من أهم المطالب الأساسية التى قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير من أجل تحقيقها للشعب المصرى بهدف راحته ورفع المعاناة والقهر والظلم عنه: "عيش، حرية، عدالة اجتماعية"!، ولكن وللأسف الشديد مر أكثر من عام ولم نر حتى الآن ثمة تحسن أو تغيير إيجابى فى أوضاع غالبية المصريين الذين يعانون الأمرين ويتسولون حقوقهم منذ أمد بعيد!!.. الأمر الذى أدى بدوره إلى حدوث حالة من اليأس والإحباط لدى العديد من فئات الشعب الذين أصبحوا عاجزين عن مواجهة أعباء الحياة للتفاوت الكبير بين الدخول المهينة وأسعار السلع المبالغ فيها!.. ولا نعلم تفسيراً واضحاً للتأجيل المتعمد لحل بعض المشكلات الكبيرة واستمرار حالة الصمت الرهيب من جانب المسؤولين التنفيذيين مثلما كان يحدث أثناء العهد البائد إيزاء الفوضى والعبثية فى إدارة بعض الملفات الجوهرية والحيوية التى من شأنها تكبيل المواطنين ووضعهم فى ورطات وأزمات متلاحقة يصعب الخروج منها، وكأن الرئيس المنتظر هو مَن سيعمر الذمم الخربة ويحيى الضمائر الميتة ويوقظ المشاعر الغارقة فى سبات عميق!، أو كأننا سننتخب "عفركوش ابن برتكوش" رئيساً للجمهورية والذى سيخرج من الفانوس السحرى رافعاً شعار: "شبيك لبيك أنا ملك إيديك، تطلب إيه؟!!"، محققاً للشعب المصرى كل أمانيه ورغباته الممكنة والمستحيلة على حد سواء بسرعة خارقة!..
منذ عدة أيام فوجئنا بارتفاع أسعار الدواجن والأسماك فى الأسواق والمحال التجارية نتيجة لتفشى فيروس الحمى القلاعية الذى أدى إلى نفوق وإصابة العديد من رؤوس الماشية والأغنام، مما جعل التجار الجشعين يصطادون فى الماء العكر كعادتهم فى مثل هذه الظروف والأزمات، حيث قاموا برفع الأسعار كى يزيدوا البلاء بلاء، ويحملوا غالبية المصريين المطحونين والكادحين ما لا طاقة لهم به، مصرين على اتباع نفس المنهج القديم القائم على استغلال ظروف المواطنين القاسية وسرقة ما فى جيوبهم عنوة وذلك للأسباب التالية:
غياب الوازع الدينى وعدم تقوى الله والخوف من عقابه فى الآخرة، إما لجهل معظم هؤلاء التجار بأمور وتعاليم دينهم، سواء بسبب الأمية أو محدودية الوعى والثقافة، أو لأنهم نشأوا على الطمع والجشع ولم يتعلموا سوى لغة المال والأرقام، وبالتالى ليس للأخلاق والمبادئ والقيم مكاناً عندهم.
- غياب الرقابة من قِبَل المسؤولين الحكوميين المنوط بهم عمل حملات تفتيش مستمرة لضبط المتجاوزين وإخضاعهم للمساءلة بحسب القانون، وذلك منذ أزل بعيد، مما أدى إلى استمراء واعتياد حالة النهب المنظم التى يمارسها الكثير من التجار بلا حياء أو خوف من الحساب.
- عدم تفعيل دور جمعيات حماية المستهلك التى من مهامها توعية المواطنين بحقوقهم فى مقاطعة السلع الغالية الثمن واستبدالها بأخرى، ومقاطعة التجار الجشعين المستغلين وإبلاغ الجهات المسؤولة عنهم بالتعاون مع وسائل الإعلام المختلفة التى لم تولي اهتماماً مناسباً لقضية ارتفاع الأسعار كسائر القضايا الأخرى الأقل أهمية وخطورة، رغم أن الأسعار فى رأيى تعتبر قضية أمن قومى، فكم من أناس انتحروا فخسروا آخرتهم كما خسروا دنياهم بسبب ضيق ذات اليد وعدم قدرتهم على مواجهة أعباء المعيشة نظراً لتقاعس أولى الأمر واستهانتهم بخطورة هذه القضية.
- انتشار الاحتكار وسيطرة مجموعة من الأفراد على بعض السلع الأساسية والرئيسة التى لا يمكن للمواطن الاستغناء عنها، وذلك لعدم وجود قانون رادع يمنع ويجرم احتكار السلع والتحكم فى أسعارها حسب هوى المحتكرين دون مراعاة الأبعاد الاجتماعية.
أرى أن العودة لنظام التسعيرة الجبرية التى تلزم التجار وتجبرهم على توحيد الأسعار من أهم الأمور التى يجب أخذها فى الاعتبار لأن نظام الاقتصاد الحر المعمول به منذ السبعينات من القرن الماضى هو السبب الجوهرى فيما نعانيه الآن.
أناشد أيضاً جميع أئمة وخطباء المساجد والزوايا فى كل أنحاء الجمهورية الإكثار من الحديث عن المعاملات خاصة البيع والشراء فى الإسلام وخطورة الغش والاحتكار ورفع الأسعار دون داعٍ، كما أطالب وسائل الإعلام خاصة الإذاعة والتليفزيون بقنواته الأرضية والفضائية بعمل حملات وبرامج توعية مستمرة وثابتة لخدمة المواطنين عن طريق استضافة المتخصصين فى هذا الشأن سواء من الجانب الحكومى أو جمعيات حقوق المستهلك أو أساتذة الأغذية والزراعة الذين يمكنهم طرح البدائل ووضع حلول جذرية لبعض المشكلات التى تؤرق المواطنين، لأن معضلة الأسعار لن يتم حلها إلا إذا تكاتفَ وتحركَ الجميع بإيجابية، كفانا معاناة واكتواء بنار الأسعار لعقود طويلة.
علم مصر - صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
اكرم
مقال جميل شامل جامع - وووووضعتي يدك علي الجرح
عدد الردود 0
بواسطة:
ربة منزل
حسبنا الله ونعم الوكيل