إيه رأيك فى البقع الحمرا
يا ضمير العالم يا عزيزى؟
دى لطفلة مصرية وسمرا
كانت من أشطر تلاميذى!
مرثية الرائع صلاح جاهين لأطفال "بحر البقر الابتدائية" يبدو وكأنها ستظل تصدح فى أوطاننا العربية سنوات طويلة ترثى شهيدا يرتفع تلو الآخر ولكن.. دون جدوى!
ولأنى مازلت أتساءل، ما رأيكم يا سادة فى "البقع الحمرا"؟ ولأنى مازلت أستشعر ذات اليأس الذى دفع بجاهين لكتابة تلك الأبيات معلنا سخريته من خنوع ضمير العالم أمام تلك المذبحة، فإنى أعود وبعد مرور 42 عاما لأكرر نفس السؤال إلى قضاة مصر: مارأيكم فى "البقع الحمرا" التى نقشت كلمة حرية على تراب مصر فى 25 يناير 2011؟ وهل اختلفت تلك "البقع" كثيرا عن تلك التى سالت من "أنس" فى استاد بورسعيد؟ وهل تراها اختلفت أيضا عن "بقع" ماسبيرو؟! إنها من نفس اللون، الحجم، اللزوجة حتى إنها وللصدفة من نفس النوع الذى ترفض الأرض أن تشربه امتثالا لحكم ربها.
الخلاف الوحيد بين تلك "البقع" هى أن الأولى كانت تعرف عدوها الذى أسالها من شرايين أطفالنا، بينما الباقى فمازال يبحث عن قاتل!
تعالوا نحصى سويا أعداد البقع الحمراء فى جلباب مصر الأبيض منذ يناير 25 وحتى الآن، إنها لتتساوى مع ثلث علمنا المصرى الأحمر الذى كان قد بهت لونه وخارت قواه فبات أضعف من أن يرفرف عاليا حتى أتت تلك البقع النقية فأزكت لونه ووهبت شرايينه الحياة، فبات خفاقا عاليا، ولكن أصوات تلك الدماء مازالت تصرخ باحثة عن قاتلها ليكتب اسمه فى سواد الثلث الأخير من نفس العلم!
يا قضاة مصر، نريد أن نكمل ألوان علمنا المصرى فهو أبدا لن يستقيم بلون دماء شهدائنا وطهارة مصرنا البيضاء من دون أن نسطر سواده بأسماء من قتلونا وأذاقونا الهوان سنوات طويلة! ويا لها من أمانة تلك التى حملتموها، إنكم الآن لمسئولون عن إتمام ألوان ذلك العلم فأين القتلة؟ وإن وجدتموهم، فماذا فعلتم بهم حتى الآن؟ هل أضحت العدالة تغدو فى بطء تلك اللحظات الرتيبة التى نقضيها بانتظار مريضنا خارج غرفة العمليات؟ وهل ترانا نسمع أن مريضنا قد شفى بعد طول انتظار، أم يخرج الطبيب معلنا وقت الوفاة/ متعللا أنه "عمل اللى عليه" ولكن قضاء الله نافذ!
لم أكن أبدا لأتصور أن يأس المصريين سيدفعهم لرفع راية "إسرائيل" على أرض بورسعيد الأبية لمجرد أن يدفعوا به الظلم عن أنفسهم بعد أن انهالت عليهم الاتهامات من كل حدب وصوب! لم أكن أبدا لأصدق عيناى حينما راعنى منظر الراية الصهيونية ذات الخمسة أمتار والتى حملت على أكتاف أهل بورسعيد مكتوبا عليها "حبسوا أخويا وأهلى.. عشان النادى الأهلى"! حينها فقط أحسست بالدنيا تدور وشعرت بغصة فى القلب واستحضرت كلمات جاهين حين صرخ قائلا فى مرثية بحر البقر: "الدرس انتهى.. لموا الكراريس".
م. غادة محمود تكتب: الدرس انتهى.. لموا الكراريس!
الثلاثاء، 20 مارس 2012 05:21 م
جانب من أحداث بور سعيد
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة