د. الحسينى إسماعيل يكتب: مصر.. وفقه الأولويات

الأحد، 25 مارس 2012 12:29 م
د. الحسينى إسماعيل يكتب: مصر.. وفقه الأولويات علم مصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الفقه أنواع عدة.. وفروع كثيرة.. لكل منه أبواب من العلم والعلماء، وكل له تأثيره فى حياة الناس ونواحيها المتعددة، إلا أنه يوجد نوع من الفقه فريد فى ذاته ، لا يختص به أناس دون غيرهم، وإن شئت فقل عنه .. فقه الشعب.. كل الشعب بعوامه وخواصه، هذا الفقه هو فقه الأولويات، وبكلمات بسيطة جدا يمكن تعريفه بأنه تقديم الأمور الأهم على المهم ، وحسن تقييم الأمور حسب قيمة كل منها وتوقيتاتها المناسبة لكل منها،.

كثيرا ما نقرأ فى كتب السيرة النبوية عن حادثة من أخطر الحوادث فى التاريخ الإسلامى .. حادثة فاصلة بكل المقاييس بين الفوضى والاستقرار، هذه الحادثة هى وفاة النبى عليه الصلاة والسلام.. وما تبع ذلك من صدمة نفسية هزت كيان عتاة الصحابة أمثال عمر بن الخطاب وأدت به إلى حالة شبه هذيان من هول الفاجعة، هذا حال عمر الفاروق ولك أن تتخيل حال باقى أفراد المجتمع المسلم آنذاك ومن هم دون عمر ثباتا وقوة.

لطفا أطلب منك وضع كل هذا فى كفة، وما سأورده لك فى كفة أخرى ليتضح لنا جليا المعنى الحقيقى لفقه الأولويات وحكمة هؤلاء الصحابة برغم حداثة عهدهم بالسياسة وخباياها..
يخبرنا التاريخ أن الصحابة رضوان الله عليهم لم يقوموا بدفن النبى عليه الصلاة والسلام فور موته هل هذا يعقل؟ أهناك ما هو أهم من دفن رسول الله ... أعظم خلق الله ورسله.. أمر عجيب جدا...

نعم هناك ما هو أهم... ألا وهو الحفاظ على هذه الدولة الإسلامية الناشئة التى أسسها رسول الله المسجى جثمانه الشريف الآن ينتظر فراغ الصحابة للشروع فى إجراءات دفنه.

اهتم الصحابة بانتخاب خليفة لرسول الله فور وفاة النبى، وتغلبوا على آلامهم لفراقه عليه الصلاة والسلام وذهبوا جميعا فور وفاته إلى ثقيفة بنى ساعدة لانتخاب رئيس لهم أو خليفة لدولتهم، فذلك الأمر هو الأهم فى هذا الوقت على أمر دفن الرسول العظيم، ودافعهم لهذا هو أن الدولة فى غياب الرئيس أو الخليفة ستكون فى مهب الريح وينفرط عقدها وسيضيع جهد رسول الله الذى بذله طيلة سنوات كثيرة لتأسيسها والرقى ببنائها.

هذا هو فقه الأولويات فى أسمى وأبسط صوره.. منذ ما يزيد على ألف وأربعمائة عام فما بال ولاة أمرنا فى قرننا الواحد والعشرين لا يفقهون شيئا عن ( فقه الأولويات)... فتراهم يتركون مصر بلا حاكم لها.. لعام ونصف العام ... فتنتشر الفوضى وتعم البلطجة، ولا يأمن الناس على أنفسهم وممتلكاتهم حتى فى بيوتهم.

كان الأجدر بولاة أمورنا عقب ثورة يناير المجيدة البدء فورا وبلا أدنى تأخير فى انتخاب رئيس لمصر فهذا هو الأهم ويلى ذلك الأمور الأقل أهمية.... ذلك يا قومى هو فقه الأولويات.

كان جديرا بكل فئة فى كل مصنع أو مؤسسة أو هيئة حكومية فور ثورة يناير ألا ينشغلوا بمطالبهم الفئوية على حساب تقدم اقتصاد بلدهم
واستقراره.. فنهضة مصر هى الأهم والأولى ... والمطالب الفئوية تأتى فى مراتب متأخرة بعد ذلك بمراحل... ذلك يا قومى هو فقه الأولويات.
نحن بحاجة ماسة للعودة إلى فهم أجدادنا لدراسة طريقة تعاملهم مع الأزمات والأحداث الجسام.. عليهم جميعا رضوان من الله.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة