علاء لطفى

الأب الصالح يترجل

الأحد، 18 مارس 2012 10:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لازلت أسمع دوى كلماته فى أذنى مدافعاً عن عروبة القدس فى تسعينيات القرن الماضى.. كنت وقتها فى عنفوان الشباب وغضبته من هجمات الصهاينة على أهلنا بالقدس والأراضى العربية المحتلة، وكانت صور محمد الدرة تمزق قلوبنا ونحن نرى الموت يقترب من الطفولة البريئة دون رحمة أو شفقة، لتأتى كلمات البابا شنودة فى القاعة الكبرى بجامعة الدول العربية لتضمد كثيرا من جروح الألم التى اعتصرت قلوبنا.. أجزم أن دراسته عن القدس كانت أكثر وطنية من ملايين الأحرف والكلمات والأسطر التى خطت لمساندة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى وكانت أكثر اتزاناً ومصداقية من أطنان الأكاذيب التى يروجها الاحتلال الكاذب.. لكن البابا شنودة لا يدرك قدره سوى من مرت بهم أحداث الفتن والمؤامرات التى استهدفت النسيج الوطنى على مدى سنوات بشراسة لم نعهدها منذ طفولتنا فى هذا الوطن.. كانت كل منها تكفى لحرق مصر بالكامل من أدناها لأقصاها ويجعل منها جحيماً وموطناً للغربان.. فى زمن كانت مصر وما زالت مرشحة بقوة لتتصدر مشاهد اللبنية التاريخية من جديد.. البعض كان يراهن على أن يصنع من مصر لبنان أخرى لولا بصيرة البابا الراحل الذى صنع من الوحدة الوطنية صلوات وترنيمات تشفى القلوب من الكراهية.. وقف سداً منيعاً مليئاً بالحكمة والإيمان مهدئاً للخواطر كمانعة الصواعق التى تدفع عن الوطن سحب ورياح الكراهية السوداء.

منذ لقائى الأول به ومصافحته فى جامعة الدول العربية لم أترك حواراً أو لقاء أجراه دون الإنصات إليه والاستزادة من حكمته فالرجل يجمعنا به عشقاً لا ينتهى لتراب الوطن ويدرك أن دماء وأرواح أبنائه من شعب الكنيسة قد يكون ثمناً غالياً لقيمة أغلى وهى مصر.. كان يدرك حجم التضحيات والتهديدات المتربصة بنسيج الأمة ولم يتراجع لحظة عن وأد الفتنة فى مهدها.. وكلما ازداد تماسكه فى مواجهة الطغيان، كلما تصاعدت هجمات أعداء الأمة على كنيسته.. ليثبت دوماً أنه الطرف الأقوى بقدرته على الصفح والغفران.. وكم من دعوات للثأر والانتقام والكراهية تربصت بنا وتصدى لها لترتفع مكانته وتسمو فى قلوب نسيج الأمة من أقباط ومسلمين، وليحتل مكانته الحقيقة فى تاريخ مصر بين من سبقوه فى سجلات الشرف المصرية دفاعاً عن الكرامة المصرية.

نعم مصر فقدت رجلا صالحا كان يصلى من أجلها، فمن منا سوف يستجاب له الآن!!





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة