أربع وقائع على فترات متقاربة، تتعلق بحرية الإبداع ومحاولات قمعها من قبل بعض المتطرفين المحسوبين على التيار الإسلامى، أولها منع تصوير مسلسل "ذات" بجامعة عين شمس، بحجة ارتداء الممثلات والكومبارس أزياء غير لائقة، ثانى هذه الوقائع هو منع تصوير فيلم "فرش وغطا" للمخرج أحمد عبد الله فى مسجد السيدة نفيسة، وثالثها منع عرض الفيلم الإيرانى "انفصال" الحائز على جائزة أوسكار أحسن فيلم أجنبى فى جامعة القاهرة، وآخر وقائع المنع والمطاردة تتعلق بموقف الرقابة من فيلمى الخروج إلى القاهرة وفيلم المخرج عمرو سلامة.
ويبدو أن ما يحدث فى المجتمع جعل أداء جهاز الرقابة مرتعشا وأقرب إلى أداء الموظفين فى الحكم على الأعمال الفنية، ويبدو أنهم باتوا لا يفرقون فى التعامل مع المصنف الفنى كعمل إبداعى، بل يتعاطون معه كمادة معبأة داخل شريط.
ورغم ما تحمله تلك الوقائع من خطر حقيقى على العملية الإبداعية فى مصر، كما أنها تحمل مؤشرات ودلالات على الطريقة المستقبلية والتى سيتعاطى بها الإسلاميون مع الإبداع والثقافة، إلا أن المبدعين المصريين اكتفوا بإصدار بيانات إدانة لا أكثر ولا أقل، مع كل واقعة تجد عددا من البيانات المرسلة من جبهة الإبداع، والتى تشكلت مؤخرا لحماية حق المبدع والمبدعين، وبيانا آخر من نقابة السينمائيين، وغيره من المركز القومى للسينما وجميعها تدين وترفض قرار وزير الأوقاف، بمنع التصوير داخل أحد المساجد التابعة للوزارة دون سند من القانون، بل وفى مخالفة صريحة له، وذلك فى واقعة منع تصوير فيلم فرش وغطا كما أبدى الموقعون على البيانات انزعاجهم من تزايد العداء الضمنى والصريح من المؤسسات الحكومية والخاصة لحرية الإبداع وممارسة الحق فى التعبير، ويحمل المؤسسات مسئولية تفاقم هذه الروح المعادية للفن والثقافة بتخاذلها عن اتخاذ خطوات حاسمة، وتحمل بعض البيانات دعوة إلى جميع النقابات الفنية والمؤسسات الثقافية ومنظمات المجتمع المدنى إلى إبداء القدر الأكبر من الصلابة للتصدى لهذه الهجمة الشرسة على الإبداع، التى بدأت فى الانتشار مع صعود تيارات "ضلامية" ترى فى الإبداع خصما،" ولم يختلف الحال كثيرا فى باقى الوقائع.
ولا أستطيع أن أستوعب أن هذا آخر ما قد يصل إليه المبدعون المصريون فى ظل تردى الحال، فما الذى يتبقى بعد منع عرض فيلم ومنع تصوير آخر، لا تؤكد سوى أمر واحد، أن الكثيرين منا باتت أيديهم مرتعشة وأنه لم يعد بيننا من يحترم فكرة المؤسسة أو الدولة فالإسلاميون بعد أن فازوا بالأغلبية البرلمانية التى حققوها فى مجلس الشعب أصبحوا يتخيلون أن كل شىء يجب أن يكون على هواهم وكيفما يرغبون، وعلى الجميع أن ينصاعوا لما يرون، رافضين أى اختلاف.. ولا أعرف هل فى مقابل تلك الهجمات والوقائع المتكررة هل سيكتفى المبدعون بإصدار بيانات الإدانة والتى للأسف لن تعدو بالنسبة للبعض سوى بيانات ستمر مرور الكرام.
وسيرى هؤلاء "الضلاميون" أن الفنانين فى النهاية هم" شوية مبدعين لا يملكون سوى الصوت العالى أو الصراخ أمام شاشات الفضائيات"، لذلك أتوقع أن يزدادوا عنفا فى الأيام المقبلة، فإلى متى سيكتفى المبدعون بالبيانات والتى تعد أضعف أنواع الاعتراض، طالما جربناها فى السياسة، وهل ينتظرون أن يذهب الإسلاميون إلى الاستوديوهات ليراقبوا ما يتم تصويره ويمنعوا ويضيفوا على "مزاجهم".
أعرف أن هناك من سيصرخ فى وجهى قائلا: "أنتو بتتكلموا فى إيه إبداع إيه والبلد غرقانة فى المشاكل ومقبلة على انتخابات رئاسية، ولكن السلسلة مرتبطة ببعضها.. والفنون هى التى تعكس واقع المجتمعات ومدى تحضرها.
سؤال: إلى وزير الأوقاف إذا كنت تمنع التصوير فى المساجد لأنه حرام فلماذا تسمح للكاميرات بنقل شعائر صلاة الجمعة؟ ولماذا يتسابق العديد من المشايخ ليكونوا نجوما فى الفضائيات؟
عدد الردود 0
بواسطة:
حاتم
اخيرا يا علا غيرنا الصورة
بس الاول احلى