يقول الشيخ محمد الغزالى: «إن العواطف الفاترة والأنفاس الباردة لا تحمى حقًا ولا تصون شرفًا لا سيما إذا حشا الباطل جنوده بالأوهام، ودفعهم ببأس شديد إلى اقتحام كل زحام».
هذه دعوة صريحة للتغيير إلى الأصلح بكل الوسائل المتاحة حتى نصل إلى المنشود، وهو نهضة مصر والخروج من الكبوة التى أدخلنا فيها البعض بقصد وبدون قصد، فالتغيير فى حياتنا أمر حتمى، وهو سنة من سنن الله سبحانه وتعالى فى الكون، ويأتى من الداخل إلى الخارج، وليس العكس.
والتغيير الذى نعنيه هنا هو التغيير الإيجابى، وهو سلسلة من الأعمال التى تقودنا إلى مستوى أفضل فى شأن ما، أو فى سائر شؤون حياتنا، والخطوة الأولى على طريق التغيير هى الاعتراف بوجود مشكلة، والشعور بالحاجة إلى التغيير، وهذه خطوة جوهرية لأن مشكلة الكثير منا عدم إدراك هذه الأهمية، غير أن أغلب الناس يعانى من صعوبة فى التغيير، ويتألم لذلك، والكثير من الناس يرضخ للأمر الواقع، ويؤثر السلامة ويقاوم التغيير، وهذا مبعثه طبيعة النفس التى إذا اعتادت على شىء ألفته وارتبطت به وأحبته، ومن ثمَّ يصعُب عليها تركه وفطامها عنه، مثل الطفل الرضيع الذى تلقمه أمه ثديها، وعند وقت الفطام تكون معاناة شديدة للأم وللوليد، ولكن سرعان ما ينسى ما تجرعه من ألم، ويعتاد الطعام مثل الكبار.
ومقاومة التغيير تتشكل – غالبًا – من اعتقادات الناس فى جدوى التغيير، فضلاً عن عبء البداية الجديدة والتكهنات بالمتاعب التى سوف تطرأ، والمفاجآت التى يمكن أن تظهر وتسبب له المتاعب. وكل هذه هواجس ما تلبث أن تزول عند الدخول فى معترك التغيير، والبدء بأول خطوة وهى الشعور بالاستياء من الوضع الراهن ووجوب تغييره.
والتغيير يجب أن يكون جذابًا، والبديل يجب أن يكون برّاقًا، فالذى يُقلع مثلاً عن عادة التدخين يجب أن يكون لديه رؤية واضحة عن المكاسب التى سيجنيها من جراء التغيير والنتائج الإيجابية المتحققة منه، فطبقات النيكوتين المترسبة على جهازه التنفسى سوف تتلاشى شيئًا فشيئًا وتعود عملية التنفس لطبيعتها، ويستطيع ممارسة الرياضة، ويستطيع أن يخالط الناس دون خشية تأففهم من رائحة الدخان التى تغمر أنوفهم، ويتجنب الأمراض المميتة.. والأهم من ذلك كله أن الله يمنّ عليه ويعافيه من عمل سيئ، ويحافظ على الأمانة التى أودعه الله إياها. وهكذا يجب أن يكون التغيير قابلا للتطبيق وواقعيا.
والتغيير – بطبيعته – ليس سهلا، ولكنه ممكن الحدوث إذا فهمنا واقعنا، وشعرنا بالخطأ، وأيقنا بضرورة التغيير، هذه القناعة هى التى ستدفعنا حتمًا للتغيير على جميع المستويات، فمنك يبدأ التغيير، وعلى مقدار وعيك وجهدك تحصل التبدلات الإيجابية.
وهذا يدعونا – بطبيعة الحال – إلى أن نتعرف على ثقافة التغيير ونسعى إليها، وليكن القاسم المشترك الذى يجمعنا «نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه»، حتى نصل إلى المنشود، وهو بناء مصر بناء علميًا يستفيد من كل الإمكانيات المتاحة لدى الشعب المصرى المادية والبشرية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة