من شاهد ملايين المصريين فى ميدان التحرير، وسائر ميادين مصر، منذ 28 يناير 2011، وحتى 11 فبراير، لاحظ بلا شك الكثير من الأمل فى العيون، أمل فى انتزاع حرية حقيقية وكاملة، وأمل فى إعادة بناء الوطن على أسس من العدالة والمساواة والمواطنة، أمل فى رؤية شعب مصر الجديدة يتسلح بالعلم، ويتحلى بالأخلاق، لكن من يشاهد شعب مصر الآن، يدرك بلا شك، أننا أمام وضع استثنائى أخرجنا فيه أسوأ ما فينا، وقضينا على أجمل ما فينا.
وخلال يناير الماضى كانت هناك دعوات على فيس بوك وفى وسائل الإعلام، وعلى جدران الشوارع تطالب بثورة ثانية، لكن أصحاب هذه الثورة الثانية اختصروها فى عبارة واحدة هى إنهاء حكم العسكر، لكن أحدا لم يفكر أو يطرح ثورة ثانية لإعادة تعليم المواطن المصرى، واستعادة الأخلاق المفقودة.
منذ ثلاثة أيام قرر السائقون فى التليفزيون الإضراب عن العمل، وهذا حقهم، طالما اتبعوا الإجراءات القانونية التى تلزم بالإعلان عن الإضراب قبلها بفترة حتى لا تتعطل مصالح المواطنين، لكن الإخوة السائقين فرضوا إضرابهم فجأة، وأغلقوا جراج التليفزيون على سيارات العاملين فيه، ومنذ ثلاثة أيام يتوسل مئات العاملين للسائقين للإفراج عن سياراتهم، دون جدوى.
ومنذ مطلع الأسبوع الراهن أضرب سائقو النقل العام عن العمل، بنفس الطريقة، ودون إخطار أو إعلان، ونزل المواطنون فى الصباح للذهاب إلى أعمالهم، فلم يجدوا أتوبيسات لنقلهم، ويفترض أن أتوبيسات النقل العام التى تبدأ أسعار تذاكرها من 25 قرشًا هى وسيلة الفقراء والغلابة فى هذا الوطن للتنقل، لكنهم وحدهم من يدفع ثمن إضراب أراه غير أخلاقى.
وفى مصر الآن نشكو من انفلات أمنى، وهذا صحيح، لكننا فى كل المواقع والأماكن نشكو أكثر من انفلات أخلاقى، هو الأصعب والأقصى علينا جميعًا، فالانفلات الأمنى يمكن القضاء عليه حين تكتمل هيكلة الجهاز الأمنى، وإعادة نشر القوات فى الشوارع، لكن كيف نتعامل مع مواطن قرر أن يأخذ حقه أو غير حقه، على حساب مواطنين آخرين لا ذنب لهم، وليسوا طرفًا فى معاناته.
أحد أكبر وأبرز مساوئ نظام الرئيس السابق حسنى مبارك أنه تعامل مع مصر والمصريين بمنطق الكم وليس الكيف، بمعنى أنه توسع فى إنشاء المدارس، وقبول الطلاب بها لكنه لم يقدم خدمة تعليمية وأخلاقية حقيقية داخل المؤسسات التعليمية، رغم أن مسمى الوزارة المشرفة على التعليم فى مصر هو التربية والتعليم، والتربية تسبق التعليم.
لم يهتم النظام السابق بجودة وكيفية ومحتوى التعليم فى المدارس، ونحن فى بيوتنا انشغلنا بالبحث عن لقمة العيش وتوقفنا عن ممارسة التربية داخل البيوت، وفى النهاية ندفع جميعا ثمنا غاليا لتقصير الحكومات السابقة، وتقصيرنا، ولم تعد ثورة واحدة تكفى، وإنما أصبحنا بحاجة إلى ثورات أخرى، أهمها وأولها أن نبدأ بثورة للتعليم والأخلاق.
رحم الله شاعرنا الكبير أحمد شوقى الذى قال: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.. ونحن ذهبنا!
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالغني جاب الله
نعم الامم الأخلاق ..
عدد الردود 0
بواسطة:
zozzaa4
i do love you
عدد الردود 0
بواسطة:
( ابداع) احمد المالح
التربية الصحيحة