أثارت أزمة انقطاع التيار الكهربائى المستمرة منذ شهرين فى قطاع غزة جدلا فلسطينيا داخليا متصاعدا إثر تبادل الاتهامات بشأنها بين حركتى فتح وحماس، دون أن تظهر بوادر حقيقية لحلول فى الأفق.
فقد اتهمت حماس، خلال تنظيمها تظاهرات "جمعة إنارة غزة وكشف المؤامرة"، السلطة الفلسطينية التى تقودها فتح وأطرافا عربية لم تسمها بـ"التواطؤ" فى أزمة نقص الوقود وانقطاع الكهرباء فى القطاع.
وقال عضو المكتب السياسى لحركة حماس خليل الحية، مخاطبا آلاف المتظاهرين فى غزة، إن لدى حركته "معلومات" بأن قيادات أمريكية وإسرائيلية رفيعة اجتمعت مع قيادات سياسية وأمنية فى السلطة الفلسطينية ومن دول عربية لبحث تشديد الحصار على غزة.
وأضاف الحية أن "المؤامرة تأتى لمنع استمرار صعود برنامج المقاومة وضرورة الضغط على حماس للوصول بها إلى نقطة الاعتراف بإسرائيل وقطع طرق الإمداد بالمال والسلاح عن المقاومة".
واتهم الحية حركة فتح بالتخطيط لعصيان مدنى ضد حكم حركته من خلال استغلال أزمة الكهرباء، لكنه قال إن حركته ستسقط هذه "المؤامرة" وستنتصر عليها كما فعلت فى كل المرات السابقة، على حد قوله.
فى المقابل نفت حركة فتح فى قطاع غزة الاتهامات جملة وتفصيلا.
وقالت الهيئة القيادية للحركة إن ما تناقلته بعض وسائل الإعلام وما صرح به بعض قيادات حركة حماس حول إصدار تعميم داخلى يحرض على العصيان يهدف إلى تعميق الأزمة، وهو عار عن الصحة تماما.
وأكدت الحركة أنها "شريك كامل يتحمل المسؤولية الوطنية فى معالجة الأزمة المتفاقمة فى غزة والخروج من تحت طائلتها وتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية ووأد الفتنة فى مهدها، بما يعزز وحدة الصف الوطنى الفلسطينى لرفع الحصار المفروض على قطاع غزة".
جاء هذا التراشق وسط تصاعد حدة التحذيرات من خطر كارثة إنسانية شاملة يواجهها القطاع بفعل استمرار أزمة نقص الوقود وانقطاع التيار الكهربائى التى بدأت منذ مطلع العام الجارى، إثر وقف إمدادات الوقود المصرى عبر الأنفاق.
وأدت الأزمة إلى نفاد الوقود بشكل شبه كلى من محطات التعبئة المحلية، وتوقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة فى القطاع فى 12 فبراير الماضى عن العمل بشكل كلى.
كما تسبب شح كميات الوقود فى تعطيل غير مسبوق لحركة النقل والمواصلات الداخلية، حيث شوهد المئات من السكان، خاصة الطلبة والموظفون، يصطفون عند مفترق الطرق الرئيسية لوقت طويل من دون الحصول على وسيلة نقل.
فى هذه الأثناء، أدخلت السلطة الفلسطينية اليوم نحو 450 ألف لتر من السولار الصناعى من إسرائيل على نفقتها لصالح تشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة فى قطاع غزة وذلك عبر معبر كرم أبو سالم الإسرائيلى.
وجرى تحويل السولار مباشرة لصالح محطة التوليد التى تحتاج نحو 500 ألف لتر من السولار لتشغيل مولداتها الأربعة، علما أنها متوقفة منذ 24 فبراير الماضى بسبب نقص الوقود.
وأدى توقف المحطة إلى وصول العجز فى انقطاع التيار الكهربائى فى غزة إلى 65% وسط تحذيرات من أزمة إنسانية شاملة فى القطاع.
كانت حماس رفضت عرضا مصريا بإدخال وقود مصرى عبر معبر كرم أبو سالم وطالبت بأن يتم توريده عبر معبر رفح البرى.
من جهته، عرض رئيس حكومة تصريف الأعمال فى السلطة الفلسطينية سلام فياض استمرار توريد السولار الصناعى على أن تقوم شركة الكهرباء فى قطاع غزة بتغطية تكلفته.
وقال فياض فى بيان صحفى إن إمكانية تحويل ضخ الوقود إلى حل دائم مرهون بقيام شركة توزيع كهرباء غزة بتغطية كامل تكلفة الوقود عبر التزام الشركة باتخاذ سلسلة من الإجراءات، أهمها تنفيذ التعليمات المعتمدة من قبل مجلس تنظيم قطاع الكهرباء، والتى تشمل التعرفة وآلية التوزيع وآلية الجباية والرقابة على الحسابات البنكية.
وطالب فياض بوقف "العراقيل" التى قال إن حركة حماس تضعها أمام هذا الحل، بما فى ذلك الاستثناءات من الجباية الممنوحة "من دون أى مبرر أو مسوغ قانونى".
وأشار بهذا الصدد إلى أن نسبة تحصيل فواتير التيار الكهربائى فى الضفة الغربية وصلت إلى أكثر من 80% خلال العام الماضى، فى وقت لا تزال فيه نسبة التحصيل المعلنة من قبل شركة كهرباء غزة تتراوح بين 20% و30%.
وأضاف أنه "ليس فى مقدور السلطة وهى تعانى من أزمة مالية خانقة، وفى وقت لم تعد فيه قادرة حتى على تسديد مستحقات موردى الأدوية ومقدمى الخدمات الصحية والموردين الآخرين، تحمل فاتورة وقود غزة".
من جهته أعلن وليد صايل، المدير العام التنفيذى لشركة توليد الكهرباء فى غزة، عن جهود لإعادة تمويل الاتحاد الأوروبى تكاليف توريد الوقود الصناعى اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء فى قطاع غزة.
وقال صايل فى بيان صحفى، إن هذه الجهود تستهدف إعادة منحة الاتحاد الاوروبى لتغطية وقود محطة الكهرباء مجددا كما كان عليه الأمر سابقا إلى حين تشغيل المحطة بالغاز المصرى.
وأشار إلى جهود متزامنة تبذل من قبل سلطة الطاقة فى السلطة الفلسطينية مع بنك التنمية الإسلامى ومؤسسات تمويلية أخرى لتوفير خطوط النقل للغاز المصرى والوقود لصالح محطة التوليد فى غزة.
كانت محطة كهرباء غزة تعتمد فى تشغيلها على استيراد الوقود الصناعى من إسرائيل، حيث كان الاتحاد الأوروبى يمول تكاليف توريده، قبل أن يقرر فى نوفمبر 2009 وقف التمويل المباشر لثمن الوقود الصناعى، والذى كان يصل إلى 50 مليون شيكل إسرائيلى شهريا (الدولار يساوى 75ر3 شيكل).
يذكر أن سلطة الطاقة فى غزة أوقفت فى شهر يناير 2011 استيراد الوقود الصناعى من إسرائيل، واعتمدت على استيراد الوقود المصرى عبر الأنفاق بعد أن أعلنت نجاح فنييها فى مواءمة استخدامه لتشغيل محطة الطاقة فى القطاع.
أزمة كهرباء غزة تثير جدلا فلسطينيا داخليا دون بوادر لحلول
الجمعة، 23 مارس 2012 10:39 م
عضو المكتب السياسى لحركة حماس خليل الحية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة