ما أشبه الليلة بالبارحة، قبل الثورة كان الوضع ينتقل من سيئ إلى أسوأ، كانت هناك إدارة فاشلة لجميع موارد الدولة، ويتم إهدار كل شىء، لا تخطيط، لا تعليم، لا حريات، لا عدالة.
كانت العصابة الحاكمة مغرورة فى قوتها، والسيطرة على البلد، وقدرة الأجهزة الأمنية على مراقبة كل «دبة» نملة تدور فى مصر، كنا قبل الثورة نسمع لعبارات مثل: «نحن حزب الأغلبية، ومن حقنا أن نفعل ما نريد، نحن دولة مؤسسات»، وسمعنا جميعا عن عبارة مبارك الشهيرة عن تحركات المعارضة والجمعية الوطنية للتغيير فى أواخر 2010 «خليهم يتسلوا».
وبعد الثورة لم يتغير الأمر كثيرا عن قبل الثورة، تم إدخالنا فى مسار مرسوم ومخطط له جيدا، بداية من الاستفتاء المعيب، ثم خارطة الطريق التى انتهت إلى ما نحن فيه الآن، وكلما اعترض شباب الثورة على هذه الإجراءات بدون وجود نية لتطهير وتغيير النظام، كانت الإجابة: أمامكم ميدان التحرير. قبل الثورة كانوا يطلقون علينا عملاء وأجندات، وبعد الثورة كثفوا هجومهم وتشويههم بشكل فج. قبل الثورة كان النظام لديه حزب يقول «سيبوهم يتسلوا»، والآن نفس النظام لديه حزب يقول «موتوا بغيظكم». الاعتقالات مستمرة، والحبس الاحتياطى للنشطاء المعارضين مستمر، كما كان قبل الثورة، والتعذيب مستمر. الشرطة فاشلة فى أداء عملها فى حفظ الأمن، وبدأت فى التعامل مع المواطنين بأسلوب فج ومتكبر مرة أخرى.. تضييق على الطلبة، واستمرار نفس اللائحة الطلابية القديمة، ومنع أى تعبير عن الرأى فى الجامعة أو المدرسة، وعادت التحقيقات مع الطلبه والفصل من الجامعة.. زادت حملات التشويه والتخوين، واستخدام الخطاب الديماجوجى للتأثير على البسطاء ليجعلونهم يكرهون الثورة والثوار العملاء والخونة، أدخلونا فى قضية تافهة مصنوعة تسمى قضية التمويل من أجل استكمال أركان المسرحية.. أصبح الحصار على الشباب من كل جانب، والوضع السياسى والاقتصادى والاجتماعى يزداد سوءا، واستخدموا آلتهم الإعلامية لإلصاق تهمة فشلهم فى إدارة البلاد بالثورة والثوار. النظام الجديد القديم يستخدم نفس تعنت وعناد مبارك، ويستخدم نفس مصطلحاته وأساليبه بشكل متطور، يرتدى رداء الديمقراطية والثورة، تم تجاهل كل أهداف الثورة وكل مطالب الإصلاح، وأصبح البرلمان ليس له فائدة إلا إشغالنا فى قضايا هامشية. ما أشبه الليلة بالبارحة، الحنق يزداد، والغضب يزداد، والإحباط يزداد، ولكن أبشركم بأن الإحباط لن يقودنا إلى اليأس، ولا أن نموت بغيظنا، بل إنه يقودنا لزيادة الغضب. حذر الكثيرون قديما من ثورة الجياع، أو ثورة تؤدى لفوضى حقيقية تأتى على الأخضر واليابس، لكن لم يحدث ذلك، والحمد لله فى 25 يناير 2011، ويبدو أن هناك من يحاول أن يقودنا لذلك، أيّا كان من يحكم مصر حاليا، المجلس العسكرى، أم أجهزة المخابرات، أم رموز النظام السابق، أم خليط بين كل ما سبق، كل منهم له دور، وله مكانه ومساحته، ويستعينون جميعا بالحزب الوطنى الجديد، فاحذروا جميعا غضب الشباب، فأنتم تقودونا إليه بكل الطرق، ولا نضمن أن تكون المرة القادمة مثل السابقة، أليس بينكم رجل رشيد؟