أعتقد أن المخاوف التى انتابت الأوساط السياسية من تفرد البرلمان بغالبيته الإسلامية بوضع الدستور مبالغ فيها لحد كبير، فعلى الرغم من أن نسبة النصف ستذهب لأعضاء البرلمان والنصف الآخر لشخصيات عامة خارج البرلمان إلا أن هناك ضمانات تبعث بالطمأنينة لدى المواطن المصرى من عدم هيمنة أى فصيل على هذا الدستور لعل أبرزها:-
-أن الأغلبية الإسلامية بشقيها الإخوانى والسلفى برأت نفسها من تهمة ديكتاتورية الأكثرية أو امتداد الحزب الوطنى المنحل فى أعقاب سعيها للتوافق مع كل القوى السياسية، لاختيار قادة البرلمان وهو ما نتج عنه خروج الهيكل التنظيمى للبرلمان بتمثيل عادل وموضوعى لنسب تمثيل الأحزاب به.
- أن النصف الأول من تلك الجمعية المتمثل فى أعضاء البرلمان هو الصوت الشرعى الحقيقى للشعب حيث جاء بإرادة شعبية حرة.
- كما أن وجود الاستفتاء سيضمن تحقيق أعلى معدلات الرضا لدى المواطن المصرى الذى سيكون فى النهاية هو سيد قراره فهو الذى اختار من يصنع هذا الدستور ثم عرض عليه هذا الصنع وأبدى فيه رأيه.
الأهم مما سبق أن نترك حرب التخوين وهواجس المؤامرات ومخاوف تملك الإسلاميين للدستور وأن نهتم بأمور خطيرة وهى معايير اختيار النصف الثانى الذى يجب أن يضم نخبة تكنوقراطية بلا أى انتماء حزبى أو سياسى من أساتذة وفقهاء القانون الدستورى.
وكذلك شخصيات ذات طبيعة توافقية ممثلة للأقباط بكامل طوائفهم وللعمال وللنقابيين وسائر الفئات التى لابد وأن يأتى الدستور مراعيا لحقوقهم ومحددا لواجباتهم تجاه الوطن كى نكون على بينة فى طور تكوين هذه الدولة.
كذلك لابد أن تأتى بعد مواد الدستور وخاصة المواد المتعلقة بشروط الترشح للرئاسة ومدد الرئاسة ونظام الدولة بطبيعة فولاذية تجعل العبث بها أمر مستحيل وعلى العكس تكون المواد المتعلقة بنظام حكم الدولة سواء رئاسى أو برلمانى أو مختلط ذات طبيعة مرنة طبقا للتطور المستقبلى.
كما يجب أن ينص هذا الدستور صراحة وبلا رجعة على إسلامية الدولة وتفعيل العمل بالشريعة الإسلامية واحتكام الأقباط لشرائعهم منعا للمزايدة وحقنا للطائفية.
بالأمس القريب كنا نخشى من كتابة الدستور فى ظل حكم العسكر حتى لا يتمتع بحصانات ومكانة خاصة وها نحن الآن نخشى من تفرد الإسلاميين به فى حين أن الدستور لو وضع على أسس سليمة تعمل على الفصل التام بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وعلى إرثاء دور مؤسسات الدولة فلن يكون هناك امتيازات لا للعسكر ولا لغيرهم.
أما إذا كانت هذه المخاوف هى مجرد مسرحية عبثية أمام الرأى العام لإقناع المواطن المصرى بأن الدستور الإسلامى سيأخذ مصر فى غيابات الدولة الدينية فلا عزاء لمن يروج لهذه البضاعة الفاسدة فتجارته بائرة فالدستور سيكتب بمرجعية إسلامية تضمن للمسيحيين حقوقهم قبل المسلمين وتحفظ حقوق الأقليات قبل الغالبية.
هكذا جاء دين الإسلام والرسول (صلى الله عليه وسلم) رحمة للعالمين ولم يأت رحمة وعدلا للمسلمين فقط.
مجلس الشعب
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
غالي
يحمل المقال عكس العنوان
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد الدق
مقال اثلج صدرى
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
مقال رائع
تحليل موضوعى ورائع