يوماً ما فى مكان ما وأنت تسير فى الشارع رأيت رجلا يرتدى زياً أنيقاً، تبدو عليه ملامح الوقار والاحترام، تكسو وجناته لحية كثة، اعتقدت أنت على الفور أنه شيخ، غير أنك بوغت حين رأيته ممسكاً بسيجارة وينفث دخانها فى الهواء منتشياً.
فلقت فى نفسك له ياااااااااه.. "ملتحى" يدخن!! ملتح يعمل كده؟!!1!
يوماً آخر كنت تستقل مترو الأنفاق وكان الزحام فيه كالمعتاد يفوق التصور والاحتمال فإذا ببصرك يتجول داخل هذه العربة التى تستقلها لتتعرف على وجوه بشرية جديدة ...
لفت انتباهك شىء غير متوقع ، شىء لم تتصوره
وجدت رجلا ذا لحية، ليست قصيرة يقف وقفة مريبة بجوار فتاة جميلة.. لعله يقصد التحرش بها بل هو فعلا يريد التحرش بها.. فقمت أنت بكل شهامة كى تعلمه وتلقنه درساً لا ينساه، فوجدت آخرين سبقوك إليه ولكن بصورة أشد وأعنف مما كنت ستقول فلقد قالوا
ملتح يتحرش .. ملتح يعمل كده ؟! آخر ما كنا نتصور ماذا تركت لغير الملتحى؟!!
وبعد فترة ليست قصيرة أعلنوا فى السينما إعلانا هاما وعاجلا . ألا وهو بدء العرض لفيلم الصيف الرائع المصنف ( للكبار فقط ).. وبحركة لا إرادية وجدت أقدامك تأخذك متجهة ناحية شباك التذاكر كى تحظى برؤية هذه المشاهد المعلن عنها للممثلة المشهورة فلانة الفلانية ذات القوام الساحر
وحالفك الحظ كثيرا لما كنت فى مقعد فى الصف الأوسط كما تحب ولكن..
وأنت تقلب وجهك فى الحضور وجدت ما لم يكن بخيالك أن تجده بقاعة السينما وفى هذا الفيلم تحديدا.. فلقد تأكدت بعد أن فركت عينيك بأن الرجل الذى يجلس على مقربة منك .. ملتح بالفعل !!
فلم تصرف عنه بصرك وكثيرون مثلك يتعجبون حتى بعد خروجك وخروجهم ظللتم تتندرون مبدين دهشتكم.. أتكون ملتحياً وتدخل سينما ؟؟! وهذا الفيلم الهابط الغرائزى تحديدا ؟ ملتح يعمل كده ؟! غريبة !!! غريب فعلاً أننا لا إرادياً نعتقد بل نجزم أن الصفات الحسنة والرائعة صفات الخير التى نحب أن تكون فى كل الناس، نعتقد أنها ولابد أن تكون موجودة فى الشخص الملتحى، ولست أنا من يقول ذلك بل تصرفاتك أنت، وكل من كان سيكون مكانك فى المواقف التى ذكرتها ( والمواقف على نفس النسق أكثر من أن تحصى ) هو الذى يقول ويؤكد ذلك.
إذن مما سبق وعلى طريقة الرياضيات نستنتج أن الشخص الملتحى، لابد وأن يكون رجلا يحمل من صفات الخير أكثر بكثير مما يحمله غيره، فهذه هى القاعدة، ومن اختلف عنها فهو شاذ أى شذ عن القاعدة.
وهنا أقول فلماذا إذن حينما أراد بعض الضباط ( ولهم الحرية فى ذلك ) أن يطلق كل منهم لحيته ... وجدنا من ينتقدهم بكل فجاجة حاجرا على حريتهم قبل أن يحجر على حرية اعتقادهم ؟.
لماذا تحولت اللحية من علامة على الالتزام بصفات الخير إلى عكسها فى الضباط؟.
ألأنها لم توافق هواكم ؟ أم لأن المستعمر مازال محتلا لقلوبكم بعد أن ترك أرضكم ؟؟؟
أم هل أصبحنا فى زمن ... القابض على دينه كالقابض على الجمر ؟
إلى كل من أساء لضابط واستهزأ به لمجرد أنه يريد أن يتشبه بالرسول صلى الله عليه وسلم ، لن أقول لك غير كلمة واحدة.
سوف أختصمك أمام الله يوم القيامة.
صورة أرشيفية