تواجه الحكومة المصرية، خلال الفترة القادمة، 8 دعاوى للتحكيم الدولى ضد مصر، فى مركز فض المنازعات الاستثمارية "إكسيد"، التابع للبنك الدولى بواشنطن، ويرجح خبراء القانون أن تخسر مصر جميع الدعاوى القضائية ضدها، فيما يسمى "فوضى التحكيم الدولى"، لضعف حجج الدولة فى فسخ التعاقدات مع المستثمرين العرب والأجانب.
أعلن "إكسيد" أن أبرز الشركات التى تقدمت إليه بدعاوى ضد الحكومة المصرية هى: "إندروما الدولية المحدودة للتمويل، إتش آند إتش لإدارة الفنادق، ناشيونال جاز، القابضة الكويتية، بوابة الكويت القابضة، بالإضافة لشركة النوبارية لإنتاج البذور "نوباسيد" التى ستلجأ للتحكيم الإقليمى فى أوروبا، وستتبعها شركة طنطا للكتان والزيوت، وشركة عمر أفندى، كما أن شركة الكهرباء الإسرائيلية الوطنية أعلنت بالفعل عن نتيها التقدم بدعوى تحكيم دولى ضد الحكومة لتضررها من التفجيرات المتكررة لخط الغاز الطبيعى، كذلك شركة سنتامين صاحبة حق التنقيب عن الذهب فى منجم السكرى.
وأفاد الموقع الإلكترونى لمركز فض المنازعات "إكسيد"، بأن شركة بوابة الكويت القابضة تقدمت بدعوى تحكيم دولى ضد الحكومة المصرية، وتم تشكيل المحكمة الخاصة بنظر الدعوى يوم 24 أكتوبر الماضى، حول نزاع بينهما على مصنع لإنتاج المواد الكيماوية، ولم تعلن موقع أو اسم هذا المصنع.
وتساهم الشركة بنسبة 59.82% فى رأس مال شركة الإسكندرية للأسمدة، كما تساهم بنسبة 10% بشركة تراى أوشن للطاقة، ويتولى المكتب القانونى clifford chance london UK" " ومكتب حافظ للاستشارات القانونية بمصر مهمة التحكيم الدولى ضد مصر فى واشنطن.
وقامت شركة إندروما الدولية المحدودة للتمويل، دعوى للتحكيم الدولى ضد مصر للبت فى النزاع بين الطرفين، فيما يخص شركة شبين الكوم للغزل والنسيج، وتم تعيين الأسترالى زاكارى دوجلاس كمحكم بين الشركة ومصر فى المركز، وسجلت "إندروما" دعواها فى مركز التحكيم الدولى 2 ديسمبر الماضى، وعينت مكتبى"Latham&watkins" لندن ومكتب "Hamburg" بألمانيا للاستشارات القانونية، وسلمت إندروما المركز جميع المستندات التى تثبت صحة موقفها القانونى ومخالفة الحكومة المصرية للاتفاقيات التجارية باستصدار حكم من القضاء الإدارى ببطلان عقد بيع شركة شبين الكوم للغزل والنسيج وسحب الشركة وإعادتها للحكومة بدون تعويض الشركة الدولية المستثمرة.
من ناحية أخرى، شكل المركز الدولى لتسوية منازعات الاستثمار بالبنك الدولى المحكمة الخاصة بدعوى شركة ناشيونال جاس، التى تطالب الحكومة المصرية بتعويض 245 مليون جنيه، مقابل ارتفاع أسعار خامات استخدمتها الشركة فى توصيل الغاز للمنازل بمحافظة الشرقية، وكانت الشركة قد أرسلت طلب تسوية ودية لمجلس الوزراء أثناء تولى الدكتور عصام شرف رئاسة الحكومة، ولكن لم يتم البت فى هذا الطلب.
من ناحيتها، أعلنت شركة النوبارية لإنتاج البذور "نوباسيد"، أنها لجأت للتحكيم الدولى ضد الحكومة المصرية بتعويض مالى قدره 1.5 مليار جنيه، بعد إصدار الوزارة قرار بالتحفظ على أصول الشركة والأراضى وجميع المقار الإدارية والفرعية، مؤكدة فى دعواها القضائية أن وزير الزراعة السابق أصدر قراراً غير مدروس وغير معروفة أهدافه، بالتحفظ على الشركة، رغم عدم مخالفة المستثمر شروط التعاقد منذ 15 عاماً، وأن القضاء أثبت عدم أحقية الوزارة بإصدار قرار للتحفظ أو فرض رقابة على الشركة من أى نوع، موضحة أن التعويض المالى المطلوب، وقدره 1.5 مليار جنيه، يأتى نتيجة ما لحق بالشركة من تلفيات وتخريب، علاوة على تعويض حاملى الأسهم.
وكلفت الشركة، ممثلة فى مالكها عبد الإله كعكى، شركة "كليفورد تشانس" الدولية، ومقرها المملكة المتحدة، بتولى ملف التحقيق الدولى لشركة نوباسيد ضد الحكومة المصرية، مؤكدة أن المستثمر السعودى لا يزال يمتلك الشركة، ولا صحة لما اتخذته وزارة الزراعة من إجراءات التحفظ وتشكيل لجنتين لتسيير العمل.
وفى نفس السياق، أعلن "إكسيد" تشكيل لجنة تحكيم دولى برئاسة الأسبانى برنادو ام كريمدس فى الدعوى المقامة من رجل الأعمال المصرى الأمريكى هشام العشماوى، رئيس مجلس إدارة "إتش آند إتش" لإدارة الفنادق، ضد الحكومة، وقال المركز، إن العشماوى شكى فى دعواه القضائية رقم ARB/09/15 من فسخ الشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق "إيجوث"، إحدى شركات القابضة للسياحة والفنادق والسينما التابعة لقطاع الأعمال العام، لعقد إدارة فندق مملوك للأولى بالعين السخنة.
ويطالب مكتب الاستشارات القانونية الأمريكى Crowell&moring ممثل رجل الأعمال أمام مركز "إكسيد"، بتعويض مالى قدره 100 مليون دولار.
كان المهندس عصام عبد الهادى، رئيس شركة "إيجوث"، قال فى تصريحات صحفية، إن فسخ العقد مع "H&H" تم خلال عام 2002 وفقاً لحكم قضائى صدر فى هذا الشأن، ولجأت الشركة إلى التحكيم الدولى، مشيراً إلى أن وفداً من هيئة قضايا الدولة، بجانب د.كريم حافظ، رئيس مكتب حافظ للاستشارات القانونية، سوف يسافر لحضور الجلسة المقررة للتحكيم خلال مارس الجارى، مؤكداً سلامة موقف شركة "إيجوث"، نظراً لأن فسخ العقد تم بحكم قضائى.
من جانبه، قال ممدوح عثمان، رئيس القطاع القانونى بالشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس، إحدى شركات قطاع الأعمال العام، إن الشركة ليست طرفاً فى النزاع بين الحكومة المصرية وشركة إندروما الدولية مشترى شركة شبين الكوم للغزل والنسيج، معللاً الأمر بأن الشركة تم تكليفها فقط بتنفيذ حكم قضائى بعودة الشركة لقطاع الأعمال العام.
وأوضح أن هناك فرقاً بين الشركة القابضة، كشركة حكومية، وبين الحكومة المصرية، كطرف فى النزاع، مؤكداً أن المفوض العام لشركة غزل شبين ينتمى للشركة القابضة، لأن الشركة تم ردها إلينا، وفقا لحكم قضائى، وأن الشركة ملتزمة بإدارة شبين الكوم للغزل وفقاً للحكم القضائى.
وكشف ممدوح عثمان، رئيس القطاع القانونى بالشركة القابضة للغزل والنسيج والملابس، إحدى شركات قطاع الأعمال العام، أن الشركة القابضة لن تستطيع أن تتسلم شركة إندروما تكستايل، "غزل شبين الكوم سابقا"، مرة أخرى، إلا بعد تسديد مبلغ التعويض المادى الذى أقرت به المحكمة للمستثمر الهندى مشترى الشركة من الحكومة المصرية، والذى يبلغ أكثر من 133.6 مليون دولار أمريكى.
وأوضح أن إدارة شركة إندروما أعلنت أن الشركة تطالب بمبلغ 133.674.961 مليون دولار أمريكى كتعويض مادى وأدبى، لما لحق بها من أضرار، وفقاً لما جاء فى حكم المحكمة، وذلك بعد أن أقامت دعوى قضائية فرعية، حيث ينص التعويض الأدبى فقط على سداد الدولة لـ50 مليون دولار، خاصة أن بطلان عقد البيع جاء من الجانب المصرى فقط، بخلاف البنود الأدبية التى تمثل باقى المبلغ.
من جانبه، قال المحامى إيهاب سعيد، المحكم الدولى، إن فرصة مصر فى الفوز بأى دعوى تحكيم ضدها معدومة تماماً، لأنها لم تلتزم بالاتفاقيات الدولية التى تعد بمثابة شريعة المتعاقدين بين الدول وبعضها البعض، متوقعاً أن تتحمل الحكومة المصرية تعويضات تصل لعشرات من مليارات الدولارات فى مسلسل "فوضى التحكيم الدولى".
وأكد أنه وخبراء التحكيم الدولى كثيراً ما نادوا بالتصالح مع المستثمرين من خلال إيجاد الحلول المنطقية، إلا أن البعض اعتقد أن التصالح سيكون تصالحاً مع المفسدين، وهو أمر لا يجوز، على حد فهم البعض، واقترح لتفادى توقيع عقوبات دولية أو غرامات مالية على مصر يجب أن نأتى بالمستثمرين ونتفاوض معهم بشكل ودى وندفعهم للتنازل عن دعاويهم القضائية، لأن هؤلاء المستثمرين اشتروا شركات بأموال وأنفقوا عليها فى عمليات تطوير، وصلت أحياناً لمدة 14 عاماً، وبعد ذلك تفسخ الدولة معهم العقد، مشدداً على أن الدولة ستتحمل فاتورة مالية ضخمة إذا لم تتفاوض وتحل الأمر ودياً، حيث سيطالب المشترون للشركات برد ما دفعوه كحد أدنى، بالإضافة لتعويضات مالية وأدبية، بالإضافة إلى أن حملة أسهم الشركات يمكن أن يقيموا دعاوى قضائية منفصلة تكلف الدولة ممثلة فى الحكومة أعباء أكبر.
وكشف عن أن حملة الأسهم بشركة النيل لحليج الأقطان سيتحركون لإقامة دعوى قضائية، وكذلك شركة الكهرباء الإسرائيلية، بسبب تضررها من تفجير خط الغاز الطبيعى 13 مرة متتالية، مما أضر بتدفق الغاز لإسرائيل، وبالتالى توليد الطاقة الكهربائية وغيرها من الاستخدامات، مؤكداً أن التحكيم الدولى لن يعترف بأنها عمليات تفجيرية إرهابية، كما نقول فى مصر، بل سيعترف فقط بإخلال الحكومة بحماية الاتفاق بين الدولتين، وستضطر مصر لدفع تعويضات لإسرائيل.
وحذر من تشويه سمعة مصر بالخارج، فى حال صدور أية أحكام قضائية دولية على الحكومة، حيث إن تعدد الحالات سيعطى إيحاء بأن مصر تتجه نحو تأميم الشركات، ولن يفسر على أنها أحكام قضائية لمحاربة الفساد، مما يجعل مستقبل الاستثمار فى وضع حرج، وكذلك الاتفاقيات الدولية بين مصر ودول العالم فى المستقبل، وهو ما ينتج عنه توتر وضع الاستثمار وعدم اطمئنان المستثمرين الأجانب لإقامة مشاريع فى مصر.
وأثنى على موقف الحكومة ممثلة فى قطاع الأعمال العام، بسبب استئناف دعاوى عودة الشركات للدولة بعد خصخصتها، لأنها لا تريد زيادة عجز الموازنة لعدم قدرتها على توفير رواتب للعاملين وإمكانيات مالية لإعادة أموال المشترين وتعويضهم مالياً وأدبياً وإعادة جميع العاملين الذين تم تسريحهم وأخذوا مكافآت نهاية الخدمة قائلا، "هى الحكومة معاها فلوس عشان تدفع كل ده".
وأوضح أن ما يجعل مصر مخالفة وفرصتها ضعيفة فى الفوز بأى دعوى دولية هو أن التحكيم الدولى لا يعترف سوى بالاتفاقيات الدولية وليس بالقضاء المصرى. مضيفاً أن هناك فرقاً بين التعويض على حجم الضرر وليس على المتضرر نفسه، حيث يتم التحكيم الدولى الأسلوب الأول، بينما يلجأ القضاء المصرى للتعويض على المتضرر نفسه.
ولفت إلى أن شركة سنتامين، صاحبة حق الامتياز للتنقيب على الذهب فى منجم السكرى، إذا لجأت للتحكيم الدولى ضد الحكومة لتضررها يومياً بسبب إضراب العمال المصريين عن العمل فى منجم السكرى، والذى يكلفها 10ملايين دولار، ستحصل على التعويض الذى تطلبه لأنها مجنى عليها.
التحكيم الدولى ينشط ضد مصر.. "كعكى" يطالب بـ1.5 مليار جنيه لتعويضه عن "نوباسيد".. ومستثمر يطارد 100 مليون دولار فى "إيجوث".. وخبير: 8 دعاوى ستحمل الدولة فاتورة باهظة تتجاوز 10 مليارات دولار
الإثنين، 19 مارس 2012 01:46 م