلا من مواجهة الواقع، فى بلد كريم، أهله «شيعة وسنة» كرماء، ولكنك حين تمشى فى شوارعه تستطيع أن تشم رائحة مشكلة طائفية فى الهواء.
لقد كان بيان هيئة الإعلام متواضعا فى ذكائه، ولم تأت كلمة واحدة منه خارج توقعاتى، حتى الاستشهاد بكلام مولانا وأستاذنا الشيخ القرضاوى، كانت لفتة متوقعة -بقدر ما كانت رخيصة- وكأن الاستشهاد بكلام الشيخ سيحرج الكاتب لأنه ابنه.
سبب رخص الاستشهاد أن كاتب البيان لا يعرف أقدار الرجال، فهو يقول بالنص: «فإن هيئة شؤون الإعلام تدعو الكاتب إلى أمرين الأول: هو الرجوع إلى الداعية الإسلامى «يوسف القرضاوى» والذى انتقد فى خطاباته الحركة المعارضة فى البحرين»، وأنا أقول للسادة فى هيئة الإعلام البحرينية إن الشيخ القرضاوى ليس مجرد داعية إسلامى كما وصفه البيان الركيك، بل هو إمام أهل السنة، وأعلم أهل الأرض، ومن العيب أن تستشهدوا بكلام رجل لا تعرفون قدره.
أما عن رأيى فى هذا الأمر فلا يسعنى سوى أن أقول إننا أسرة علم، تعرف كيف تتفق، وتعرف كيف تختلف، ويبدو أن كاتب البيان لا يفرق بين الأسر العالمة والأسر الحاكمة!
نحن أسرة من المثقفين، لا تنتج سلالة من النسخ الكربونية المشوهة، بل لكل عقله وتوجهه، ولكل شخصيته المتميزة، لذلك نتفق دون تقديس لرأى، ونختلف دون عداء، وكم اتفقنا، وكم اختلفنا، فى حب واحترام لا يعكرهما شىء، وهذا ما ربانا عليه الإمام القرضاوى الذى تستشهدون بكلامه وأنتم تصفونه بأنه مجرد «داعية».
يهمنى فى هذا المقال أن أوجه رسالة إلى أحبتى فى البحرين، أكثر مما يهمنى الرد على بيان هيئة الإعلام، وإذا كان لى من رسالة لأهلى وأحبتى وإخوتى فى البحرين، فإنها تتلخص فى التالى:
رسالتى لإخوتى المعارضين للنظام، إياكم – وتحت أى ظرف – أن تلجأوا للخارج، لأن فى ذلك خيانة للعروبة، ولأن ذلك عمل غير وطنى، وإذا فعلتم ذلك فلن تُرفع مظالمكم، ولن تُحل مشاكلكم، وسيظل شبح الاستقواء بالخارج يخرب كل مساعيكم.
وإياكم كذلك واللجوء للعنف، لأن فى ذلك هلاككم، وهلاك البلد كله.
ورسالتى لإخوتى المؤيدين للنظام فى البحرين، ألخصها فى التالى:
لا توغروا صدور إخوانكم فى الوطن، واضغطوا على النظام ليرد المظالم لأهلها، واضغطوا على النظام لكى لا يستخدم العنف، لأن القمع سيدفع الطرف الآخر لعنف مضاد، وذلكم أمرٌ كم دمر بلدانا وأهلك أوطانا، وتأكدوا أن الدنيا تغيرت، وما كان مقبولا فى عهود مضت لم يعد مقبولا اليوم، وهذا أمر يستطيع أن يراه كل منصف، فبالله عليكم غيروا واقع البحرين بإرادتكم قبل أن يتغير بالرغم عنكم إلى ما لا تحبون، وحلوا مشكلاتكم القديمة مع إخوانكم، وتأكدوا أن كل المشاكل من الممكن أن تحل إذا صدقت النوايا، هل حل مشكلة البحرين أصعب من حل مشكلة جنوب أفريقيا؟
أما إذا سألنى سائل: كيف تحل مشكلة البحرين؟
فإجابة السؤال عند أهل البحرين، ولكن تأكد أن المشكلة لن يحلها صدور بيان آخر، حتى إذا كان أشد سذاجة من الأول، ولن يحلها كذلك «تكليف» بعض الكتاب «إياهم» بالرد على الكاتب.
على العموم إذا صدر بيان آخر أتمنى أن يكون أكثر ذكاء، وأن تكون أخطاؤه اللغوية أقل!
وسلامتكم...
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
شكلين
اا
عدد الردود 0
بواسطة:
ايران دفعالك كاااام ؟؟؟
مصري مقيم بالبحرين
عدد الردود 0
بواسطة:
سعودي يحب مصر
حالتك صعبه
عدد الردود 0
بواسطة:
يوسف
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
mohamed
انت مالك بالبحرين
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد عبدالسلام
الي التعليق رقم 2
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد المصري
فعلا أهل مكه ادرى بشعابها
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود عيسى
العلامة القرضاوي
عدد الردود 0
بواسطة:
المصــــــرى
جزء من الصحة
عدد الردود 0
بواسطة:
راشد آل سعيد
شكرا لليوم السابع على تسليط الضوء على الأحداث في البحرين