أحمد زهران يكتب: أريد أن أكون رئيسًا!

الأحد، 18 مارس 2012 01:23 ص
أحمد زهران يكتب: أريد أن أكون رئيسًا! صور أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الأعداد الكبيرة التى تتقدم يوميًا للترشح لمنصب رئيس الجمهورية، والتى بلغت حتى مساء الثلاثاء الماضى، وقت كتابة هذه السطور، (485) مرشحًا سحبوا أوراق الترشيح بالفعل، حسب اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة.

الإعلان الدستورى الذى صدر فى مارس 2011 هو من فتح الباب على مصراعيه لكل من أراد أن يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية، إذ تنص المادة (26) منه، والتى هى تعديل للمادة (75) من دستور (1971) على أنه "يشترط فيمن يُنتخب رئيساً للجمهورية أن يكون مصرياً من أبوين مصريين، وأن يكون متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية، وألا يكون قد حمل أو أى من والديه جنسية دولة أخرى، وألا يكون متزوجاً من غير مصرى، وألا تقل سنة عن أربعين سنة ميلاديـة".

صحيح أنه قيَّد هذا الترشح فى المادة (27) منه بمجموعة من الشروط، وهى أنه: "..يلزم لقبول الترشيح لرئاسة الجمهورية أن يؤيد المتقدم للترشح ثلاثون عضواً على الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسى الشعب أو الشورى، أو أن يحصل المرشح على تأييد ما لا يقل عن ثلاثين ألف مواطـن ممن لهم حق الانتخاب فى خمس عشرة محافظة على الأقل، بحيث لا يقل عدد المؤيدين فى أى من تلك المحافظات عن ألف مؤيـد.."، إلا أن هذا الإعلان الدستورى كان ينبغى أن يتضمن قيودًا أخرى حتى لا يكون المنصب – على أهميته وحساسيته -مطمعًا لكل أحد.

الملاحظ أن هناك عشوائية كبيرة تصاحب عملية سحب أوراق الترشيح -والحمد لله أنها مجرد سحب للأوراق فقط – والملاحظ أيضًا أن أكثر هذه الترشيحات ربما لا يريد أصحابها إلا الشو الإعلامى، وأن كل واحد منهم يتمنى أن يصبح رئيسًا للجمهورية، وكما هى عادة شعبنا الطيب الأصيل فالناس يرشحون أنفسهم تحت زعم أن كل شىء ممكن!

المهم فيمن يريد ترشيح نفسه أن يكون لديه هدف ورسالة محددة يريد تنفيذها وتحقيقها للنهوض بمصر، وقد أشارت بعض الدراسات أن (80%) من الذين لديهم أهداف محددة ومكتوبة فإنهم يحققونها، فى حين أن (20%) فقط من الذين عندهم أهداف غير مكتوبة يحققونها، كما أن بعض الدراسات أشارت إلى أن (2%) فقط من الناس عندهم أهداف محددة ومكتوبة، وأن (14%) من الناس عندهم أهداف محددة لكنها غير مكتوبة، وأن (84%) من الناس ليس لديهم أهداف!! وأنا أزيد هنا أن هناك أكثر من (95%) من المرشحين لانتخابات الرئاسة المصرية ليست لديهم أهداف ولا رؤى!!

أنا لست ضد أن يترشح أى شخص لرئاسة الجمهورية ويفوز بها ولو كان مغمورًا أو مطمورًا، فهذه هى الحرية السياسية التى ننشدها، والتاريخ الحديث والقديم ملىء بأناس كانوا مغمورين ومطمورين ولا يؤبه لهم، ثم صاروا رؤساء لبلدانهم، ولكن ما ينبغى الوقوف عنده أنهم لم يصيروا رؤساء بضربة حظ، ولا لأن عائلاتهم ساندتهم بما تملك من مال ورجال، ولكن لأنهم أصحاب رؤى وهمم، ولهم مشاريع تنموية ونهضوية، ولديهم أهداف واضحة ذاتية وشعبية لخدمة أممهم وأوطانهم.
فى كتابه "مهندسو الحياة وصناع التأثير.. من هم؟" يحكى الدكتور على الحمادى بعضًا من قصص هؤلاء، فيقول: "مارجريت تاتشر"، كانت بائعة مغمورة فى متجر فى بريطانيا، لكنها قرّرت أن يكون لها دور فاعل فى الحياة، فكان لها ما أرادت، ولا أظن أحداً يجهل هذه المرأة التى أصبحت فى قمة الهرم البريطانى، ورأست مجلس وزراء بلادها لأكثر من دورة انتخابية.

ولم يكن "جاك شيراك" صاحب وجاهة ولا منصب وإنما كان عاملاً بسيطاً فى مطعم فى الولايات المتحدة الأمريكية، لكنه كان ينظر إلى القمة، فلم يرضَ لنفسه أن يستمر فى وضعه المتواضع، لذا قرّر أن يسلك طريقاً آخر، فكان أن انتهى به المطاف بعد أربعة عقود ليصبح رئيساً لفرنسا.

ولما انتُخب "شيراك" رئيساً لفرنسا، وزار الولايات المتحدة الأمريكية، تحدث فى مؤتمره الصحافى مع كلينتون عن الفترة التى أمضاها فى شبابه فى الولايات المتحدة الأمريكية فقال: منذ أربعين سنة كنت أعمل فى مطعم "هوارد جونسون" فى الولايات المتحدة الأمريكية، ولم أتخيل أبداً أننى فى يوم من الأيام سأقف فى البيت الأبيض إلى جانب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية فى مؤتمر صحافى.

و"نابليون بونابرت" كان ضابطاً صغيراً، ثم ترقّى حتى أصبح إمبراطوراً لفرنسا، وسمع به القاصى والدانى، ولا زال الناس يؤرخون الأحداث التى صنعها.

و"لولا دا سيلفا" كان ماسحاً للأحذية ثم استطاع بعد سنوات أن يكون رئيساً للبرازيل.

و"هوفر" كان بائعاً للصحف فى الولايات المتحدة الأمريكية ثم أصبح بعد ذلك رئيساً لها.

وجاء فى التاريخ أن برناروت - رأس الأسرة الحاكمة على السويد - لم يكن فى إبّان أمره إلا عاملاً صغيراً فى مصنع، وكان يُخيَّل إليه أثناء العمل أن هاتفاً يهتف فى أذنه بكلمة "ستكون ملكاً"، فطفق من حينه يعمل لتحقيق هذا الحلم حتى صار ملكاً.

وفى تاريخنا الإسلامى كان لكافور الإخشيدى صاحبان عبدان أسودان، فوجىء بهما إلى قطائع ابن طولون، صاحب الديار المصرية وقتئذ، ليباعا فى أسواقهما، فتمنى صاحبه أن يباع لطباخ حتى يملأ بطنه بما شاء، وتمنى كافور أن يملك هذه المدينة ليحكم وينهى ويأمر، وقد بلغ كل منهما مناه، فبيع صاحب كافور لطباخ، وبيع كافور لأحد قواد المصريين فأظهر كفاءة واقتداراً.

ولما مات مولى كافور قام مقامه، واشتهر بذكائه وكمال فطنته حتى صار رأس القواد وصاحب الكلمة عند الولاة، وما زال يجد ويجتهد حتى ملك مصر والشام والحرمين، ويُروى أنه مرّ يوماً بصاحبه فرآه عند الطباخ بحالة سيئة، فقال لمن معه: لقد قَعَدَتْ بهذا همته فصار كما ترون، وطارت بى همتى فصرتُ كما ترون، ولو جمعتنى وإياه همة واحدة لجمعنى وإياه عمل واحد".

إن الهمة والطموح والأمل والأمنيات والأحلام لا تكفى وحدها للترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وإنما ينبغى أن يتبع ذلك العمل والجد والاجتهاد، مع تقديم رؤية واضحة، وأهداف محددة، وخطة محكمة، وإرادة نافذة، ولا تنس الأساس الذى يقوم عليه ذلك كله من الدين والأخلاق والخبرة والسياسة والقبول من المجتمع، فهذه كلها أساسيات لا غنى عنها ولا مفر منها، ومن لم تتوفر فيه مثل هذه الصفات فهو صاحب أمنية لا خير فيها ولا أمل من ورائها، أو قل هى وَهْمٌ دافع، كما قال ابن عطاء الله السكندرى فى حِكَمِهِ: "ما قادك شىء مثل الوهم"، ويوضح أكثر فيقول:"الرجاء ما قارنه عمل وإلا فهو أمنية".
والشاعر يقول:
ولا تكن عبد المنى؛ فالمنى رءوس أموال المفاليس
وكم سيصبح عندنا من "مفاليس" عند التقدم بأوراق الترشح لرئاسة الجمهورية.







مشاركة




التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

عبداللطيف أحمد فؤاد

حقك الدستورى يا احمد

ويمكن الخير فيك والله اعلم

عدد الردود 0

بواسطة:

عبد المنعم

رئيس الجمهورية

عدد الردود 0

بواسطة:

حبيب

اخطاء اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة