مجد خلف تكتب: أمى الحبيبة.. أبى الحنون

الأربعاء، 21 مارس 2012 08:09 م
مجد خلف تكتب: أمى الحبيبة.. أبى الحنون صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما أمر القرآن الكريم المؤمنين به بالإحسان للوالدين؛ جاء هذا الأمر تاليا لقضاء الله عز وجل ألا نعبد إلا إياه، قال تعالى: (وَقَضى رَبُّكَ ألا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وبِالْوَالِدَينِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ولا تَنْهَرْهُمَا وقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا) (الإسراء 23)، وهو ما يدل على أهمية وقدسية العلاقة بين الإنسان ووالديه إذ تأتى فى المرتبة التالية لعبادة الله عز وجل، ولنتأمل الآيتين الشهيرتين اللتين أمرتا الإنسان بالإحسان لوالديه، الأولى: (ووصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيهِ إِحْسَانًا حَمَلَتهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِى أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِى أنْعَمْتَ عَلى وَعَلَى وَالِدَى وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِى فِى ذُرِيَّتِى إِنِّى تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّى مِن المُسْلِمِينَ ) (الأحقاف 15)، والثانية: (ووصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوالِدَيْهِ حَمَتهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وهنِ وَفِصَالُهُ فِى عَامَينِ أَنِ اشْكُرْ لِى وَلِوالِدَيْكَ إلَى المصِيرُ) (لقمان 14)، فى كلتا الآيتين يوصى القرآن الإنسان بالإحسان إلى والديه، ثم يلى التوصية ذكر ما عانته الأم فى شهور الحمل ثم شهور الرضاعة، وما لاقته من أهوال تتمثل فى الضعف والوهن والعناء والجهد الذى تحملته الأم منذ لقحت بويضتها فنمى الجنين فى رحمها، متغذيا على عناصر جسمها، وينمو كالنبتة طابت من حوله تربته ودامت طوال فترة حمله سقياه، ثم يتبع الحمل بآلام الوضع ومعاناته الرهيبة، وقد ورد أن الرسول صلى الله عليه وسلم وقد جاءه رجل كان فى الطواف حول الكعبة حاملا أمه يطوف بها، فسأل الرسول: هل أديت حقها؟ فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ولا بزفرة واحدة.

وبعد أن تنتهى مراحل الحمل والوضع والرضاعة، يبدأ تأثير الأب فى الظهور مع الأم وثمرتهما التربية، وإذا لم يعمل الأم والأب مع أبنائهما سوى التربية فهذا يكفى: (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ وقُلْ رَبِّ ارْحمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا) الإسراء 24، فعملية التربية عبر مراحل العمر المختلفة تتضمن الكثير من الجهد والعناء والصبر والتحمل، ومن الملاحظ أن الإنسان حين يطعن فى السن ويصل إلى أرذل العمر (لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا) (الحج 5)، فكأن الأبناء مأمورون برد الجميل لوالديهم عند الكبر عندما يرتد كلاهما أو أحدهما بعقله فيعود طفلا صغيرا، يحتاج إلى الرعاية والعناية والتدليل من الابن الذى ربياه صغيرا.

إن كل من يعمل عملا ينتظر الآجر والثواب عليه، إلا الأم التى تعمل الساعات الطوال دون كلل أو ملل، ولا تنقطع ساعات عملها ليلا أو نهارا ولا تحصل على إجازات، وكل من يعمل عملا شاقا ينتظر بفارغ الصبر أن يفرغ من عمله كى ينال قسطا من الراحة، إلا الأم فهى تعمل بحب وتفانٍ ولا تعد الساعات كى ينتهى عملها، بل تتمنى على الله أن يديم عليها هذا العمل الرائع ويحفظه لها من كل شر، وتقوم الأم بهذا العمل البطولى وهو تربية جيل كى ينشأ نشأة طيبة، فنجدها تحرص كل الحرص على غرس المبادئ والقيم التى هى بدورها تلقتها عن والديها، وتعلمه مواجهة مصاعب الحياة بحلوها ومرها.

والأم لا تنتظر رد الجميل على ما قامت به من عمل، إنما جل همها أن يكبر عملها أمام عينيها، ولا أحد فى الدنيا يقبل رؤية النجاح حليفا لغيره بينما يشعر بسعادة غامرة لا تخامرها الغيرة من هذا النجاح سوى الأم والأب.

ولا تنتظر الأم بعد أن أفنت عمرها وزهرة شبابها فى أداء هذا العمل إلا حسن صحبتها ورعايتها عندما تكبر، وقد تجد الأم من أحد أبنائها جحودا ونكرانا لها فلا يكون ردها إلا الدعاء له أو لها بالهداية، فلنحسن إلى والدينا، فما نقوم به تجاهم إنما هو رد للدين الذى علينا تجاهم وخاصة الأم التى قامت بتربيتنا ورعايتنا صغارا فحق علينا رد هذا الدين، ورعايتهما فى كبرهما، والله من وراء القصد.





مشاركة




التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

أبو خربوش

بارك الله فيك

عدد الردود 0

بواسطة:

د. طارق النجومى

فلندرك الفرصة قبل يوم لاينفع فيه الندم

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة