بشير العدل

البابا شنودة.. نموذج لرجل الدولة

الإثنين، 19 مارس 2012 10:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى غير مرة جلست إليه، أحيانا عن قرب، وفى أحيان كثيرة عن بعد، وقادتنى الفرصة لأن أجلس أمامه قبل سنوات، لا تفصلنى عنه سوى سنتيمترات فى كاتدرائية العباسية، حيث كان مقر انعقاد مؤتمر صحفى، دعتنى إليه الكنيسة ضمن مجموعة من الإعلاميين، سألته بفضول الصحفى، وأثقلت عليه كغيرى فى الرد والاستفسار، فما كان منه إلا أنه كان يرد بكل هدوء وبلاغة، لم أعهدها إلا فى أصحاب اللغة العربية السليمة، لم يكن يتأزم لسؤال يوجهه إليه أحد الحاضرين، حتى لو كان فيه انتقاد لموقف الكنيسة، كان من سماته، الحنكة، والتسامح، والرد البليغ.

لم يكن سلوكه يختلف عن سلوك رجل الدين الإسلامى، فقدم النموذج الحى لرجل الدين العاشق لتراب الوطن، الذى لا يعرف التعصب الأعمى لدين أو ملة، وقدم براهين على أن المسلم والمسيحى نسيج واحد، لا فرق بينهما فى حب الوطن، وعشق ترابه، والذود عن أمجاده، وكان من أوائل الذين قدموا مثالاً عملياً، فى أن الدين لله والوطن للجميع، وعمل من أجل أن يكون الشعار سلوك حياة، وليس مجرد شعار، يرفعه المزايدون على أرض مصر.

لم يكن البابا شنودة رجل كنيسة، بقدر ما كان رجلاً يرعى مصالح الوطن، ويشد من أزر أبنائه فى المحن ومواجهة الأزمات، لم يكن موقفه يختلف عن موقف شيخ الأزهر فى كثير من القضايا، خاصة قضية العرب الأولى، فلسطين، وليس أدل على ذلك من إصراره، وتأكيده وحثه الإخوة الأقباط عدم الذهاب للقدس، وهى خاضعة للاحتلال الإسرائيلى، وغير ذلك من المواقف التى أكدت، بما لا يدع مجالاً للشك، أنه كان رجلاً عاهد ربه على صيانة الوطن، والحفاظ عليه من أى تدخلات خارجية.

رحيل البابا ليس مصاب حزن لدى أقباط مصر والعالم فقط، بل لمسلميه أيضا، الذين خسروا داعما أساسيا لقضايا الوطن، وحافظا للوحدة الوطنية، وصابغا للنسيج الوطنى باللون الأبيض الصافى، وجامعا لشمل أبناء مصر.

كانت مواقفه فى كل الأزمات التى تمر بها مصر، سواء ما يتعلق منها بالإخوة الأقباط، أو ما يتعلق منها بالشأن السياسى العام، تدل على أنه رجل دولة، قبل أن يكون رجل دين، فحفظ بسياسته أبناء الوطن، وحماهم من الفتن، التى كانت تسعى قوى خارجية لتأجيجها فيما بينهم.

البابا شنودة، يجب أن يبقى نموذجا حيا، يحتذى به من يأتى بعده، وتسير على دربه الأجيال القادمة، لتتعلم منه دروس التسامح، وقبول الآخر، والصبر عند الشدائد.

لا يجب أن يكون رحيله مدعاة لفرط عقد سلسلة الوحدة الوطنية، أو مبررا لفتح الباب لتيارات هواء باردة، تأتى من أوروبا أو أمريكا، لتصيب المصريين بالوباء والربو، وتملأ صدورهم بآفات الضغينة التى تعمل على تشتيت شملهم وتصيبهم فى مقتل.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 4

عدد الردود 0

بواسطة:

nabil

البابا شنوده

عدد الردود 0

بواسطة:

saber

البابا شنوده

عدد الردود 0

بواسطة:

الى لقاء قريب ابى الحبيب انا على امل اللقاء سأنتظر موعد الرحيل واللقاء

أجمل ما قاله البابا شنوده فى الدين والدنيا.. كل فضيلة خالية من الحب لا معنى لها.

عدد الردود 0

بواسطة:

د/دسوقى ابراهيم

عزاء شبرا الخيمة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة