خالد أبو بكر

ابن المتهم قاض!

الثلاثاء، 20 مارس 2012 04:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد الثورة عاشت مصر مرحلة من المحاكمات المختلفة لعدد كبير ممن كانوا يشغلون مناصب كبيرة فى الدولة، دون رئيس الدولة السابق نجد وزراء كانوا فى الحكومات المتعاقبة ومسؤولين حكوميين، ورجال أعمال، وأبناء عائلات كبيرة كانوا يشغلون مناصب فى العهد السابق، وضباط شرطة ومسؤولين كبارا فى وزارة الداخلية.
وقررنا جميعا أن نحاكمهم بالعدل ونرتضى بأى حكم يصدره القضاء المصرى، لكن السؤال الذى كنت ومازلت أفكر فيه من الأسبوع الثانى لمحاكمة مبارك عندما بدأت أتعرف على بعض الوجوه لأبناء المتهمين فى قضية قتل المتظاهرين، وأقصد تحديدا أبناء مساعدى وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى، وكانوا بالنسبة لى مثالا على أبناء باقى المتهمين من رموز النظام السابق، وعليكم أن تتخيلوا شخصيات هؤلاء ومن هم.. إنهم مواطنون مصريون على درجة من العلم الراقى ومن المستوى الاجتماعى المتميز وأصحاب مناصب فى الدولة فمن أبناء هؤلاء المتهمين قاض وضابط فى المخابرات وضابط فى الشرطة ومهندس وطبيب ورجل أعمال، وما أثار فضولى هو معرفة كيف يفكر هؤلاء الآن؟ هؤلاء الذين كان الكثيرون يتمنون التقرب منهم ومن آبائهم وشهدوا كثيرا من الامتيازات كونهم من أبناء علية القوم الذين يحكمون ويتحكمون.
وما هو المهم فى معرفة كيف يفكر هؤلاء؟ نعم الموضوع جد مهم، فأولا هم مواطنون مصريون ولهم أقارب وأصدقاء متعاطفون معهم، وثانيا منهم المسؤولون فى الدولة وفى مناصب راقية، فماذا لو خسرنا كل هؤلاء أو بمعنى أدق خسرنا انتماءهم وحبهم لمصر؟ الحقيقة أننى أتخيل- وهذا منطقى - أن يكون هؤلاء الآن كارهين للبلد ومن فيها، ولا يبالى أى منهم بالوضع الحالى وإنما ما يهمه هو تبرئة والده، والسؤال ماذا يفعل المجتمع مع هؤلاء؟ الأصل فى العقوبة أنها شخصية بمعنى أنه لا يجوز معاقبة شخص إلا على ما اقترفت يداه، لكن ابنه الان يشاهد والده يحاكم فى ظل ظروف ما بعد الثورة ويرى أيضاً أن الغالبية من وسائل الإعلام والشخصيات التى تظهر فى التليفزيون تذكر بفساد تلك الأسماء ليل نهار وقد يصل الأمر إلى حد السباب لهم بأبشع الصفات. والحقيقة أن من يحدد أن شخصا ما فاسد من عدمه هو حكم المحكمة النهائى وقبل ذلك فأى متهم هو برىء حتى تثبت إدانته فى محاكمة عادلة، ولابد أن نخلق للقضاة أجواء يحكمون فيها بالعدل فلا يمكن لأحد منا أن يظلم وقد ذقنا طعم الظلم، ولا يمكن لأى منا أن يقبل أن يقال إن هذه الثورة كان منهجها الانتقام.
لكن السؤال ألا يتوقع أن يقوم أبناء المتهمين بعمل ما انتقاما لآبائهم؟.. وارد. والسؤال الثانى هل نقبل أن تستمر مرحلة عدم تصالحهم مع المجتمع فترة طويلة؟ أم نأخذهم بذنوب آبائهم؟ وكيف سيؤدى هؤلاء عملهم فى المجتمع فى ظل تلك المحاكمات؟ وهل سيكونون مخلصين فى انتمائهم للبلد؟
الحقيقة أن هؤلاء الأبناء لا سيما القصر منهم ليس لهم أى ذنب فيما جناه آباؤهم، وإذا كنا ندافع عن حقوق كل من ظلم أو قتل من فئة قليلة ظلت قابعة على سدة الحكم، فالأدعى ألا نمارس نحن الظلم دون أن نشعر.
وعليه.. فهؤلاء لهم حقوق علينا أولها: محاكمة آبائهم بالعدل حتى وإن كان آباؤهم لم يفعلوا ذلك لما كانوا فى سدة الحكم، وثانيها: لا يمكن بأى حال من الأحوال أن نسب متهما أو نسب أى شخص لأنه حتى المحكوم عليه بعد الإدانة لم ينص المشرع على عقوبة تبعية تشمل سبه ليل نهار وفى وسائل الإعلام كافة، كما أننى آرى أنه لابد أن نصالح هؤلاء مع المجتمع وأن يكون همنا جميعا أن يكون تحقيق العدالة هو أولوية للجميع.
وعلى هؤلاء أن يقدروا ماذا فعلت هذه الثورة مع آبائهم، وانتهاجها منهج المحاكمات العادلة من اليوم الأول، وعلينا أيضاً أن نعرف أن هؤلاء- أبناء المتهمين- جزء من هذا الوطن ووجودهم فى تلك المناصب الحساسة مدعاة للتسامح، لا سيما أن آباءهم يحاكمون ومنهم من يقضى العقوبة.
تخيل إحساسك عندما يسلم عليك شاب فى قمة الأدب وأنت فى طريقك أمام المحكمة تطالب بإعدام والده!! مفارقة عجيبة كنت أتعرض لها أثناء محاكمة مبارك، وكنت أشعر فى قلوب هؤلاء بنوع من اللامبالاة بما يدور فى المجتمع سلبا أو إيجابا، وأنهم يشعرون بأنهم غدر بهم وأصبح المجتمع بأسره لا يسمع لهم ويخاف أى شخص من التقرب منهم بحجة أن يوصف من العامة بأنه من أصدقاء أبناء الفلول.
الحقيقة أيها السادة أرى أن ذلك ظلم، ويحتاج إلى تسامح من الجميع، فأبناء المتهمين لا ذنب لهم فيما جناه آباؤهم ونحن لسنا فى حاجة كى نخلق تيارا فى المجتمع يكره كل ما هو حوله، ولسنا فى حاجة إلى أن نرى بعض الأشخاص منهم الذين يشغلون مناصب حساسة فى الدولة نراهم يعملون فى مناصبهم دون مبالاة.
إذن، إلى كل أبناء المتهمين فى قضايا ما بعد الثورة أقول: لا تسامح مع شخص ثبت أنه ارتكب جريمة فى حق الشعب المصرى أيا ما كانت وأيا من كان، ولابد أن تكون العقوبة عبرة لكل من اقترفت يداه ذنبا فى حق الشعب المصرى، أما أنتم فهذه بلادكم عليكم أن تتقوا ربكم فيها وأن تتمتعوا بالعيش فيها دون أن توصموا أو توصفوا بصفات جارحة، لكن فقط ما أطلبه منكم أن تتذكروا الأم التى فقدت ابنها، والأب الذى فقد ابنه، والشاب العاجز الذى فقد بصره، كل هؤلاء هم أصحاب المظلمة وهم من يستطيعون التسامح لأنهم لا يرضون بالظلم، خلونا كلنا مصريين وبلاش مسميات، والعبرة هى فى أن كل من ارتكب جريمة يحاكم بالعدل ويقتص منه ومن أمواله ولا تسامح معه، وفى نفس الوقت ولا تزر وازرة وزر أخرى، والشعب المصرى شعب طيب ولا يعرف الضغينة ومن السهل جداً أن يفرق بين الخبيث والطيب، ياريت نفكر جميعا فى إننا كلنا مصريين وخلونا نشتغل ونبنى بلدنا ونترك القضاء العادل يقول كلمته.





مشاركة




التعليقات 8

عدد الردود 0

بواسطة:

نونا

هل هم مختلفون حقا

عدد الردود 0

بواسطة:

لمياء صبحي

كلام عاقل ووطني

عدد الردود 0

بواسطة:

sameh abd elaty

بعد العام الاول

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب مصدر السلطات

بالامانه هل تثق فى قضائنا وعدالتنا - اليست الثوره ضد الظلم والاستبداد والقهر

30 سنه الظالم هو العداله

عدد الردود 0

بواسطة:

ابراهيم البركاوي

اين كانوا قبل ذلك

عدد الردود 0

بواسطة:

ahmad abdelaziz

الحقيقة

عدد الردود 0

بواسطة:

د.نبيل الطنانى

.....وبدأت روائح العقول الرزينه

عدد الردود 0

بواسطة:

ايمن عتيبة

هذا ماجناه ابى

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة