
تحول الهاجس البحرينى من التدخلات الإيرانية المتكررة فى شئونهم الداخلية من الحكومة إلى المواطنين أنفسهم الذين رفعوا شعارات " فلتسقط المؤامرة الإيرانية " فى عدة شوارع بالعاصمة المنامة، متهمين طهران بأنها التى تحرك شيعة البحرين لمحاولة إسقاط المملكة، وهو اتهام تحدى به الإيرانيين التوصية التى انتهت إليها لجنة تقصى الحقائق الدولية برئاسة الخبير الدولى الدكتور محمود بسيونى بأنهم لم يثبت لهم تورط إيران فى الأزمة الحالية بالبحرين التى بدأت فى 14 فبراير 2011 ، بمظاهرات للشيعة تحولت إلى اعتصام وإضراب.
التدخل الإيرانى فى البحرين هو أمر مسلم به لدى العديد من البحرينيين الذين يرون أن لهذا التدخل دوافع، حددها عبد الله سعد الحويحى، أمين عام جمعية تجمع الوحدة الوطنية البحرينية، بقوله "إن لإيران أطماعها فى هذه المنطقة فهى تنطلق باعتبار أنها قوة إقليمية تريد أن يكون لها هيمنة على المنطقة بعدما استفردت بالعراق، وصار لها اليد الطولى هناك، والآن جاءت لها الفرصة لتتمدد إلى السعودية وباقى منطقة الخليج العربى، وبالتالى ما يدفع إيران هى مصالحها العسكرية والاقتصادية والسياسية ".
الحويحى أكد لليوم السابع على أن تراجع دور مصر الإقليمى خلال الفترة الماضية هو الذى سمح لإيران بالتمدد فى المنطقة وتهديد أمن الخليج، وقال "إن الرادع الأساسى لإيران كانت مصر فى عز قوتها، فلم تكن إيران خلال هذه الفترة لتجرؤ على القيام بمثل هذا الدور، وكذلك عندما كانت العراق فى قوتها العسكرية والاقتصادية، لكن الآن إيران بعد خروج مصر خلال الفترة السابقة من المعادلة السياسية بالمنطقة وكذلك خروج العراق بعد الغزو الأمريكى فى 2003 أصبحت إيران تريد الهيمنة، وهى تحرك أتباعها فى كافة المناطق سواء فى البحرين أو لبنان وسوريا على أساس تحقيق مصالحها الاستراتيجية فى المنطقة العربية ".
وقال الحويحى: "إن تقوية الجبهة الداخلية المصرية واستعادة الدور المصرى القومى العربى الذى كان يشكل القاعدة للأمة العربية سيكون الرادع لإيران، لأننا أمام صراع إستراتيجى على الأمن القومى مع إيران "، مشيرا إلى أنه منذ قيام الثورة فى 1979 بعد مجىء الخمينى كان لديهم مبدأ تصدير الثورة، ولكنهم لم يجرؤا فى هذا الوقت، بسبب قوة مصر، لكن مع ابتعاد مصر عن دورها الإسترايجى بدأ التدخل الإيرانى أكثر فأكثر.
وبعيدا عن التدخلات الإيرانية فإن مسألة المصالحة الوطنية بدأت تأخذ منحى جديدا، بعدما أكد تقرير اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ توصيات لجنة تقصى الحقائق أن الحكومة نفذت الكثير من توصيات لجنة الخبير الدولى الدكتور محمود بسيونى، والمتعلقة بإصلاحات فى عدة قطاعات ومنها قطاع الشرطة، وهو ما أفشل محاولات الجمعيات السياسية الشيعية للهرب من الحوار، لكن ورغم ذلك لا زالت هذه الجمعيات تراوغ، وهو ما أكده مستشار الملك للشؤون الإعلامية نبيل الحمر الذى كشف عن اتصالات جرت فى الفترة الماضية مع أطراف من المعارضة بهدف وضع أرضية لحوار شامل للخروج من الأزمة، إلا أنه قال إن ما تطرحه المعارضة لا يخدم ذلك، وقال إن ما تريده المعارضة هو الجلوس بشكل منفرد مع الحكومة دون اعتبار لمكونات المجتمع البحرينى، معتبرا أن من يريد الحوار لا يضع شروطا مسبقة لذلك، وقال إن الشرط الوحيد الذى يمكن قبوله هو أمن وسلامة البلاد، موضحا أن هناك مؤسسات دستورية يجب أن تكون هى المرجعية الأساسية لدى كل البحرينيين.
وكان العاهل البحرينى ، الملك حمد بن عيسى آل خليفة قد تسلم أمس الأول الثلاثاء التقرير النهائى للجنة الوطنية المعنية بتوصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصى الحقائق التى كان يترأسها الدكتور محمود بسيونى، واشتمل تنفيذ التوصيات على خمسة محاور عامة أشار خلالها إلى أن الحكومة قامت بتنفيذ ما طلب منها، ففى مجال إصلاح القطاع الأمنى أشار التقرير إلى أن الحكومة قامت بإصدار مدونة قواعد سلوك جديدة للشرطة تم وضعها استرشاداً بمدونات قواعد سلوك الشرطة العالمية المتبعة فى دول مختلفة، ومنها مدونة الأمم المتحدة لقواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين وقواعد سلوكيات العمل الأمنى فى دول الاتحاد الأوربى، وكذلك تحقيق تقدم ملحوظ نحو وضع الصيغة النهائية لدليل الشرطة والذى يحدد واجبات رجال الشرطة، شاملاً الإجراءات المتبعة عند توقيف الأشخاص.
وطرح برامج تدريبية شاملة فى جميع الخدمات الأمنية ترسخ احترام حقوق الإنسان والالتزام باتباع القواعد الإجرائية الصحيحة، وبدء توظيف 500 شرطى من جميع فئات المجتمع البحرينى، وتحسين الشفافية والمساءلة بإنشاء إدارة الشئون الداخلية بوزارة الداخلية، ومكتب أمين عام التظلمات بوزارة الداخلية، ومكتب جديد للمفتش العام فى جهاز الأمن الوطنى.